مدير جديد؟ لا مشكلة.. إليك كيف تتعامل بطريقة مثالية
لا شك أن تولّي إدارة فريق جديد تعد مهمة مليئة بالتحديات، بقدر ما هي مليئة بالحماس، ولكن فيما يتعلق بالتحديات، يجب أن تعرف أن التغيير دائمًا ما يكون صعبًا بطبيعته؛ سواء كنت أنت المدير الجديد أو موظفًا يستقبل هذا المدير، كما يجب أن تعرف كيفية التعامل في الحالتين، وهذا ما سنتطرق إليه بالتفصيل في السطور التالية، بينما نتناول الطرق المثلى التي يجب أن يسلكها المدير الجديد في تعامله مع فريقه، وما ينبغي أن يفعله الموظف مع مديره الجديد.
كيف ينبغي أن يتعامل المدير الجديد مع موظفيه؟

قبل أن نُجيب عن هذا السؤال بشكل مباشر، من المهم أن نعرف الآتي:
عندما يتولى مدير جديد مسؤولية فريق عمل، فإن أول خطوةٍ يجب القيام بها ليست مجرد الدخول إلى المكتب وإصدار التعليمات، بل الاستعداد لمنصبه الجديد، فالإدارة الفعالة تبدأ حتى قبل لقاء أعضاء الفريق وجهًا لوجه، لذا فإن التحضير لما ستفعله في الأيام والأسابيع الأولى يعد مفتاح النجاح الحقيقي.
أول ما يجب عليك أن تفعله كمدير جديد هو أن تبدأ ببناء علاقة إنسانية مع فريقك، ولأن الفريق لا يثق بالقائد الجديد تلقائيًا، فمن الضروري أن تكسر الجليد منذ البداية، ويمكنك دعوة أعضاء الفريق لتناول فنجان قهوة في مكان بعيد عن أجواء العمل الرسمية، أو تنظيم لقاء بسيط خارج المكتب، أو حتى تدشين نشاط مشترك يعزز من تماسك الفريق، والحديث معهم عن تجاربهم الشخصية، وما يفخرون به، وأبرز ما تعلّموه من الحياة، ما يُشعِرهم بأنهم جزء من بيئة عمل قائمة على الصراحة والتفاهم، ويتيح لك في الوقت ذاته أن تعرف ما الذي يُلهب حماسهم.
لكن بناء العلاقات وحده ليس كافيًا؛ إذ إن وضوح رؤيتك ومعاييرك هو ما سيحدد نجاحك في منصبك الجديد، فعندما تبدأ مسيرتك مع الفريق، ستجدهم يراقبونك عن كثب، ويقيّمونك بناءً على أفعالك قبل أقوالك، وقد يقع بعض القادة الجدد في خطأ تناقض القول مع الفعل، مما يزعزع ثقة الفريق ويُفقدهم مصداقيتهم منذ الأيام الأولى.
لذلك، من المهم جدًا أن تحدد منذ البداية ما تؤمن به من قيم ومعايير واضحة، وأن تشارك أعضاء فريقك هذه الرؤية دون لبس أو غموض، فعبّر لهم عن توقعاتك منهم، ووضّح لهم كيف تتصوّر طبيعة العمل معًا، لأن هذه الشفافية ستمنح الفريق الشعور بالثقة، وستجعلك قائدًا يستحق الاحترام منذ اللحظات الأولى، والآن، لندخل في صُلب الموضوع.
1. تعلّم كيف تستمع لفريقك:
واحدة من أكثر الأخطاء التي يقع فيها المديرون الجدد هي الإفراط في الكلام، ظنًا أن كثرة الحديث والتوجيه تُعزز من علاقتهم بالموظفين، وصحيحٌ أن التواصل المستمر والواضح ضروري للغاية في القيادة، لكن ليس بالدرجة التي يُصبح الكلام فيها أكثر من الاستماع، وليس المدير الجيد من يُجيد الحديث ويخطب في الناس فحسب، بل هو من يستمع إليهم بنية صادقة لفهم احتياجاتهم وسدها.
2. تعلّم كيف تحفز فريقك:
كل موظفٍ لديه دافع خاص يحركه؛ ومفتاح القيادة الناجحة يكمن في فهم هذا الدافع، ولعل الكثير من المديرين، خاصةً الجدد منهم، يظنون أن أسلوبًا واحدًا في التواصل يناسب الجميع!
