ما هي التوقعات للاقتصاد العالمي لعام ٢٠٢١
عام ٢٠٢٠ هو الأسوأ في تاريخ الاقتصاد العالمي منذ الحرب العالمية الثانية. بدأ العام بذعر متزايد ناجم عن أزمة المناخ العالمية، وسرعان ما أعقب ذلك صدمات متتالية ومتعددة نتيجة انهيار أسعار النفط ثم حلت علينا جائحة كورونا ناهيك عن الحروب والنزاعات والهجمات الإرهابية في عدد كبير من دول العالم.
صندوق النقد الدولي اعتبر الأزمة الحالية أسوأ أزمة منذ الكساد الكبير وأكد بأن الخروج من المأزق الحالي يتطلب سياسات مبتكرة على المستويات الوطنية والدولية.
ولكن وبرغم كل الصورة السوداوية هذه إلا أن التوقعات الاقتصادية للعام ٢٠٢١ توفر مساحة لأمل بغد أفضل. ولكن قبل الغوص في التوقعات الاقتصادية للعام الجديد سنستعرض الخسائر العالمية في عام ٢٠٢٠.
خسائر عام ٢٠٢٠
جميع القطاعات من دون إستثناء منيت بخسائر هائلة، من قطاع السياحة الى قطاع الطيران فالقطاعات التجارية والتعليمية وغيرها. التقديرات تشير الى خسائر تقدر بـ ٧ تريليون دولار خلال العام ٢٠٢٠ مع خسارة ٢،٤٪ من الناتج المحلي لأغلب إقتصادات العالم.
كما قدر انكماش الاقتصاد بنسبة ٤٪ بالإضافة إلى تراجع حجم التجارة العالمية ٢٠٪ وتراجع الاستثمارات الأجنبية المباشرة بنسبة ٤٠٪. الواقع هذا أدى إلى هبوط حجم التحويلات بمقدار ١٠٠ مليار دولار.
بعض التقديرات أشارت إلى خسائر ما بين ٥،٨٠ و٨،٨٠ تريليون دولار من حيث الناتج القومي للدول وذلك بسبب ارتفاع نسب البطالة حول العالم.
فوفق منظمة العمل الدولية فإن واحدا من كل ستة أشخاص بات عاطلاً عن العمل خلال عام ٢٠٢٠ مقابل تقلص ساعات العمل للذين ما زالوا يملكون وظائفهم بنسبة ٢٣٪ وبالتالي تقلص رواتبهم أيضاً.
صندوق النقد توقع تدهور الأحوال المعيشية لقرابة ٩٠ مليون شخص مع نهاية العام الحالي لتصل إلى مستوى الحرمان الشديد.
النمو العالمي في العام ٢٠٢٠ بلغ -٤.٤٪ وفق صندوق النقد وهو انكماش أقل حدة من التوقعات وذلك لأن الاقتصادات وخصوصاً في الدول المتقدمة استعادت نشاطها وكانت نتائج إجمالي الناتج المحلي أفضل من المتوقع.
التوقعات الاقتصادية لعام ٢٠٢١
الضبابية المتعلقة بانتشار فيروس كورونا بالإضافة الى التداعيات الاقتصادية القصيرة والطويلة الأجل ستواصل الضغط على الماليات العامة العالمية في عام ٢٠٢١. وبرغم أن التوقعات حالياً باتت أكثر تفاؤلاً مع ظهور لقاحات للفيروس فإن المخاوف ما تزال تفرض نفسها.
انتعاش مدعوم باللقاح
وفق التوقعات فإن انتعاش الناتج المحلي الإجمالي العالمي سيتعزز اعتباراً من منتصف ٢٠٢١. حالياً نعيش فترة من الإيجابية إذ شهدت أسواق المال العالمية نشاطاً مع الإعلان عن اللقاحات وقفزت مؤشرات البورصات وأسعار الأسهم والنفط وأسواق السلع بمعدلات لم تشهدها منذ مدة.
من المتوقع أن يفتح اللقاح الباب أمام إعادة النشاط للاقتصاد العالمي واستعادة القطاعات الأكثر تضرراً لنشاطها وفي مقدمتها النفط والوقود والطيران والسياحة والسفر والصناعة والصادرات الخارجية وسوق العمل والقروض المصرفية.
ولكن الانتعاش المتوقع يرتبط بآلية توزيع اللقاح وسرعة توفيره للسكان حول العالم.
فوفق عدد من الخبراء التعافي سيكون أقوى في حال تم توفير اللقاحات بأعداد كبيرة بسرعة لأن هذا سيخفض من معدلات عدم اليقين وبالتالي ستتمكن الاقتصادات من استعادة زخمها.
التعافي برغم اللقاح لن يكون بالمعدل نفسه في مختلف الدول، فالتوقعات تشير إلى أن الدول الآسيوية ستشهد على أعلى معدلات للتعافي، بينما الدول الأوروبية وأمريكا ستعاني وذلك لأنها ما تزال لم تتمكن من احتواء الفيروس بأي شكل من الأشكال.
توقعات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية
المنظمة توقعت نمو الاقتصاد العالمي بنسبة ٤،٢٪ في العام ٢٠٢١. المنظمة التي تضم أكبر ٣٠ اقتصاداً في العالم توقعت بأن النشاط سيظل مقيداً بالتباعد الاجتماعي والحدود المغلقة جزئياً خلال النصف الأول من عام ٢٠٢١ ما سيؤثر بشكل سلبي على التعافي الاقتصادي.
