أهمية النشاط البدني في الوقاية من الأمراض.. دوره وأثره الفعّال
يدقُّ القلب بقوة، ويضخُّ الدم في أنحاء الجسم كافة، وتتسع الرئتان لاستيعاب قدرٍ أكبر من الأكسجين، وتصل العناصر الغذائية إلى أعضاء الجسم في ذات اللحظة تقريبًا، ما يُحفِّز الخلايا المناعية للقضاء على البكتيريا والفيروسات، وتنشط الإندورفينات في الدماغ لتحسين المزاج والتغلُّب على الاكتئاب.
فالنشاط البدني ليس مقتصرًا على بناء العضلات وتقويتها فقط، بل إنّ دوره أشمل من ذلك بكثيرٍ، إذ يتسع للوقاية من الأمراض المزمنة، مثل مرض السكري، وأمراض القلب، وحتى السرطان، كما أنّ حاجة الإنسان إليه تزداد كُلّما مضى به العُمر لتعويض نقص البُنيان العضلي والوقاية من هشاشة العظام أيضًا.
فوائد النشاط البدني المنتظم على الصحة العامة
للنشاط البدني فوائد مُتنوّعة للجسم، فهي لا تُحسِّن الجسد أو تبني عضلات فحسب، بل تتسع لتشمل تحسين الصحة النفسية والمزاج، وأيضًا الوقاية من كثيرٍ من الأمراض الخطيرة كما يتضح فيما يلي:
1- تحسين الصحة العقلية والمزاج
يُحسِّن النشاط البدني وممارسة التمارين الرياضية المزاج، كما يُخفِّف الاكتئاب والقلق والاضطرابات النفسية الشائعة، وأشار "healthline" إلى أنَّ ممارسة التمارين الرياضية لمدة 10 - 30 دقيقة كافية لتحسين المزاج العام، إذ تزيد التمارين الرياضية حساسية الدماغ للسيروتونين والنورأدرينالين - هرمونات تُحسِّن المزاج - ما يُؤدِّي إلى تخفيف الاكتئاب، كما تُعزِّز أيضًا الإندورفينات التي تبعث على المشاعر الإيجابية، وتُقلِّل من الشعور بالألم.
كذلك يُساعِد النشاط البدني في اللدونة العصبية "neuroplasticity" وذلك من خلال تعزيز حساسية الدماغ للسيروتونين، إذ يمنح ذلك الجسم مرونةً كبيرة في مواجهة التوتر، كما أنّ اللدونة العصبية تخلق مزيدًا من المقاومة للضغوط التي قد تُحفِّز القلق أو الحزن.
2- تحسين صحة العظام
يُسهِم النشاط البدني في بناء العظام وتعزيز كثافتها، وقد وجدت مراجعة لبعض الدراسات عام 2022 أنَّ ممارسة التمارين الرياضية بانتظام تُعزِّز كثافة العظام في الفقرات القطنية وفقرات الرقبة، وكذلك عظام الورك، ما يُساعِد في الوقاية من هشاشة العظام مستقبلاً.
جديرٌ بالذكر أنّه مع هشاشة العظام، خاصةً مع تقدُّم العمر، تزداد مخاطر السقوط والتعرُّض لكسر العظام - فهي هشّة - وتُساعِد التمارين الرياضية في تجنُّب مثل هذه المشكلات بتعزيز كثافة العظام.
وبعض التمارين أفضل لصحة العظام، مثل الجمباز، أو الجري، أو كرة القدم، إذ تُعزِّز كثافة العظام بصورةٍ أكبر من الرياضات منخفضة التأثير، مثل السباحة وركوب الدراجات.
3- الحفاظ على الوزن الصحي
تتسبَّب قلة النشاط في زيادة الوزن والتعرُّض لمشكلات صحية لا حصر لها، ومن فوائد النشاط البدني أنّه يُساعِد في الحفاظ على الوزن الصحي، وخسارة الوزن الزائد، ما يمنع الإصابة بكثيرٍ من الأمراض، مثل أمراض القلب ومرض السكري وغيرها.