تخيّل مثلًا أنك من النوع الذي يهتم بتحقيق الأهداف بشكلٍ مباشر Goal-Driven، ولا حديث لديك سوى لغة الأرقام والنتائج، بينما فريقك يُفضّل التركيز على الجوانب الإنسانية والعلاقات والتقدير؛ هل تعتقد أن رسائلك ستصل بوضوح؟ في الغالب، لن تُحدث كلماتك الصدى المطلوب، بل ربما تُشعرهم بأنك لا تُبالي باحتياجاتهم ومشاعرهم، مما يضعف دافعيتهم للعمل. كمدير جديد، نقترح عليك أن تنظر في اختبارات أنماط الشخصية، مثل اختبار DISC.
3. عزز بيئة المشاركة:
الموظف الذي يشعر أن رأيه مسموع وكلماته لها وزنها، سيكون أكثر حماسًا وجرأة على المشاركة، حتى لو كان ما يطرحه من أفكار ومعلومات غير مكتملة أو معيوبة، وفي الحقيقة، وكما أشرنا، فإن دور المدير ليس في كونه مصدر المعرفة الوحيد، بل في كونه جزء من الفريق؛ نعم هو الجزء الأهم، لكنه في النهاية جزء منهم بشكل أو بآخر، ويجب عليه أن يُشجعهم على البوح بما يجول في خاطرهم، حتى تتحقق المصلحة العامة للفريق والعمل.
4. كن متواضعًا:
أحد أكبر الأخطاء التي يقع فيها القادة الجدد هي محاولة إثبات أنهم الأذكى في المكان، فتجدهم يترددون في توظيف من يفوقونهم خبرةً أو ذكاءً في بعض المجالات، وهذا الفخ الخطير ينصبه لك غرورك، فلا تقع فيه، فمن الطبيعي أن تشعر بشيء من التردد أو التخوف، لكن نجاحك الحقيقي كمدير يكمن في التغلب على هذه المشاعر، بل السعي عمدًا نحو إحاطة نفسك بمن يتمتعون بمهارات وإمكانيات ربما تفوق ما لديك.
القائد الناجح ليس من يُثبت للآخرين أنه يعرف كل شيء، بل من يُتقن توظيف مواهب فريقه ومهاراتهم بأفضل طريقة ممكنة، ومن المفترض أن يكون لديك موظف بارع في تحليل الأرقام، وآخر يملك سحرًا خاصًا في التعامل مع العملاء، وثالث يتمتع بحس إبداعي في التسويق لا يُنافس، حين تدرك قيمة هذه المواهب وتبدأ في استثمارها لصالح الفريق، فإنك تُثبت أنك قائدٌ واثق بنفسك، لا يخشى التفوق أو النجاح الذي يُحققه الآخرون، وهذا يعود بالنفع على العمل ككل.
5. لا تفعل كل شيء بنفسك:
كثير من المديرين، لا سيما الشباب منهم، يظنون أن النجاح يتحقق فقط عندما يقومون بكل شيء بأنفسهم، فتجد الواحد منهم يرهق نفسه بالمهام الكبيرة والصغيرة على حدّ سواء، خوفًا من الأخطاء أو رغبةً في الكمال، وقد يبدو هذا الأمر مبرَّرًا في البداية، لكن النتيجة دائمًا تكون عكس ما يريدون: تعب مستمر، وضغط لا ينتهي، وأحيانًا يصبحون دون أن يشعروا رقباء على كل صغيرة وكبيرة، مما يُضيّق الخناق على الموظفين ويُضعف ثقتهم بأنفسهم، وحل هذه المشكلة بسيط؛ ثق بفريقك وقم بتفويض ما يمكن تفويضه لهم.
اقرأ أيضًا: كيف يقود المدير الناجح فريقه عن بُعد؟.. التحديات والحلول الممكنة
نصائح للتعامل مع مديرك الجديد

ننتقل الآن للجزء الثاني من هذا التقرير، والذي سنتحدث فيه من منظور الموظّف، وكيف يجب أن يتعامل مع مديره الجديد؟
1. تكيّف مع التغيير بروحٍ إيجابية:
عند وصول مديرك الجديد، توقّع تغييرات في أسلوب العمل أو السياسات المعتادة، وتعامل معها بمرونة وصبر، وتذكّر أنّ هدفه تحقيق نجاح الفريق، فلا تعارض التغيير لمجرد أنك اعتدت الطريقة القديمة.
