الصداع النصفي الصامت.. صداع بلا ألم!
ما عُرِف الصداع إلّا بألم الرأس، لكن أن يكون الصداع خالياً من ألم الرأس، بل أن يكون صداعاً نصفياً صامتاً، لهو أمر غريب وغير مألوف، لكنه سُمّي صداعاً نصفياً أيضاً لوقوع الأعراض الأخرى، مثل الغثيان والدوار والحساسية تجاه الضوء، ومروره بنفس مراحل الصداع النصفي العادي. وما يُميّز ذلك الصداع الصامت أنّ الإنسان قد يُعاني من القلق أو الاكتئاب ضمن مجموع أعراضه. فكيف ترصد ذلك الصداع الصامت؟ وكيف تحمي نفسك منه؟
ما هو الصداع النصفي الصامت؟
نوع من الصداع النصفي دون ألمٍ على الحقيقة، وهو أكثر شيوعًا عند الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 50 عامًا، ويصحبه الأعراض الأخرى المقترنة بالصداع النصفي المعتاد، مثل الغثيان والدوار والحساسية تجاه الأضواء.
أعراض الصداع النصفي الصامت
لا يصحب الصداع النصفي الصامت ألم، لكنّه يشترك مع الصداع النصفي العادي مع بقية الأعراض حسب مرحلة الصداع نفسها، كما يتضح فيما يلي:
المرحلة الأولية (Prodrome phase)
هي أبكر مرحلة للصداع النصفي، وتبدأ قبل أيام قليلة أو ساعات من ظهور الأعراض الشديدة، ومن أعراضه:
- الاكتئاب.
- صعوبة التركيز.
- صعوبة التحدث أو القراءة.
- التعب والإرهاق.
- سرعة الانفعال.
- تيبُّس العضلات.
- الغثيان.
- الحساسية تجاه الضوء والصوت.
- اضطرابات النوم.
- الرغبة المُلحّة في التبول.
يُعانِي أغلب الناس هذه الأعراض في المراحل الباكرة، لكن لا يُشترط أن تحدث قبل كل نوبة صداعٍ نصفي.
مرحلة الأَورة (aura phase)
تُصِيب هذه المرحلة 25% من مرضى الصداع النصفي من أي نوعٍ كان، ومع ذلك فإنَّ 4% من المصابين بالصداع النصفي يُعانُون الأورة دون صداعٍ، حسب مؤسسة الصداع النصفي الأمريكية "American Migraine Foundation"، ومن أعراض تلك المرحلة:
- اضطرابات البصر، مثل ظهور الأضواء الساطعة أمام العينين، أو تغيُّم الرؤية، أو أي اضطراب بصري آخر.
- تنميل ووخز في بعض أجزاء الجسم.
- فقدان البصر مؤقتًا.
- صعوبة الكلام والتحدُّث.
- الدوار أو مشكلات التوازن.
- فقدان الوعي في بعض الحالات.
اقرأ أيضًا:هل تعرف "كوكتيل الصداع النصفي"؟.. إليك مكوناته وآثاره الجانبية
مرحلة الصداع (headache phase)
يُعانِي الناس عادةً ألمًا يستمر 4 - 72 ساعة خلال مرحلة الصداع، لكن ذلك لا يحدث في حالة الصداع النصفي الصامت، فهم أكثر عُرضةً للمعاناة من الأعراض الآتية:
- القلق أو الاكتئاب.
- صعوبة النوم.
- احتقان الأنف.
- الدوار.
- الغثيان.
- ألم وتيبُّس الرقبة.
- القيء.
- الحساسية تجاه الضوء أو الروائح أو الصوت.
مرحلة ما بعد الصداع (Postdrome phase)
ما يقرب من 80% من الأشخاص المُصابِين بصداع نصفي يُعانُون هذه المرحلة، وقد تستمر لمدة 24 - 48 ساعة، مصحوبة بالأعراض الآتية:
- آلام الجسم.
- صعوبة التركيز.
- الدوار.
- النشوة أو الاكتئاب.
- التعب والإرهاق.
أسبابه
لا يُوجَد سبب معروف للصداع النصفي، لكن قد تُسهِم العوامل الجينية والبيئية في حدوث ذلك الصداع، والصداع النصفي يحدث على الأرجح بسبب نشاط الدماغ غير الطبيعي، والذي يُؤثِّر بالأعصاب والأوعية الدموية.
كذلك قد ينتج الصداع النصفي عن تغيُّرات في المواد الكيميائية في الدماغ، مثل السيروتونين، فهو أحد العوامل المساهمة، خاصةً أنّ بعض أدوية الصداع النصفي تتعامل مع ذلك المُركَّب الكيميائي لتخفيف الصداع.
عوامل خطر الإصابة بالصداع النصفي الصامت
رغم عدم وضوح أسباب الصداع النصفي، إلّا إنّ هناك بعض العوامل التي قد تزيد خطر الإصابة به، سواء كان الصداع النصفي الصامت أم الأنواع الأخرى، ومن تلك العوامل:
- الجنس: الصداع النصفي عمومًا أكثر شيوعًا عند السيدات مقارنةً بالرجال، بسبب التقلبات الهرمونية، ومن المرجح أن يحدث الصداع النصفي أثناء الحمل وحول الحيض ومع انقطاع الطمث.
- العمر: تزداد فرص الإصابة بالصداع النصفي خلال مرحلة البلوغ، وتستمر في الارتفاع حتى سن 35 - 39 سنة.
- سبق الإصابة بصداع نصفي: نحو 38% من الذين يُعانُون الصداع النصفي مع الأورة، قد يُعانُون الصداع النصفي لاحقًا.
- التاريخ العائلي: إذا عانى أحد الوالدين صداعًا نصفيًا، فقد يزداد خطر إصابة الابن بصداعٍ نصفي بنسبة 40%، مقارنةً مع غيره من الناس، أمّا لو كان كلا الوالدين يُعانِيان صداعًا نصفيًا، فسيزداد خطر الإصابة بنسبة 75%.
اقرأ أيضًا:الصداع النصفي .. المسكنات ليست حلاًّ خطوات بسيطة للتخلص من الألم
مُحفِّزات الصداع النصفي الصامت
قد يحدث الصداع النصفي الصامت مع وجود بعض المُحفِّزات، التي هي نفس مُحفِّزات الصداع النصفي المُعتاد، مثل:
- بعض الأطعمة، مثل الشوكولاتة والمُحلّيات الصناعية، أو بعض المشروبات، مثل القهوة والكحول.
- الجفاف أو تفويت بعض الوجبات على مدار اليوم.
- بعض العوامل البيئية، مثل الأضواء أو الروائح أو الأصوات، أو تغيُّرات الطقس.
- التوتر.
- عدم الحصول على قسطٍ كافٍ من النوم.
- الهرمونات.
- بعض الأدوية، بما في ذلك الإفراط في تناول الأدوية المُسكِّنة للصداع.
تشخيص الصداع النصفي الصامت
من الصعب تشخيص الصداع النصفي الصامت، خاصةً أنَّ المريض لا يُعانِي ألم الرأس المُعتاد، ومِنْ ثَمّ يحتاج الطبيب إلى استخدام اختبارات مختلفة لاستبعاد الأمراض الأخرى التي قد تُسبِّب نفس الأعراض، فقد يطلب بعض الاختبارات، مثل:
- اختبارات الدم.
- اختبارات تصويرية، مثل التصوير بالرنين المغناطيسي أو التصوير المقطعي المحوسب لرؤية ما بداخل الرأس أو الرقبة ورصد أي مشكلةٍ أخرى قد تكون السبب وراء الأعراض.
ومن الشائع أن يُشخَّص المريض بالصرع خطأً، لأنَّ الأعراض التي يُصاب في أثناء نوبة الصداع النصفي ونتائج الفحص العصبي قد تكون مشابهة للصرع كثيرًا، كما قد يُشخّص خطأً أيضًا على أنَه سكتة دماغية أو نوبة إقفارية عابرة.
علاج الصداع النصفي الصامت
لا يُوجد علاج محدد للصداع النصفي الصامت، وهناك حاجة إلى مزيدٍ من الأبحاث لوضع نهجٍ علاجيٍ مُحدَّد له، ومع ذلك فقد تُساعِد بعض الوسائل في التغلب على ذلك الصداع الصامت، مثل:
- أدوية الصداع النصفي- مثل مضادات الالتهاب غير الستيرويدية أو أدوية التريبتان- فقد لا تعمل بسرعة كافية لعلاج أعراض الصداع النصفي في مرحلة الأَورة، لكنّها فعّالة في التغلّب على بعض الأعراض، مثل الغثيان والدوار.
- حاصرات قنوات الكالسيوم، مثل فيراباميل، وهي نوع من الأدوية، تُساعِد المرضى الذين يُعانُون نوبات متكررة من الصداع النصفي أو شديدة، كما تُساعِد في الوقاية من نوبات الصداع النصفي الصامت.
الوقاية
الوقاية أهم من علاج الصداع النصفي الصامت، فمن خلالها لا يُعانِي المريض أي أعراضٍ، وذلك قد يكون من خلال بعض الأدوية، مثل مضادات الاكتئاب، أو معرفة ما يُحفِّز نوبات الصداع النصفي لديك، مثل الجوع أو شم بعض الروائح أو العلاقة الحميمية أو غيرها، وتجنُّب ما يُحفِّز ذلك الصداع.
كذلك هناك أدوية جديدة لمنع الصداع النصفي سواء كان مصحوبًا بمرحلة الأورة أم لا مثل الأدوية المضادة للببتيد المرتبط بجينات الكالسيتونين (anti-CGRP)، مثل زافزبرت، لكنّ هذه الأدوية لم تُدرَس بعد على الأشخاص المُصابِين بالصداع النصفي الصامت.