ويحدث ذلك من خلال تعزيز النشاط البدني لاستهلاك الجسم للطاقة، ما يُؤدِّي إلى حرق مزيدٍ من السعرات الحرارية، والمحافظة على الوزن، ويُمكِن الجمع بين التمارين الهوائية وتدريبات المقاومة لتعزيز فقدان الدهون من الجسم، والتمتُّع بوزنٍ مثالي.
اقرأ أيضًا:ما هو أفضل نظام غذائي متخصص لتحقيق الزيادة العضلية؟
4- المساهمة في الإقلاع عن التدخين
وأظهرت الدراسات، حسب "smokefree"، أنَّ ممارسة التمارين الرياضية حتى لو لفترةٍ قصيرة، وخاصةً التمارين الهوائية، يحد من رغبة الإنسان في التدخين، إذ تنخفض أعراض الانسحاب الناجمة عن التوقف عن التدخين، وتتراجع الرغبة في التدخين أثناء التمارين وحتى 50 دقيقة بعد ممارسة التمارين؛ لذلك فإنّ النشاط البدني ضروري لك إن كُنتَ ترغب في الإقلاع عن التدخين نهائيًا.
5- الحد من خطر الإصابة بأمراض القلب
تُسهِم ممارسة التمارين الرياضية في الوقاية من أمراض القلب والأوعية الدموية، التي تُعدّ من أبرز أسباب الوفاة حول العالم، إذ يتطلّب النشاط البدني أن يقوى القلب ليتمكّن من زيادة تدفُّق الدم وتوفير الأكسجين للأنسجة خلال ممارسة التمارين الرياضية.
وبمرور الوقت، تُعاد هيكلة القلب بما يُنظِّم ضغط الدم، ويُخفِّف التهاب الأوعية الدموية، كما يصير مُعدّل ضربات القلب في أثناء الراحة أقل مما كان عليه سابقًا.
كذلك تُساعِد التمارين الرياضية في تقليل مستويات الكوليسترول السيئ وتعزيز مستويات الكوليسترول الجيد، ومِمّا لا يخفى عليك أنّ زيادة الكوليسترول السيء تُهدِّد صحة القلب، وقد تتسبَّب في قصور الشريان التاجي أو السكتات الدماغية، ما يجعل النشاط البدني في مُقدِّمة النصائح التي ينبغي اتّباعها للوقاية من أمراض القلب والأوعية الدموية.
6- الوقاية من مرض السكري
ثمّة جينات تزيد خطر الإصابة بمرض السكري، ولا يُمكِن للإنسان أن يُغيِّرها بأيّ حالٍ من الأحوال، لكن مع ممارسة التمارين الرياضية وخسارة الوزن الزائد، فإنّ خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني ينخفض بنسبة 58% لدى الأشخاص الأكثر عُرضةً له.
فالتمارين الهوائية وتدريبات المقاومة تزيد حساسية الجسم للأنسولين، ما يمنع مقاومة الأنسولين، ويسمح بدخول الغلوكوز إلى خلايا الجسم وعدم تراكمه في الدم، ما يُؤدِّي في النهاية إلى تفادي مرض السكري من النوع الثاني.
7- الحماية من السرطان
حسب جمعية السرطان الأمريكية، فإنّ النشاط البدني يضبط وزن الإنسان، ويُنظِّم نشاط الهرمونات التي قد تُسبِّب السرطان، كما يُعزِّز المناعة أيضًا، وقد أكدت الأبحاث أنَّ النشاط البدني ذو قدرة على تقليل خطر الإصابة بالعديد من أنواع السرطان، مثل:
- سرطان البروستاتا.
- سرطان القولون.
- سرطان البنكرياس.
- سرطان الثدي.
- سرطان بطانة الرحم.
