التغذية الزمنية.. هل يؤثر تغيير مواعيد الأكل في صحتك؟
تُنظِّم الساعة البيولوجية كافة العمليات الحيوية في الجسم، مثل النوم والتمثيل الغذائي ودرجة حرارة الجسم وغيرها، فعندما يتواءم نظامك الغذائي ومواعيد الأكل مع هذه الساعة البيولوجية، ينعكس إيجابًا على صحة الجسم، ويقيه من كثيرٍ من الأمراض، مثل مرض السكري.
وتتراجع قوى الإنسان تدريجيًّا خلال الليل، ما قد يُعرِّضه لارتفاع مستويات السكر في الدم إذا تناول الطعام ليلاً، خاصةً مع قلة الحركة؛ لذلك كانت التغذية الزمنية التي تُركِّز على جعل تناول الطعام محصورًا في 10 ساعات فقط خلال اليوم؛ لمواكبة إيقاع الساعة البيولوجية وحِفظ الصحة.
ما هي التغذية الزمنية "Chrononutrition"؟
نمط للتغذية يهدف إلى الربط بين التغذية والساعة البيولوجية للجسم، وأن يكون تأثير ذلك إيجابيًا على عمليات التمثيل الغذائي، فالأكل المُتزامن مع الساعة البيولوجية يُحسِّن صحة الجسم.
لا تتحكَّم الساعة البيولوجية في النوم فقط، وإنَّما تُهيمن أيضًا على دورة العمليات الفسيولوجية والبيولوجية، مثل درجة حرارة الجسم والانتباه الذهني.
ويُظنّ أنَّ مواءمة الوجبات مع الساعة البيولوجية يُحسِّن الصحة من نواحٍ مختلفة، بل وقد يساعد في تقليل خطر الإصابة ببعض الأمراض المزمنة، مثل ارتفاع ضغط الدم ومرض السكري، إضافةً إلى تعزيزه للنوم.
ما فائدة تناول الطعام تزامنًا مع الساعة البيولوجية؟
مزامنة الأكل مع الساعة البيولوجية يعني عدم تناول الطعام خلال الليل، أو في الأوقات المتأخرة منه، وهي الأوقات التي لا ينتظر فيها الجسم ولوج الطعام إليه.
وقد أشار بحثٌ، حسب موقع "healthylife"، إلى أنَّ تناول الطعام على مدار 10 ساعات أفيد لصحة الجسم من تناوله على مدار 12 - 14 ساعة، وهذا قد يعني لمُعظمنا تأخير وجبة الإفطار قليلاً، وتبكير وجبة المساء بعض الشيء، مثل أن يكون الإفطار في الساعة 8 صباحًا والعشاء في 6 مساءً.
عندما يتناول الإنسان الطعام في أوقات مُنتظمة يتوقعها الجسم، فإنَّ الساعة البيولوجية تُحافِظ على استقرار العمليات الفسيولوجية والبيولوجية أيضًا.
أمَّا عندما يكون تناول الطعام عشوائيًا في غير أوقات منتظمة، فإنَّ الساعة البيولوجية تتغيَّر مع تغيُّر هذه الأوقات، ما قد يرتد أثره على تنظيم العمليات الحيوية والنوم وغيره مِمّا تتحكَّم فيه الساعة البيولوجية.
وهذا الخلل الذي قد يحدث، ربّما يُؤثِّر سلبًا في نسبة السكر في الدم وحساسية الأنسولين، ما قد يضر بصحة الإنسان. أمَّا لو بكّرت وجبتك المسائية لتقليل زمن تناول الطعام على مدار اليوم، فقد لا ترتفع مستويات السكر في الدم كثيرًا خلال الليل.
اقرأ أيضًا:كم غرامًا نحتاج من البروتين في اليوم الواحد؟
علامَ تستند التغذية الزمنية؟
تستند التغذية الزمنية إلى بعض الأمور منها:
1- تجنُّب الأكل في وقت متأخر من الليل
تهدف التغذية الزمنية إلى تقليل الفترة الزمنية لتناول الطعام إلى 10 - 11 ساعة بدلاً من أن تكون 13 ساعة أو أكثر، ومِنْ ثَمَّ فالأفضل أن يكون العشاء مبكرًا لا في وقتٍ متأخر من الليل.
وأشار موقع "verywellhealth" إلى أنَّ المُصابين بالسمنة ومرض السكري من النوع الثاني، هم الذين يتناولون الطعام على مدار فتراتٍ زمنية طويلة تتراوح بين 14 - 16 ساعة خلال اليوم.
يستجيب الجسم بإطلاق بعض الهرمونات في أي وقت تأكل فيه؛ لذا إن تناولت الطعام في وقتٍ لا تبذل فيه جهدًا كبيرًا أو لا تُنفِق فيه طاقة الجسم، فسيزداد الجوع والشهية، كما أنَّ الأكل في وقت متأخر بالليل مرتبط بخلل عمليات التمثيل الغذائي.
كذلك في المساء، تظل مستويات السكر مرتفعة على الأرجح؛ لأنَّ الإنسان يظل مستلقيًا غالبًا، ولا يستفيد من الطعام المُتناوَل خلال الليل، ما قد يزيد خطر الإصابة بمرض السكري، ومِنْ ثَمّ كان مفتاح التغذية الزمنية هو تناول العشاء مبكرًا بالليل.
