كيف تعرف أنك مدير سيئ في أعين موظفيك؟
في كتابهما "الرؤساء السيئون يدمرون الحياة: اللبنات الأساسية لكونك رئيسًا عظيمًا"، أو "Bad Bosses Ruin Lives: The Building Blocks for Being a Great Boss"، أجرى "كين" و"ديبرا كوري" استطلاعاً، وجدا من خلاله أن 99.6% من المشاركين البالغ عددهم 703 أشخاص قد واجهوا رئيساً سيئاً في مرحلةٍ ما من حياتهم.
فيما كشفت دراسة أُخرى أجرتها "مؤسسة غالوب" على عددٍ كبير من الموظفين، أن نحو 82% منهم يرون مديريهم غير أكفاء، ويفتقرون إلى المهارات القيادية، بينما أفاد 57% أنهم تركوا وظائفهم بالفعل بسبب رؤسائهم.
أنواع المديرين
الإحصائيات كثيرة، ونستطيع أن نفرد لها مساحات منفصلة، ولكن ما يهمنا هنا هو تدليلها على أن هناك الكثير من المديرين السيئين، فما هي أشهر صفاتهم لكي تتجنبها؟
في السطور التالية نُجيبك باستعراض أنواع هؤلاء المديرين.
النوع الأول: المدير المُتجنّب!
هل سمعت من قبل عن مصطلح "القيادة المُتجنبة- Avoidant leadership"؟
إنه ذلك الأسلوب المتجذر في الدفاعات النفسية، التي تظهر عندما يرى المدير أن بيئته تُمثل تهديداً، إذ يهرب هذا النوع من مواجهة المواقف الصعبة، وعادة ما يكون قد مر بتجارب حياتية مُبكرة، جعلته يقمع مشاعره ويبتعد عن الآخرين لحماية نفسه من الألم أو الرفض، وفي سياق القيادة، يتجلى هذا المفهوم في التردد عند التعامل مع التحديات بشكل مباشر، والخوف الشديد من الفشل والنقد.
عندما يبتعد القائد المُتجنب عن فريقه فإنه يخلق -عن غير قصد- حالة من الإهمال، تؤدي بالتبعية إلى انخفاض الروح المعنوية وانعدام المسؤولية، بينما يسعى فريق هذا النوع من المديرين إلى تجنب الأخطاء قدر المستطاع، وهذا أمر جيد، ولكنه سيئ في الوقت نفسه لأنه يأتي على حساب السعي وراء ابتكار أفكار جديدة، علاوة على ذلك، من الوارد أن يتحول انعدام المسؤولية لدى الموظفين إلى طبعٍ لا يفارقهم.
أخيراً وليس آخراً، فإن الجانب الأكثر ضرراً -ربما- في القيادة التجنبية هذه، أنها قد تخلق فجوات إدارية كبيرة، قد تؤدي إلى تأجيل أو تجنب قرارات مهمة، قد تدمر الشركة أو المنظومة كلها.
النوع الثاني: المدير المتعجرف!
هذا النوع واضح ولا يحتاج إلى تفسير، حيث يظهر إفراط المدير في الثقة بنفسه وشعوره بالأحقية، فالمدير هنا لا يعرف للقواعد معنى، وعادةً ما يُظهر ثقة مزيفة بالنفس، تُخفى وراءها شعوراً بانعدام الأمان والحاجة إلى التقدير، وعلى عكس المديرين المتجنبين، يعتقد المدير المتعجرف أنه لا يُخطئ، وأن وجوده وحده كافٍ للنجاح، كما يتوقع من الآخرين وينتظر منهم اتباع أوامره دون سؤال، وربما يستخدم بعض الحيل للتلاعب والحفاظ على سيطرته ونفوذه.
درجة الثقة المُفرطة بالقائد المتعجرف هذا، تجعله قادراً على إغواء من حوله، وتصرفاته لو كانت تتكلم كانت ستطالب بالإعجاب والاهتمام الدائمين، وهذا يتضح في رغبتهم بأن يكونوا محور كل نقاشٍ أو مشروع.
وتتعدد عواقب الإدارة المتعجرفة، وقد تكون مدمرة في بعض الأحيان، فهي مبدئياً تُوجِد شعواً بعدم المساواة، لأن القادة المتعجرفين يتجاهلون القواعد والمبادئ الأخلاقية، أضف إلى ذلك أن كثيراً من القرارات تكون مستندة إلى نزوات المدير، لا الحكمة أو المنطق، ومن ثم تفشل، ومن العواقب الوخيمة أيضاً عُزلة الموظفين، التي غالباً ما تؤدي إلى نتائج سلبية، وفشل شبه حتمي لمشاريع كثيرة.
النوع الثالث: المدير المُتصيد!