اقرأ أيضًا:النظام الغذائي المتوازن.. كيف تُحقِّقه؟ وما تأثيره على صحتك؟
8- تعزيز القدرة الاستيعابية للرئة
أيًا كان نوع التمارين الرياضية التي تُمارِسها من أخفّها إلى أشدّها، فالرئتان لا تتوقّفان عن العمل، إذ تمدّ الجسم بالأكسجين اللازم لتوفير الطاقة لأداء التمارين، كما تُخلِّص الجسم من ثاني أكسيد الكربون الذي قد يتكوّن في أثناء إنتاج الطاقة، وكُلّما زادت صعوبة التمرين، زادت مُعالَجة الرئتين للأكسجين وثاني أكسيد الكربون، ما يزيد نشاط الرئتين، ويُضاعِف قدرتها الاستيعابية.
وحتى لو كان الإنسان مُصابًا بأمراضٍ رئوية، فمن المهم ممارسة التمارين الرياضية بانتظام لتقوية الرئتين وتخفيف آثار المرض، لكن ينبغي استشارة الطبيب لمعرفة أنواع التمارين المُناسِبة لصحتك والتي لا تضر رئتيك.
9- تحسين الذاكرة والوقاية من مرض ألزهايمر
تشحذ التمارين الرياضية الذاكرة، فيتضاءل النسيان عمّا كان عليه في السابق، ففي الدماغ جزءٌ يتحكّم في التعلم والذاكرة؛ هو الحُصين، وتُساعِد ممارسة التمارين بانتظام في تعزيز تدفُّق الدم إلى الدماغ وزيادة حجم الحُصين.
أيضًا فإنّ البالغين الذين سبقت لهم ممارسة التمارين الرياضية ويتمتّعون بلياقةٍ بدنية عالية، يمتلكون فصوص حُصين بأحجامٍ أكبر من غيرهم، وهذا قد يُساعِد في تأخير الانكماش الطبيعي للدماغ مع تقدُّم العمر مع ما يصحبه من فقدان للذاكرة والنسيان.
وقد أظهرت الدراسات أنّ التمارين الرياضية تُحسِّن الذاكرة لدى المُعرّضين لأمراض دماغية أو يُعانُونها بالفعل، كما تُسهِم التمارين الرياضية في تقليل الأعراض عند مرضى ألزهايمر، وتحسين الوظائف الإدراكية.
تأثير النشاط البدني على مناعة الجسم ومقاومة الأمراض
يُقاوِم جهاز المناعة الأمراض ويُحارِب الفيروسات والبكتيريا والأجسام المتطفلة والدخيلة على جسم الإنسان، فهو الدرع الواقي، والذي لولاه لاستحالت حياة الإنسان بفِعل الفيروسات والبكتيريا والخلايا السرطانية التي لن تجد من يردعها.
ويتجاوب الجهاز المناعي بصورةٍ جيدة للغاية مع ممارسة التمارين الرياضية، إذ إنّ الانخراط في التمارين الهوائية المُعتدلة إلى المكثفة لمدة لا تتجاوز 60 دقيقة يوميًا، يُسهِم في تعزيز المناعة، حسب "sciencedirect"، إذ يُطلِق الجسم المزيد من الخلايا المناعية في مجرى الدم لمُحاربة العدوى، وتنخفض مستويات هرمونات الكورتيزول، الذي له أثر سلبي حال زيادته على مناعة الإنسان.
وحسب دراسةٍ منشورةٍ في أغسطس عام 2022 في المجلة البريطانية للطب الرياضي، فإنّ ممارسة التمارين الرياضية بانتظام قلّل خطر الإصابة بعدوى كوفيد-19، وذلك بالمقارنة مع مِنْ لا ينخرطون في أي نشاطٍ بدني.
بل إنَّ رفع الأوزان يزيد عدد الخلايا المناعية ويُحسِّن عملها حسب دراساتٍ أخرى، لكن ينبغي أن تكون ممارسة التمارين الرياضية بقدرٍ ما وبحذرٍ شديد؛ لأنّ الإفراط في ممارسة التمارين الرياضية - زمنًا وشِدّة - قد يُلحِق بالجهاز المناعي أضرارًا هو في غنى عنها.
