هل للصداع النصفي علاقة بتغيرات الطقس؟ وما سبل الوقاية؟
ربط قدرٌ لا بأس به من الدراسات بين تغيرات الطقس والصداع النصفي، فقد ازدادت نوبات الصداع النصفي لدى بعض الأفراد في الطقس الرطب والحار، وكذلك عانى غيرهم من صداعٍ نصفي في البيئة المتربة، فإِنْ كان للطقس دورٌ في ذلك الصداع، فلا بُدَّ من معرفته؛ للتعامل بأنسب طريقةٍ مع الصداع النصفي، والذي يعسر الوصول إلى سببٍ مباشرٍ له.
تغيرات الطقس والصداع النصفي
اختلطت نتائج الأبحاث المُتعلِّقة بالصداع النصفي وتغيرات الطقس؛ إذ من الصعب دراسة الرابط بينهما، كما أنَّ استجابة كل شخص مختلفة تجاه تغيرات الطقس، وأحيانًا قد تُؤثِّر عوامل أخرى غير الجو في ظهور الصداع النصفي.
الرطوبة
قد يكون هناك رابطٌ بين الرطوبة، والحرارة، والصداع النصفي، ومع أنَّ ذلك غير ثابت، لكن يبدو أنَّ زيادة الرطوبة وارتفاع درجة الحرارة يُطلِقان شرارة الصداع النصفي، وربَّما يكون التغيُّر المفاجئ في أي منهما.
نشر موقع "healthline" دراسةً أُجريت عام 2017 في المجلة الدولية للأرصاد الجوية الحيوية، تكشف عن زيادة المرضى الآتين لأقسام الطوارئ، مُصابِين بصداعٍ نصفي خلال الأيام ذات الرطوبة والحرارة المرتفعة، كما ركزت على تراجع أعدادهم في الأيام الباردة، أو الجافة.
وأكَّد ذلك دراسة سابقة أيضًا بزيادة أعداد مُصابِي الصداع النصفي في الأيام الحارة، ويُعتقَد عمومًا بزيادة فرص الإصابة بالصداع النصفي في ذلك الطقس؛ نتيجة الجفاف، ومِنْ ثَمَّ يُنصَح دومًا خلال فصل الصيف بشرب كميات مناسبة من الماء على مدار اليوم.
درجات الحرارة
أشارت دراسةٌ عام 2015 إلى أنَّ الاستجابة لدرجة الحرارة قد تكون من العوامل المُحفِّزة للصداع النصفي، فتبيَّن خلال ذات الدراسة أنَّ الأشخاص الحساسين تجاه درجات الحرارة، زادت نوبات الصداع النصفي لديهم خلال الشتاء.
وعلى النقيض، فإنَّ غير الحساسين لدرجات الحرارة، زادت مُعدَّلات إصابتهم بنوبات الصداع النصفي خلال الصيف، لكن بدرجةٍ أقل من الصنف السابق من الناس.
لكن في دراسةٍ أحدث عام 2020، لم تكن هناك علاقة بين الطقس الحار أو البارد والصداع النصفي، ومِنْ ثَمَّ ما زالت هناك حاجةٌ إلى مزيدٍ من الأبحاث لتأكيد المسألة.
اقرأ أيضًا: أنواع صداع الرأس وعلاجه.. كيف تفرق بينها؟
العواصف
لا تُوجَد دراساتٌ كثيرة تربط بين العواصف والصداع النصفي، وقد يكون الصداع النصفي الناجم عن العواصف مُرتبط أساسًا بتغيُّرات الضغط الجوي؛ إذ انخفاض الضغط الجوي يُمهِّد لعاصفةٍ قادمة، وقد وُجِد ارتباطٌ حينها مع الصداع النصفي وفقًا لدراسةٍ صغيرة أُجريت عام 2015.
الجفاف
كذلك تضاربت التقارير الطبية حول تأثير الطقس الجاف على الصداع النصفي؛ ووفقًا لمؤسسة الصداع النصفي الأمريكية، فإنَّ الطقس الجاف والبارد من أسباب الجفاف، المُؤدِّي أحيانًا إلى صداعٍ نصفي.
وعلى الجانب الآخر، بيَّنت دراسةٌ ثانية أنَّ الرطوبة العالية في الطقس الدافئ، تزداد معها فرص الإصابة بالصداع النصفي، ما يجعل الأمور غير واضحة بعد بشأن الطقس الجاف، وتسبُّبه في الصداع النصفي.
البيئة المتربة
ليست البيئة المتربة على وجه التحديد بل الحساسية؛ إذ ذكر موقع "healthline"، أنَّ الأشخاص الذين يُعانُون حساسيةً تجاه بعض العناصر بما فيها التراب، تكرَّرت إصابتهم بالصداع النصفي.