وتشير التوقعات إلى أن الإقتصاد العالمي سيكتسب زخماً تدريجياً حين يتم توفير اللقاحات لجميع الدول خلال عام ٢٠٢١.
وعليه فإن النمو بنسبة ٤،٢٪ مرتبط وبشكل مباشر بتوفر اللقاحات وفي حال سارت الأمور كما يجب فإنه من المتوقع أن تكون حصة الصين في النمو ثلث المعدل. بيد أن النمو سيكون متفاوتاً بين البلدان ما قد يؤدي إلى تغييرات دائمة في الاقتصاد الدولي.
توقعات فيتش للتصنيف الائتماني للاقتصادات الكبرى
وكالة فيتش للتصنيف الائتماني أعلنت أنها تستبعد قيامها برفع التصنيف الائتماني لأي من الاقتصادات الكبيرة في عام ٢٠٢١. الواقع هذا يأتي برغم التوقعات الإيجابية لاقتصادات الدول مع الإعلان عن اللقاحات.
الوكالة أشارت إلى أن اقتصاد أمريكا اللاتينية والشرق الأوسط وأفريقيا أبدي أعلى مستويات التعرض لمزيد من التحرك السلبي في عام ٢٠٢١ مع استثناء لدولتين وهما ساحل العاج ونيوزيلندا اللتين تملكان نظرة مستقبلية إيجابية.
توقعات «ماكنزي» لقطاع المصارف
في السياق نفسه ووفق تقرير لماكنزي أند كو للاستشارات فإن معظم البنوك في مختلف أنحاء العالم ستواجه ٤ سنوات من انخفاض الأرباح.
فبحلول عام ٢٠٢٤ ستتطلب الجائحة ٢،٧ تريليون دولار مخصصات نفقات لخسائر القروض وستفقد ٣،٧ تريليون من الإيرادات بسبب تحديات الاقتصاد واستمرار انخفاض الفائدة.
ووفق الشركة فإنه من المتوقع أن يتراجع العائد على حقوق الملكية والذي هو مقاس للربحية على مستوى العالم إلى ١،٥ عام ٢٠٢١ بعد أن كان ٨،٩٪ في عام ٢٠١٩.
الشركة توقعت بأن معظم الشركات لن تتمكن من استعادة الربحية قبل ٥ سنوات على الأقل ما لم تحسن إنتاجيتها وإدارتها لرأس المال.
التوقعات لأسعار النفط
التوقعات لأسعار النفط كانت إيجابية حتى قبل الأنباء عن تطوير اللقاحات إذ أشارت التقاير إلى أن متوسط أسعار خام برنت سيبلغ ٤٩،٧٦ دولار للبرميل في عام ٢٠٢١.
وبرغم أن الصورة العامة تبدو أكثر إيجابية مع ظهور اللقاح ولكن الوكالة الدولية للطاقة إستبعدت ظهور التأثير الإيجابي للقاح سريعاً وأن يؤدي ذلك الى إرتفاع الطلب والأسعار في النصف الأول من عام ٢٠٢١.
وتيرة التعافي وعودة مستويات الطلب العادية وانخفاض المخزون وارتفاع الأسعار، ترتبط إلى حد كبير بتوفر اللقاحات الآمنة والفعالة لعدد كبير من الناس.
التوقعات لسوق العمل ومعدلات البطالة
برغم التوقعات الإيجابية فإن منظمة العمل الدولية تتوقع صورة سلبية للعام الجديد خصوصاً فيما يتعلق بمعدلات البطالة.
وفق المنظمة فإن معدل البطالة سيرتفع إلى ٥،٥٪ في عام ٢٠٢١، كما أن ٤٧٠ مليون شخص من الذين ما زالوا في وظائفهم يتلقون أجراً غير كافٍ.
من جهتها توقعت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أن تؤدي الموجة الثانية من فيروس كورونا التي تختبرها بعض الدول حالياً في الوقت الذي ما تزال دول أخرى تصارع الموجة الأولى أن تؤدي بشكل «مبدئي» الى رفع أعداد العاطلين عن العمل إلى ٨٠ مليونا في الدول المتقدمة.
التوقعات لاقتصادات الدول العربية
وفق التوقعات فإن الإقتصاد العربي سيشهد تعافيا متفاوتا بين دولة وأخرى. وفق التقارير الاقتصادية من المتوقع أن يشهد اقتصاد دبي نمواً في عام ٢٠٢١ بدعم الأنشطة والمشاريع المرتبطة بمعرض «إكسبو».
وتوقعت «فيتش سوليوشنز» نمو ٣،٨٪ في اقتصاد دبي ٢٠٢١ بدعم الأعمال والاستعدادات لأكسبو فيما توقع تقرير انتعاش اقتصادات دول مجلس التعاون عام ٢٠٢١.
التوقعات الإيجابية تطال العراق أيضاً الذي من المتوقع أن يتعافى اقتصاده بنسبة ٧،٢٪ بعد انخفاض ٤،٢٪ في عام ٢٠٢٠، بالإضافة إلى الجزائر إذ توقع صندوق النقد الدولي نمواً بنسبة ٦،٢٪ في عام ٢٠٢١ بالإضافة الى الاقتصاد السعودي الذي من المتوقع أن ينمو بنسبة ٣٪ مقابل ٢،٨٪ لمصر.