ولتلخيص فوائد ممارسة التمارين الرياضية لمناعة الإنسان:
- تعزيز تدفُّق الدم والسائل الليمفاوي مع انقباض عضلات الجسم، ما يزيد دوران الخلايا المناعية، ويجعلها تجوب الجسم بمُعدّل أعلى وأعداد أعلى.
- تجنيد الخلايا المناعية دقيقة التخصص، مثل الخلايا الفاتِكة الطبيعية والخلايا التائية؛ للعثور على مُسبِّبات الأمراض والقضاء عليها.
- تقليل خطر الإصابة بكوفيد-19، وتقليل خطر الوفاة بسببه إذا أُصِيب به الإنسان.
- تخفيف الالتهابات وتقليل مستويات هرمون التوتر "الكورتيزول".
كم ينبغي أن تمارس من التمارين الرياضية لتقوية المناعة؟
حسب إرشادات النشاط البدني للأمريكيين، فإنّه يجب على البالغين القيام بما لا يقل عن 150 دقيقة من النشاط الهوائي المُعتدِل إلى المُكثّف أسبوعيًا إلى جانب يومَين من تدريبات القوة الذي تنشط فيه مجموعات العضلات الرئيسة.
وهذا يُمكِن تحقيقه من خلال المشي السريع لمدة 30 دقيقة، أو الركض، أو السباحة 5 أيام في الأسبوع، كما ينبغي الذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية لرفع الأوزان لممارسة تدريبات القوة مرتين في الأسبوع، مع عمل جميع مجموعات العضلات الرئيسة.
اقرأ أيضًا:كيف تختار النظام الغذائي المناسب لخسارة الوزن؟ وما فوائده؟
تأثير النشاط البدني على الصحة العقلية والتوازن الهرموني
يُساعِد النشاط البدني في إفراز الهرمونات المُعزِّزة للصحة العقلية، مثل:
- الإندورفين والكانابينويد: يُعزِّز النشاط البدني هذه الهرمونات، فالإندورفين يحجب الشعور بالألم، ويزيد إحساس المتعة، وأشارت الأبحاث الحديثة إلى أنّ الشعور بالبهجة هو مُحصّلة تأثير الإندورفين والكانابينويد معًا خلال ممارسة التمارين الرياضية.
- الدوبامين: كذلك الدوبامين من هرمونات السعادة، ويُساعِد في وظائف حيوية أخرى للجسم، مثل المزاج، ودورة النوم، والذاكرة وما إلى ذلك، ويُظنّ أنّ النشاط البدني قد يُساعِد في زيادة الدوبامين، لكن لا تزال هناك حاجةٌ إلى مزيدٍ من الأبحاث.
وتشمل فوائد النشاط البدني للصحة العقلية ما يلي:
1- تخفيف الاكتئاب
بيّنت الدراسات، حسب "helpguide"، قدرة التمارين الرياضية على علاج الاكتئاب الخفيف إلى المتوسط بنفس فعّالية أدوية الاكتئاب - لكن دون آثارها الجانبية بالطبع - فقد وجدت دراسةٌ أجرتها "كلية تي أتش تشان للصحة العامة في جامعة هارفارد" أنَّ الجري لمدة 15 دقيقة في اليوم، أو المشي لمدة ساعة يُقلِّل خطر الإصابة بالاكتئاب الشديد بنسبة 26%.
وتُعدّ التمارين هي أقوى مُحارِب للاكتئاب، إذ تُعزِّز نمو الأعصاب، وتُخفِّف الالتهابات، وتُساعِد في إطلاق الإندورفين الذي يُحسِّن المزاج ويرفع المعنويات، وفي أسوأ الأحوال بعيدًا عن كل ذلك قد تكون التمارين بمثابة إلهاء وتشتيت لك عن الاكتئاب القابع بداخلك؛ للخروج من دائرة الأفكار السلبية ولو لبعض الوقت.
