كيف تستخدم البحوث الأولية في بحث السوق؟
يعتبر بحث السوق هو الوسيلة التي يمكن من خلالها للشركات اختبار وتأكيد الفرضيات التي تملكها بشأن مشروع جديد ترغب في تنفيذه، أو منتج جديد ترغب في إطلاقه. يقسّم بحث السوق إلى نوعين رئيسين: البحوث الأولية، والبحوث الثانوية.
تعرّف البحوث الأولية على أنّها الطرق التي تستخدمها الشركات لجمع البيانات بصورة مباشرة، بدلًا من الاعتماد على البيانات التي جمعت من بحوث وبيانات سابقة وهي التي تتمثل في البحوث الثانوية.
في البحوث الأولية فإنّ الشركة تتحكم في النتائج التي تحصل عليها من البحث، لأنّها تضع القواعد الخاصة بها لتنفيذ بحث السوق بالطريقة التي تناسبها.
أنواع البحوث الأولية
يمكن للشركات إجراء البحوث الأولية من خلال موظفيها، أو بالاستعانة بطرف ثالث لتأدية المهمة بدلًا منها. سواءً تم الاعتماد على الشركة نفسها أو على طرف آخر، فمن المهم التركيز على جمع البيانات طبقًا لهدف محدد مسبقًا تسعى الشركة للتأكد منه وتقييمه. من أشهر الطرق المستخدمة في البحوث الأولية هي الأنواع الأربعة التالية:
1- المقابلات الشخصية: تُجرى المقابلات الشخصية باللقاء مع الأفراد وجهًا لوجه أو عبر الهاتف، ويعتمد نجاح هذه الطريقة على اختيار الأسئلة المناسبة لطرحها على المتلقي ومدى تفاعله معها للإجابة عليها. يمكن الحصول منها على إجابات دقيقة، نظرًا لكونها تدور حول شخص واحد فقط.
الجمعة البيضاء فرص ذهبية أم خدعة صدقها الجميع.. دراسة تكشف الأمر
ولكن كنتيجة لهذا الأمر فإنّها تستغرق الكثير من الوقت، ولا تمكن الشركة من الوصول إلى عدد كبير من الأفراد، كما أنّ إجراء المقابلات الشخصية قد يكلّف الشركة الكثير من الأموال، لذا يمكن استخدام هذه الطريقة بشكل محدود ومكثف أكثر، مثل الاكتفاء بإجراء المقابلات مع الخبراء الذين يمكن الاستفادة من إجاباتهم في البحث.
2- المجموعات المركّزة: تعتمد طريقة المجموعات المركّزة على اللقاء بعدد محدد من الأفراد، وتوجيه مجموعة من الأسئلة لهم، يمكن من خلال اللقاء مع مجموعة من العملاء المحتملين، ومحاولة فهم الاحتياجات الخاصة بهم.
يتطلب الأمر وجود ميسّر يمكنه تنظيم اللقاء وطرح الأسئلة وتوجيه الحوار نحو جمع أكبر عدد ممكن من الإجابات المفيدة. وبالتالي فنجاحها يعتمد بالأساس على قوة الميسر وقدرته على إدارة اللقاء والتحكم في سير النقاش بين الأفراد في المجموعة.
3- الاستبيانات: من أكثر الأنواع المستخدمة في بحث السوق، وذلك لسهولة تنظيمها على الإنترنت ونشرها على منصات التواصل الاجتماعي والوصول لأكبر عدد ممكن من الأفراد. من الميزات في الاستبيانات أنّها ليست مكلفة على الشركة، فيمكن إنشائها ونشرها بصورة مجانية على الإنترنت.
4- الملاحظة: من أفضل الطرق في البحوث الأولية، حيث تعتمد على الملاحظة المباشرة لسلوكيات العملاء ومحاولة فهمها من خلال مراقبة أفعالهم، مثل الذهاب إلى المحلات التجارية ومتابعة ما يحدث. تعتبر من الطرق التي تعطي معلومات صادقة، لأنّ العميل يتصرف على طبيعته بسبب عدم علمه بوجود من يراقبه، وبالتالي يمكن للشركة الحصول على بيانات دقيقة.
يمكن تنفيذ طريقة الملاحظة بصورة مباشرة من خلال القائمين على تنفيذ المشروع، أو الاستعانة بالشركات المتخصصة في هذا النوع من الطرق، حيث يكون لديهم أفراد مدربون على تنفيذ الملاحظة، فينفذون الفكرة باستخدام بعض النصوص المجهزة، والتي تساهم في جمع الملاحظات المطلوبة.
مميزات البحوث الأولية
1- تساعد البحوث الأولية على الحصول على بيانات دقيقة عن أي موضوع، لأنّ الإجابات والملاحظات التي يشارك بها الأفراد ترتبط بشكل مباشر مع غرض البحث، فكل سؤال يُطرح في المقابلات أو في المجموعات المركزة أو في الاستبيانات، فهو يساعد على تحقيق الهدف النهائي للبحث.
