"الربع الخالي" لم يكن خاليًا.. أدلة علمية على ماضٍ خصب ومستوطنات بشرية
في تحول مذهل للصورة النمطية عن أكبر صحراء رملية متصلة في العالم، كشفت دراسة حديثة بقيادة "كاوست" أن "الربع الخالي" كان في الماضي موطنًا لأنظمة بيئية غنية بالحياة النباتية والمائية، بل احتضن تجمعات بشرية مارست الزراعة والرعي في بيئة خصبة ومزدهرة.
ماضٍ أخضر تحت الرمال
قاد البروفيسور "عبدالقادر العفيفي" من جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (كاوست) فريقًا بحثيًا دوليًا توصّل إلى نتائج مثيرة، تُظهر أن صحراء "الربع الخالي" كانت خلال العصر الهولوسيني المتأخر (بين 11,000 و5,500 عام مضت) جزءًا من بيئة تُعرف علميًا بـ"العربية الخضراء"، حيث شهدت المنطقة أمطارًا موسمية غزيرة أثمرت عن تشكل بحيرات وأنهار واسعة.
اقرأ أيضًا: «ركايب» تستكشف الربع الخالي بأكثر من 100 مغامر (فيديو)
اكتشاف بحيرة ضخمة داخل الربع الخالي
أحد أبرز اكتشافات الفريق تمثل في بحيرة ضخمة بعمق يصل إلى 42 مترًا ومساحة تُقدّر بـ1,100 كيلومتر مربع، تقع في قلب "الربع الخالي".
الأمطار الغزيرة آنذاك تسببت في فيضانها، ما نحت واديًا طوله 150 كيلومترًا داخل الصحراء، موفرًا مسارًا مائيًا طبيعيًا ساهم في توسع الحياة النباتية والحيوانية.
دلائل على استيطان بشري نشط
أوضح البروفيسور "مايكل بتراجليا" من جامعة "غريفيث" الأسترالية أن ظروف "العربية الخضراء" شجعت البشر على التوسع وممارسة أنشطة الصيد والرعي والزراعة.
وتدعم هذه النظرية الأدلة الأثرية التي تم العثور عليها في مواقع عدة على امتداد مجاري الأنهار القديمة، والتي تعكس استيطانًا بشريًا نشطًا في المنطقة.
تحوّل مناخي حاسم
لكن هذه المرحلة المزدهرة لم تدم طويلًا، إذ بدأ تراجع الأمطار قبل نحو 6,000 عام، مما أدى إلى جفاف المنطقة بالكامل، وتحولها إلى بيئة قاحلة أجبرت الجماعات البشرية على الهجرة نحو مناطق أكثر خصوبة.
جهود علمية مستمرة
هذه الدراسة تأتي ضمن سلسلة أبحاث تقودها "كاوست" لفهم علاقة المناخ بالتضاريس والاستيطان البشري في الجزيرة العربية. ويقود البروفيسور "فرانس فان بوخم" جهودًا موازية لدراسة البحيرات القديمة في "وادي الدواسر" وتأثيرها على نمط استيطان الإنسان حول "الفاو"، أحد مواقع التراث العالمي لليونسكو.