2- الحد من القلق
تُعدّ التمارين الرياضية أيضًا علاجًا طبيعيًا فعّالاً للقلق، ويُمكِن تعزيز ذلك بمحاولة التركيز على الإحساس الذي تشعر به في أثناء لمس قدميك للأرض، أو إيقاع التنفُّس، أو مداعبة الرياح لوجنتك، فالتركيز على ما تشعر به في أثناء الرياضة يُساعِد في منع تدفُّق المخاوف المستمرة المُسبِّبة للقلق في رأسك، كما أن التمارين تزيد الإندورفين الذي يُساعِد على الاسترخاء.
3- تقليل التوتر
لا ينبغي تجاهُل التوتر، فقد يزيد خطر إصابة الإنسان بأمراضٍ مُتعدِّدة، والتوتر ليس نفسيًا فحسب بل ثمّة توتر جسدي، كما يحدث عند المعاناة من آلام الظهر، أو الرقبة، أو الصداع، أو مشكلات الأرق، أو حرقة المعدة أو غير ذلك، فالتوتر الجسدي يُفضِي إلى توترٍ نفسي، ما يخلق حلقة مفرغة بين العقل والجسم.
وخلال هذه الحلقة المفرغة، يزداد إفراز هرمون التوتر "الكورتيزول" الذي تحمل زيادة مستوياته في الدم مخاطر على الجسم.
وهنا يأتي دور التمارين الرياضية، إذ تُقلِّل مستويات هرمون التوتر، وتكسر الحلقة المفرغة، كما تُطلِق الإندورفين في الدماغ، الذي يُساعِد على تخفيف التوتر واسترخاء العضلات، وإذا تحسّن الجسم، فستتحسّن الصحة العقلية أيضًا، فكلاهما مُرتبط بشِدّة صحةً ومرضًا.
اقرأ أيضًا:النظام الغذائي الصحي للرياضيين.. الأهمية والأطعمة الأساسية
4- المساهمة في التعامل مع اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط
تُسهِم ممارسة التمارين الرياضية بانتظام في تقليل أعراض اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط "ADHD"، كما تُحسِّن الذاكرة والمزاج، وذلك من خلال تعزيز مستويات الدوبامين والنورأدرينالين والسيروتونين في الدماغ، وهي كلها تُؤثِّر في التركيز والانتباه، بل إنّ التمارين قد تعمل بتأثيرها ذلك بطريقةٍ شبيهة جدًا بأدوية اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط.
دور النشاط البدني في تقليل خطر الأمراض المزمنة
تُؤدِّي قلة النشاط البدني إلى السمنة، وتتسبَّب السمنة في أمراضٍ مزمنة قد تتلاحق على الإنسان دون أن تمنحه فرصة للتعامل معها كل على حدة، إذ تزداد مستويات الكوليسترول في الدم، ويعقب ذلك - ولو في غضون سنوات - أمراض القلب وقصور الشريان التاجي، وربّما السكتة الدماغية أيضًا.
وتُساعِد التمارين الرياضية والانخراط في النشاط البدني عمومًا في الوقاية من الأمراض المزمنة، أو تقليل خطر الإصابة بها، وذلك بدءًا من الحفاظ على الوزن الصحي، والتخلُّص من الوزن الزائد، كما تُفِيد التمارين الرياضية في الوقاية من الأمراض المزمنة، مثل أمراض القلب والأوعية الدموية من خلال:
- المحافظة على ضغط الدم ومنع ارتفاعه، فقد يُؤدِّي ارتفاع ضغط الدم المزمن إلى أمراض القلب.
- تعزيز مستويات الكوليسترول الجيد، فقد وجدت دراسةٌ منشورة في "المجلة الطبية البريطانية" أنّ المشي السريع المنتظم يُعزِّز الكوليسترول الجيد، كما قد يُؤدِّي ذلك إلى خفض خطر الإصابة بمرض الشريان التاجي بنسبة 50%.