2- إمكانية التحكم في البيانات التي تُجمع في البحوث الأولية، وذلك لأنّ الشركة تحدد الطرق والآليات المستخدمة، وتقرر أيها الأنسب للوضع الحالي، وتضع نظامًا لمتابعتها جيدًا، ومن ثم في النهاية تفكّر في كيفية الاستفادة من المعلومات.
3- أنت تملك البيانات في البحوث الأولية، وهذا يعطيك الضمان للاستفادة منها بالشكل الذي تريده، بعكس الشركات التي تستخدم البحوث الثانوية فقط، حيث تعتمد على بيانات غير مملوكة لها، ولا يمكنها التأكد من مدى دقتها ولا ظروف جمعها.
عيوب البحوث الأولية
1- العيب الرئيس للبحوث الأولية هو كون تكلفة إجرائها كبيرة في بعض الطرق، مثل المقابلات والمجموعات المركّزة، حيث تضطر الشركات في الأغلب لدفع مقابل مادي للمشتركين في هذه الوسائل، وهو ما يكون صعبًا بالنسبة لبعض الشركات التي ما زالت تبحث أفكارها ولم تبدأ العمل بعد.
2- يستغرق إجراء البحوث الأولية وقتًا طويلًا، حيث كل طريقة تستخدم في البحث تحتاج إلى وقت للتحضير والتنفيذ، كما يكون هناك وقت كبير أيضًا من أجل جمع البيانات وتقييمها وتنظيمها معًا، حتى يكون من الممكن الاستفادة منها في اتّخاذ القرارات.
3- في بعض الأحيان لا يمكن الاكتفاء بطريقة واحدة في البحوث الأولية، وهذا يتطلب استخدام أكثر من طريقة في الوقت ذاته، مما يعني إمكانية زيادة التكلفة والوقت المطلوب لتنفيذ البحث.
كيف يمكن تطبيق البحوث الأولية في بحث السوق؟
1- تحديد الغرض من البحث: من المهم دائمًا تحديد الغرض الرئيسي من بحث السوق، لأنّه سيساعد على تطبيق البحوث الأولية بالجودة المطلوبة. قد يكون الغرض هو محاولة الإجابة على سؤال معين، أو اختبار فرضية محددة موجودة لمعرفة مدى صحتها.
تحديد الغرض يعتبر هو المحرّك الرئيسي لجميع الخطوات التالية من عملية بحث السوق، لأنّه يوفّر الاتّجاه المناسب الذي يجب السير فيه خلال البحث. ويجب أن يكون هذا الغرض واضحًا للجميع، لا سيّما عند الاعتماد على مؤسسات خارجية من أجل تنفيذ البحث.
2- تحديد الوسائل المناسبة: بناءً على غرض البحث، ما هي الوسائل المناسبة التي يجب استخدامها من البحوث الأولية؟ بالطبع من المفيد دائمًا استخدام جميع الوسائل، لكن هناك عوامل تتحكم في هذا الأمر، مثل الميزانية المتوفرة وطبيعة الجمهور وكذلك الوقت.
بالتالي تكون هناك أولوية لوسائل بعينها، فمثلًا في القرى النائية لا يمكن الاعتماد على الاستبيانات التي تنفّذ أونلاين، لأنّها لا تناسب الفئة المستهدفة. لذا بعد تحليل جميع العناصر التي تؤثر على البحث، يمكنك تحديد الطرق الأكثر ملاءمة وتنفيذها في الواقع.
3- كتابة التقرير النهائي: يجب ألا يقتصر بحث السوق على البحوث الأولية فقط، بل من المهم تضمين البحوث الثانوية، التي تتمثل في التقارير والبيانات الموجودة مسبقًا. الدمج بين النوعين في بحث السوق يؤدي إلى تعزيز الفائدة، وتوفير معلومات إضافية.
بعد الانتهاء من إجراء البحوث الأولية، وكذلك استخدام البحوث الثانوية، يمكن البدء في جمع النتائج معًا، ووضعها في التقرير النهائي. يجب أن يتضمن هذا التقرير تحويل البيانات إلى توصيات وقرارات يمكن تنفيذها في الواقع بالفعل.
لا بديل عن استخدام البحوث الأولية كجزء رئيسي من عملية بحث السوق، وذلك لأنّها المصدر الذي يساعد الشركات في الوصول إلى البيانات في أدق صورة لها، وهي الفائدة التي لا يعوّضها أي شيء آخر. فالبيانات الدقيقة هي كنز حقيقي للشركات، يمكنه مساعدتها في اتّخاذ القرارات الصحيحة، وإنشاء عمل تجاري قادر على تحقيق الربح والاستمرارية، لأنّه يحقق احتياجات حقيقية للعملاء، بناءً على معرفة من الواقع لا مجرد افتراضات.
المصادر: