لماذا تزداد نزلات البرد في الشتاء؟ إليك الأسباب العلمية
تزداد حالات الإصابة بعدوى الجهاز التنفسي، مثل نزلات البرد الشائعة، في المناطق المعتدلة خلال فصل الشتاء. ورغم أن الطقس البارد لا يسبب العدوى بشكل مباشر، تشير الأبحاث إلى أن برودة الطقس قد تجعل الأفراد أكثر عرضة للإصابة بهذه العدوى.
وفي هذا السياق، كشف تقرير نشره موقع "لايف ساينس" عن تفسيرات علمية تبرز السبب وراء هذه الزيادة في الإصابات.
انتقال الفيروسات في الطقس البارد
وأحد التفسيرات الرئيسية لارتفاع الإصابات بنزلات البرد في الشتاء يرتبط بطريقة انتقال الفيروسات بين الأشخاص، حيث تنتقل الفيروسات المسببة لنزلات البرد والإنفلونزا عبر الرذاذ في الهواء، الذي يتم إطلاقه عند العطس أو السعال أو حتى التحدث من قبل الأشخاص المصابين.
كما يمكن أن تنتقل العدوى عبر الأسطح الملوثة عندما يلمس الأشخاص تلك الأسطح ثم يلمسون وجوههم.
وفي فصل الشتاء، يقضي الناس عادة وقتًا أطول في الأماكن المغلقة، مما يزيد من فرص التواجد بالقرب من الأشخاص الآخرين في بيئات سيئة التهوية، وهو ما يعزز من انتشار الفيروسات بين الأفراد.
اقرأ أيضًا: احذر.. نمط للنوم يزيد خطر الإصابة بأمراض القلب
التغيرات البيولوجية في الطقس البارد
وإلى جانب العوامل السلوكية، أظهرت الأبحاث أن هناك آليات بيولوجية تتأثر بالطقس البارد وتزيد من احتمالية الإصابة بعدوى الجهاز التنفسي، وتمثل الخلايا التي تبطن الأنف خط الدفاع الأول ضد الفيروسات المستنشقة، حيث تفرز هذه الخلايا سائلاً يساعد على التخلص من الجسيمات الفيروسية.
ووفقًا للدكتور بنيامين بليير، مدير جراحة قاعدة الجمجمة بالمنظار في مركز ماساتشوستس للعين والأذن، فإن هذه الخلايا تفرز أكياسًا صغيرة مملوءة بالسوائل تسمى الحويصلات خارج الخلية، التي تحتوي على جزيئات microRNA تمنع الفيروسات من التكاثر في الجسم.
ومع ذلك، هذه الآلية الطبيعية تتأثر في الطقس البارد، كما يوضح الدكتور بليير، فعندما يتعرض الأنف لدرجات حرارة منخفضة، مثلما يحدث عند الخروج في الطقس البارد، تنخفض درجة الحرارة داخل الأنف من 37 إلى 32 درجة مئوية، ما يؤدي إلى تسهيل تكاثر الفيروسات التنفسية.
أهمية ارتداء الأقنعة في الطقس البارد
وفي هذا السياق، أشار الدكتور بليير إلى أن ارتداء الأقنعة يمكن أن يكون مفيدًا للحد من الإصابة بالفيروسات، إذ تساعد الأقنعة على تقليل كمية الفيروسات التي تدخل الأنف وتوفر وسادة من الهواء الدافئ، ما يساعد على الحفاظ على وظيفة الخلايا الأنفية بشكل أفضل.
الرطوبة وأثرها على الجهاز التنفسي
وبالإضافة إلى البرودة، يؤثر جفاف الهواء في فصل الشتاء على كيفية استجابة الجسم للفيروسات، إذ يميل الهواء داخل المنازل إلى أن يكون أكثر جفافًا خلال هذا الموسم.
وأكدت الدكتورة أكيكو إيواساكي، أستاذة علم المناعة في جامعة ييل، أن الهواء البارد الذي يدخل من الخارج ويتم تسخينه داخل المنازل يحتوي على بخار ماء قليل جدًا، حيث أظهرت الدراسات السابقة أن انخفاض الرطوبة يزيد من الوفيات بسبب الإنفلونزا في الولايات المتحدة.
اقرأ أيضًا: احذر.. علامات تدل على واحد من أخطر الأمراض النفسية
وفي دراسة نشرتها دكتورة إيواساكي وفريقها في 2019، تبين أن الفئران التي عاشت في بيئة جافة بنسبة رطوبة تتراوح بين 10% و20% كانت أقل قدرة على مكافحة عدوى الإنفلونزا مقارنة بالفئران التي عاشت في بيئة رطبة "50% رطوبة نسبية"، حيث كان الهواء الجاف يسبب اضطرابًا في الخلايا الأنفية.
دور الأهداب في الدفاع المناعي
ويتمثل أحد الآثار السلبية للرطوبة المنخفضة في تأثيرها على الأهداب، وهي الشعيرات الصغيرة التي تبرز من خلايا الأنف وتساعد في إزالة الجزيئات الفيروسية، وفي حالة الجفاف، تصبح هذه الأهداب أقل قدرة على تحريك الجزيئات بشكل فعال، ما يسهل على الفيروسات الدخول إلى الجسم.
كما تؤثر الرطوبة المنخفضة أيضًا على الخلايا المناعية التي تفرز مواد كيميائية تعرف بالإنترفيرونات، التي تساعد في منع تكاثر الفيروسات، وفي ظروف الجفاف، تفرز الخلايا المناعية عددًا أقل من هذه المواد.
الحفاظ على رطوبة الهواء في الأماكن المغلقة
وأظهرت الأبحاث أن الحفاظ على مستوى مناسب من الرطوبة داخل المنازل والمكاتب والمدارس يمكن أن يكون أمرًا حيويًا للحفاظ على دفاعات الجهاز التنفسي، حيث أشارت دكتورة إيواساكي إلى أن المستوى المثالي للرطوبة الداخلية يجب أن يتراوح بين 40% و60% لضمان أفضل أداء للخلايا الظهارية في الأنف.
وتشير الأبحاث إلى أن تأثير الطقس البارد لا يقتصر على العوامل السلوكية، بل يمتد إلى آليات بيولوجية تؤثر على قدرة الجسم على التصدي للفيروسات، ومن خلال فهم هذه الآليات واتخاذ تدابير وقائية مثل ارتداء الأقنعة والحفاظ على رطوبة الهواء، يمكن تقليل خطر الإصابة بعدوى الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.