- تراجُع معدلات الإصابة بالنوبات القلبية، وكذلك معدلات الوفيات الناجمة عنها.
- انخفاض مستويات الكوليسترول السيء والدهون الثلاثية.
علاقة النشاط البدني بتحسين جودة النوم والراحة الجسدية
يُساعد النشاط البدني في الخلود إلى النوم سريعًا، وكذلك يُعزِّز جودة النوم من خلال زيادة نوم الموجة البطيئة "slow-wave sleep"، وهذا النوع من النوم العميق ضروري للنمو، وتعزيز الذاكرة، وكذلك المناعة، كما أنّ ضبط ذلك النوم العميق يُوقِظ الإنسان - حال استيقاظه من النوم - مُفعمًا بالنشاط والحيوية.
بل بيّنت دراسات أنّ التمارين الرياضية تُخفِّف آثار اضطرابات النوم - قد تُؤدِّي اضطرابات النوم كالأرق إلى الشعور بالتعب والإرهاق وتزيد خطر الإصابة بالأمراض - فقد تحسّن النوم لدى المُصابِين بالأرق المزمن مع ممارسة تمارين المقاومة متوسطة الشدة.
وكشفت دراسةٌ أخرى عن أنّ التمارين المجدولة بانتظام حسّنت جودة نوم كبار السن، وذلك حسب "clinical interventions in aging".
أفضل الأنشطة البدنية لتعزيز النوم العميق والاسترخاء
تُساعِد كثيرٌ من التمارين الرياضية في تعزيز النوم العميق والتغلب على اضطرابات النوم، وذلك مثل:
- التمارين الهوائية: مثل المشي السريع وركوب الدراجات، والجري والركض، فممارسة التمارين الهوائية بانتظام لفترات طويلة، يُحسِّن جودة النوم ويُقلِّل النعاس المفرط في أثناء النهار للمُصابِين بالأرق، كما يُخفِّف حالات انقطاع التنفُّس في أثناء النوم، ويُفضّل أن تكون التمارين متوسطة الشدة ليست عالية الشدة.
- تمارين المقاومة: مثل التي تُركِّز على بناء قوة العضلات، مثل رفع الأوزان أو تمارين الضغط أو غيرها، وهذه التمارين تُحسِّن جودة النوم، وتُقلِّل خطر الإصابة بالقلق والاكتئاب اللذان قد يُسبِّبان الأرق واضطرابات النوم، لكن لم تُجر دراسات موسّعة حول تأثير تدريبات المقاومة على جودة النوم.
اقرأ أيضًا:كم عضلة في جسم الإنسان؟ وما أنواعها؟
النشاط البدني ودوره في تقوية العظام والعضلات والحفاظ على التوازن الجسدي
للنشاط البدني دورٌ لا يخفى في تقوية العظام والعضلات، بل إنّ بعض الناس لا ينهضون لممارسة التمارين الرياضية إلاّ بغرض تقوية العضلات، وفيما يلي أثر النشاط البدني على العظام والعضلات:
1- تقوية العظام
تتراجع كثافة العظام مع التقدُّم في العمر، ما يجعلها هشّة ومُعرّضة للكسر من أقل صدمة أو ضربة، وتُساعِد التمارين الرياضية في تعزيز كثافة العظام وتقويتها، وقد تكون بعض التمارين أفضل من غيرها على صعيد تقوية العظام.
فقد وجدت دراسةٌ أنّ القفز 10 - 20 مرة في اليوم مع 30 ثانية من فترات الراحة بين القفزات، عزّز كثافة عظام الورك لدى السيدات اللاتي تتراوح أعمارهنّ بين 25 - 50 عامًا بعد 16 أسبوعًا.
وكذلك يُساعِد الجري في تحسين كثافة العظام، لكن ليس بنفس درجة القفز؛ لذلك يُفضّل دمج القفز في أي برنامج تمرين تُمارِسه لتعزيز كثافة العظام وتقويتها، وحسب "verywellfit"، فإنّ القفز 20 قفزَة مرتين يوميًا زاد كثافة العظام بنسبة 75% عن القيام بـ 10 قفزات مرتين يوميًا.