الإدارة المُتشددة أو المتصيدة Micromanagement تُعرَف بتسلّطها المُفرط، حيث يتدخل المدير في عمل موظفيه بدرجةٍ مبالغ فيها، وغالباً ما يواجه المديرون من هذا النوع صعوبةً في تفويض المهام، ويطالبون بأحدث المستجدات باستمرار، ويُقدمون تعليمات مُفرطة التفاصيل لدرجةٍ غير مفيدة، بل مُضرة ومُضيعة للوقت والمجهود، وفي النهاية، يشعر الموظفون بأنهم مقيدون وعاجزون عن التفكير، فضلاً عن قلقهم المستمر حيال تعليقات المدير، ما يقلل من الإنتاجية.
اقرأ أيضًا: خفايا انتقال السلطة: سيكولوجية تسليم القيادة بين المديرين التنفيذيين
النوع الرابع: المدير المُكتنز!
هذه الترجمة الحرفية لنوع المديرين الرابع "المُكتنز Hoarder"، والمقصود به ذلك المدير الذي يضن أو يبخل بما لديه من معلومات عمداً عن فريقه، ويُطبق هذا النوع من الأشخاص المعنى الحرفي لمقولة "المعرفة قوة"، ويظنون أن السيطرة الحصرية على المعلومات هي التي ستضمن لهم مكانتهم وسلطتهم، وأنه دون هذه المعلومات، لن يكتمل عملٌ ولن ينجح مشروع، ناهيك بأن مكانتهم ستكون مُهددة.
ويُشارك المدير المكتنز معلوماته بشكلٍ انتقائيّ صارم، ما يخلق حاجزاً هرمياً، يظل المسؤولون وحدهم على قمته، تاركين بقية أعضاء الفريق يعملون في الظلام، غير قادرين على فهم العمل واستراتيجياته، ما يعيق من قدرات الفريق على اتخاذ قرارات مستنيرة.
النوع الخامس: المدير المتسرع!
المدير المتسرع في حل المشكلات في الواقع يُعرض فريقه للانتقال من حريقِ مشكلةٍ لحريقٍ آخر، والمديرون من هذا النوع، الذين يُطلق عليهم "الإطفائيون- The Firefighters"، يفضلون حل المشكلات بأسرع وقت ممكن، ولا يولون للتخطيط الاستراتيجي والأهداف طويلة المدى أي أهمية، على سبيل المثال: صاحبُ مصنعٍ يواجه مشكلة في تغليف المنتجات، بدلاً من شراء آلةٍ للتغليف بسبب سعرها، يذهب للعمالة والحل اليدوي الأقل تكلفة على المدى القريب، فيكتشف لاحقاً أن شراء الآلة كان الحل الاستراتيجي الصحيح، وأنه كان سيوفر عليه الوقت والمال، وفي الوقت نفسه يضمن له الجودة.
الجدير بالذكر أن نهج المدير المتسرع قد يكون صحيحاً في بعض المواقف التي تتطلب تدخلاً فورياً، بل قد يكون التصرف السريع في بعض الأحيان جيداً، غير أن الحديث هنا عن نوعية المشكلات التي تتطلب حلولاً استراتيجية.
النوع السادس: المدير المُتطلب!
عندما يتبنى المدير أسلوباً صارماً أو نقدياً بشكل مفرط خلال ساعات العمل، يمكنه أن يخلق بيئة سامة للموظفين، ويظهر هذا السلوك غالباً في شكل انتقادات مفرطة، أو توقعات غير واقعية، أو مواعيد تسليم deadlines ضيقة جداً. على سبيل المثال، قد يقدم المدير تعديلات كثيرة على مشروع ما ويصر على تسليم العمل المعدل في فترة زمنية غير واقعية، لا تأخذ في اعتبارها مسؤوليات الموظف الأخرى، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى زيادة الضغط وانخفاض الروح المعنوية بين أعضاء الفريق، حيث يكافحون لتلبية المطالب التي تبدو غير قابلة للتحقيق.
النوع السابع: المدير غير القائد!
عادةً ما يُفهم الفرق بين المديرين والقادة بشكل خاطئ، ولكن باختصار، تختص مهام المدير بالتنظيم، والتخطيط، والحرص على استمرار سير العمليات، في حين يُركز القائد على تشجيع الفريق وخلق بيئة من التعاون تبعث على النمو، ومن صفات المدير السيئ ألا يكون قائداً، ألا يُشجع فريقه، ألا يعلم أن كل مديرٍ جيد عليه أن يُصبح قائداً، وهذا هو النوع السابع والأخير ضمن أنواع المديرين السيئين، الذين يجب أن تتبرأ منهم.
وختاماً هناك أنواع أخرى وصفات كثيرة سيئة بعلم الإدارة، إلا أننا انتقينا الصفات والأنواع المذكورة لشيوعها.