وبيَّنت دراسةٌ أخرى أنَّ الصداع النصفي مُرتبط أحيانًا بالتهاب الأنف التحسسي، وهو نوعٌ من رد فعل الأنف، أو الجزء العلوي من الجهاز التنفسي تجاه المواد المُسبِّبة للحساسية؛ لذا فإنْ اجتمعت البيئة المتربة مع إنسانٍ مُصابٍ بحساسية، فثَمَّة صداع نصفي مُحتمَل.
الرياح
لا تُوجَد دراسات كثيرة مؤخرًا حول علاقة الرياح بالصداع النصفي، لكن ذلك لا يمنع إصابة بعض الناس أحيانًا بصداعٍ نصفي قبل قدوم الرياح.
عوامل بيئية أخرى مُنشِّطة للصداع النصفي
بجانب الطقس، فإنَّ الصداع النصفي قد ينجم عن عوامل بيئية مختلفة كالضوء الساطع، أو التدخين، أو المرتفعات، وتفصيل ذلك ما يلي:
1- الأضواء
ربَّما تقف طويلًا تحت ضوء الشمس، وفجأة ينتابك صداع نصفي يُعكِّر عليك صفو مزاجك بقية اليوم، فالضوء الباهر من مُحفِّزات الصداع النصفي قطعًا.
ذكر الباحثون أنَّ ضوء الشمس يمر عبر شبكية العين والعصب البصري، ويُحفِّز خلايا عصبية حساسة في المخ، بينما أشارت نظريةٌ أخرى إلى أنَّ الأشعة فوق البنفسجية القادمة من الشمس، تُطلِق مواد كيميائية مُوسِّعة للأوعية الدموية الدماغية، ومِنْ ثَمَّ يبدأ الصداع النصفي.
اقرأ أيضًا: الصداع النصفي ألم لا يحتمل.. تعرف على أسبابه وطرق علاجه
2- التدخين
التدخين، أو التعرُّض للمدخنين من مُحفِّزات الصداع النصفي، وإِنْ كان الرابط بينهما ليس واضحًا بعد، فإنَّ تدخين أكثر من 6 سجائر في اليوم الواحد، يزيد عدد مرات نوبات الصداع النصفي.
كما يُضيِّق النيكوتين الموجود في السجائر، الأوعية الدموية، ما يُضعِف تدفُّق الدم إلى المخ، ويُسهِم في تنشيط الصداع النصفي.
3- المرتفعات
كشفت دراساتٌ عن ارتباط الصداع النصفي بالتواجد في أماكن مرتفعة عن سطح الأرض، ولكن نبذت ذات الدراسات أن يكون الارتفاع عن سطح الأرض، ونقص الأكسجين سببًا للصداع، رغم عدم وجود تفسيرٍ آخر منطقي للصداع النصفي، المُصاحِب للمعيشة في أماكن مرتفعة.
العلاج
لا يختلف علاج الصداع النصفي المُصاحِب لتغيُّر الطقس عن غيره من أنواع الصداع النصفي الأخرى؛ لذا يُمكِن تناول الأدوية الآتية وفق المشورة الطبية:
- مضادات الالتهاب غير الستيرويدية، مثل: إيبوبروفين.
- أدوية التريبتان، مثل: سوماتريبتان.
وينبغي الحذر من الإفراط في تناول الأدوية، أو الاستمرار عليها لفتراتٍ طويلة، وإلَّا سبَّبت صداعًا هي كذلك، فلا يُنصَح بتناول مضادات الالتهاب غير الستيرويدية أكثر من 14 يومًا في الشهر، وكذلك لا يتخطَّى تناول أدوية التريبتان أكثر من 9 أيام في الشهر، وفقًا لمؤسسة الصداع النصفي الأمريكية.
طرق الوقاية من الصداع النصفي المرتبط بتقلبات الجو
قد تتجنَّب الأشياء المُثِيرة للصداع النصفي سواء كان مطعومًا، أو مشروبًا، أو دخان سجائر حتى، لكن أين يُمكِنك تجنُّب تغيُّر الجو؟
ربَّما يُساعِدك الانتقال إلى مكانٍ آخر غير الذي تتواجد فيه أثناء الإصابة بصداعٍ نصفي، لكن لا يبدو ذلك حلًا لجميع الناس؛ لذا ما يسعك فعله هو تجنُّب العوامل الأخرى المُحفِّزة للصداع النصفي حال تغيُّر الطقس، ومِنْ ذلك:
- النوم في مواعيد منتظمة، والحصول على قسطٍ وافرٍ من النوم.
- عدم تفويت وجبات الطعام وتناول الطعام الصحي.
- شرب كميات مناسبة من الماء باستمرار؛ تفاديًا للجفاف.