2- بناء العضلات
تُمثِّل الكتلة العضلية نحو 40% من الوزن الكُلِّي للجسم، والعضلات ليست للحركة والرياضة فقط، بل هي تُخزِّن كذلك بعض العناصر الغذائية، مثل الغليكوجين، كما تبدأ الكتلة العضلية في الانخفاض بصورةٍ طبيعية في سن 25 عامًا، ومع بلوغ 80 عامًا من العمر، يكون المفقود من الكتلة العضلية نحو 30%.
أيضًا فإنّ ضعف العضلات مرتبط بفقدان العظام، إذ إنّ هشاشة العظام وضعفها، يُؤثِّر سلبًا في حركة الإنسان، ويكون له مردوده على العضلات، ما يُؤدِّي إلى صعوبة الحركة وربّما ضمور العضلات.
لكن النشاط البدني يُقلِّل وتيرة ذلك الفقدان، ويَحفظ أكبر قدرٍ ممكن من الكتلة العضلية مع تقدُّم العمر، فإنّ ممارسة التمارين الرياضية بانتظام تُقوِّي العضلات وتزيد كتلتها.
3- التوازن الجسدي
بمساهمة النشاط البدني في تقوية العظام والعضلات، فإنّه يُحافِظ على التوازن الجسدي للإنسان، ويمنع التعرُّض للسقوط المُتكرِّر، خاصةً مع تقدُّم العمر.
النشاط البدني وتأثيره الفوري على قوة العضلات وكثافة العظام
يُحسِّن النشاط البدني تدفُّق الدم عبر أنحاء الجسم، كما تتسع الأوعية الدموية المُغذّية للعضلات، ما يُؤدِّي إلى زيادة الأكسجين والعناصر الغذائية التي تصل إليها للمساعدة في بناء العضلات، والذي قد يستغرق بعض الوقت لظهور أثره في حجم الكتلة العضلية.
كذلك تُمدّ العظام بما تحتاج إليه من عناصر غذائية إثر تدفُّق الدم إليها بغزارة، ما يُساعِد على توفير المعادن والعناصر الغذائية الضرورية لبناء العظام وتعزيز كثافتها، لكن التمارين الرياضية لا ينبغي التعويل عليها وحدها في تعزيز كثافة العظام، بل ينبغي أن يتوفَّر ما يكفي من فيتامين د سواء من خلال النظام الغذائي أو المكملات لتعزيز امتصاص الكالسيوم، الذي يُعدّ اللبنة الرئيسة في كثافة العظام، فالتمرين الرياضي ليس مصدرًا للكالسيوم بحد ذاته.
اقرأ أيضًا:الفشل العضلي.. هل يكون البداية لبنائها؟
دور النشاط البدني في منع الإصابات وتعزيز القوة
بتعزيز كثافة العظام ومنع هشاشتها، إضافةً إلى تقوية العضلات وتعزيز كتلتها، فإنّ الإصابات التي قد يتعرّض لها بعض الناس، خاصةً مع التقدُّم في العمر تتراجع كثيرًا، فالجسم مُتزّن، وعضلاته في أفضل حال وكذلك العظام.
جديرٌ بالذكر أنّ بعض الإصابات قد تكون خطيرة، مثل كسر الورك الذي يشيع بين كبار السن، وممارسة التمارين الرياضية تُساعِد في تجنُّب مثل هذه الإصابات مع تقدُّم العمر.
ومع الانخراط في ممارسة التمارين الرياضية، والالتزام بنظامٍ غذائيٍ غني بالبروتين، يُتوقّع أن يزداد حجم العضلات، وكذلك قوتها، كما يُتوقّع أن تتراجع وتيرة النقص في الكتلة العضلية مع تقدُّم العمر، والتي قلّما يسلم منها أحد.