2. كن في قمة احترافيتك، خصوصًا في البداية:
احرص على ترك انطباع قوي وإيجابي لدى مديرك الجديد، فاهتم بأمور بسيطة كالمظهر، والالتزام بالمواعيد، وأسلوب الحوار، فما كان مألوفًا لمديرك السابق قد لا يكون مقبولًا بنفس الدرجة لدى المدير الجديد.
3. اعرض مساعدتك بودٍ ولطف واحترافية:
كن مبادرًا بمساعدة مديرك الجديد في التأقلم مع بيئة العمل؛ أرشده إلى أمور بسيطة، كالأماكن المهمة في المكتب أو إجراءات إدارية قد يجهلها، فلفتة صغيرة كهذه تعزز العلاقات دون مبالغة، لكن لا تُغالِ في هذه النقطة وكن متواضعًا قدر الإمكان.
4. شارك مقترحاتك للتحسين:
إذا كانت لديك أفكار أو ملاحظات لتحسين العمل لم تجد فرصة لمناقشتها سابقًا، فقدمها الآن لمديرك الجديد بأسلوب عملي وإيجابي، فهذه المرحلة مثالية لاقتراح التحسينات.
5. اكتشف أرضية مشتركة بينكما:
حاول التعرّف على اهتمامات مديرك الجديد تدريجيًا، وكن لطيفًا في فتح مواضيع مشتركة حين يصبح مستعدًا لذلك، فوجود اهتمامات مشتركة يساهم في بناء علاقة إيجابية ومتينة معه.
6. ادعم مديرك في غيابه قبل حضوره:
إياك والانصياع وراء النميمة والأحاديث السلبية التي قد تؤثر على سمعة المدير أو معنوياته؛ احترامك ودعمك الصادق سيوطدان العلاقة بينكما، بالإضافة إلى أنهما يدلان على أخلاقك.
7. لا تُغير أسلوب عملك بشكل جذري:
لا تسارع إلى تغيير روتينك أو أسلوب عملك بالكامل بهدف إرضاء المدير الجديد، بل حافظ على أداء متّزن وثابت، فالمدير غالبًا ما يقدّر الثبات والموثوقية أكثر من محاولاتك للظهور بشكل مختلف.
اقرأ أيضًا: كيف تتعامل مع مديرك الذي كان زميلك في العمل؟
كيف تجعل مديرك يثق بك؟

بناء الثقة مع مديرك ليس بالأمر الصعب، لكنه ليس سهلًا كذلك، خاصة إذا كان مديرك يشعر بالتهديد، لكن ببعض الخطوات الذكية، يمكنك أن تجعل المدير يثق بك، ومنها:
أولاً، حاول أن ترسل إشارات واضحة لمديرك بأنك لست منافسًا له، بل موظف تسعى لنجاح الشركة، وأظهر التقدير لجهوده بطريقة صادقة، وامتدح نقاط قوته أمام الآخرين أو خلال لقاءاتكما، فالكلمة الطيبة تخفف كثيرًا من توتر العلاقات.
اجعل هدفك الواضح هو دعم رؤيته وتحقيق أولوياته، واسأله صراحةً عمّا يمكن أن تفعله لتكون جزءًا فعّالًا في إنجازاته، فهذا الأسلوب لا يقلل من قيمتك، بل يُظهر أنك موظف يُعتمد عليه، لكن أهم شيء ألا تكون متكلّفًا، وأن يكون حبك للعمل حقيقيًا.
إضافة إلى ذلك، اعمل على بناء علاقة إنسانية قائمة على الاحترام والتفهّم، فقد تكون تصرفات المدير ناتجة عن تجارب سابقة جعلته يفقد الثقة بالآخرين، لذا حاول النظر إلى الأمور من منظوره، فتحدث معه بهدوء عند الحاجة، وناقش أي سوء تفاهم بلغة التفاهم لا التحدي.
ولا تنسَ أن توثّق إنجازاتك ومواقفك بحكمة، فوجود سجل مهني نظيف وواضح هو صمام أمان لمسيرتك.
في النهاية، تذكّر أن تحسين العلاقة مسؤولية مشتركة، لكن مبادرتك لخلق بيئة عمل صحية تعود بالنفع على الجميع.