2- لا تغفل عن جودة الطعام
ليست الصحة مرهونة بأوقات تناول الطعام فقط، بل ينبغي أن تتناول الأطعمة المغذية، مثل الفواكه والخضراوات والحبوب الكاملة، لا الوجبات السريعة أو الأطعمة فارغة السعرات الحرارية، فإنّ تناول الوجبات السريعة بانتظام يمد الجسم بكثيرٍ من الأملاح والسكريات والدهون والسعرات الحرارية، ويحرمه أيضًا من الفيتامينات والمعادن المهمة، مهما كان وقت تناول الطعام منتظمًا.
ما الفرق بين التغذية الزمنية والصيام المتقطع؟
التغذية الزمنية مُغايرة تمامًا للصيام المتقطع، فالصيام المتقطع يهدف إلى تقليل عدد السعرات الحرارية الداخلة إلى الجسم، وغالبًا ما يتسبَّب الوقت المسموح لتناول الأكل في فقدان وجبة من الوجبات الرئيسة في اليوم؛ لقصر هذه المدة.
كذلك يتجاهل الصيام المتقطع الساعة البيولوجية تمامًا، إذ تمر أوقات دون تناول أي طعام بما قد لا يتوافق أحيانًا مع الساعة البيولوجية، أمَّا التغذية الزمنية فهي تُحاوِل ربط الأكل بالساعة البيولوجية بما يَحفظ كامل وظائف الجسم دون تقييدٍ كبير لعدد ساعات الأكل.
اقرأ أيضًا:أفضل نظام غذائي في رمضان.. دليلك الصحي من الإفطار إلى السحور
كيف تُوفِّق بين نظامك الغذائي والتغذية الزمنية؟
ليس ذلك بالشيء العسير، ولا باللغز المُعقّد، وهذا سيتضح فيما يلي:
1- الإفطار
وقت الإفطار هو الوقت الذي يُنتِج فيه الجسم معظم الإنزيمات الهاضمة للدهون، والاعتماد على التغذية الزمنية، يعني مرور وقتٍ طويل قبل الإفطار دون طعام، ومِنْ ثَمَّ فالجسم بحاجةٍ إلى تعبئة نفسه بالطاقة، ما يُؤكِّد الحاجة إلى تضمين الدهون الصحية والبروتين في الإفطار.
ويُفضَّل أن يحتوي الإفطار على أي من الأطعمة الآتية:
- الجبن.
- زيت اللوز.
- الأفوكادو.
- البيض.
- خبز الحبوب الكاملة.
- الشاي أو القهوة دون سكر.
أمَّا مصادر الكربوهيدرات، فيُفضَّل أن تكون من الأطعمة التي لا ترفع مستويات السكر في الدم كثيرًا، مثل الفواكه الطازجة والمكسرات.
2- الغداء
يُفضَّل أن يكون الغداء طبقًا واحدًا يحتوي على الخضروات، والبروتين وقليل من الحبوب، ويُفترض أن يكون وجبة كاملة مُشبِعة، مُلبِّية لاحتياجات الجسم الغذائية، ومن الاختيارات الغذائية المُفضَّلة للغداء:
- اللحوم الحمراء أو البيضاء.
- الخضروات، مثل الفاصوليا الخضراء، الجزر، القرع، والبطاطا الحلوة.
- الأرز أو المعكرونة أو الكينوا أو الحنطة السوداء.
3- الوجبة الخفيفة
الوجبة الخفيفة بعد الغداء تكون عادةً في الوقت الذي يزداد فيه نشاط الإنزيمات الهاضمة للسكر في الجسم، ومِنْ ثَمَّ يُفضَّل أن تحتوي على الكربوهيدرات والألياف، وربَّما بعض الخضروات إن كُنت تشعر بالجوع.
ومن الأطعمة التي يُمكِن اختيار أي منها وجبة خفيفة لك:
- الفواكه الطازجة أو المجففة.
- الفول السوداني.
- الشيكولاتة الداكنة.
- الجبن القريش مع العسل أو المربى.
يُفضَّل أن تكون الوجبة الخفيفة ضمن النظام الغذائي إن كُنت جائعًا، أمَّا لو مضى على الغداء أقل من 4 ساعات وشعرتَ بالجوع، فهذا قد يعني عدم تناولك ما يكفي من البروتين في الغداء.
4- العشاء
يُفضَّل أن يكون العشاء خفيفًا محتويًا على أطعمة يسيرة الهضم، مثل:
- السمك.
- بروتين الخضروات، مثل العدس والبازلاء وفول الصويا.
- البقوليات.
وينبغي تجنُّب الدهون والسكريات في الوجبة الأخيرة من اليوم، كما ينبغي أن تكون الفترة الزمنية بين الإفطار والعشاء 10 - 11 ساعة، وأن يكون العشاء في وقت باكرٍ من الليل.
مثال عملي على التغذية الزمنية
أولاً ينبغي أن تكون أوقات النوم والاستيقاظ منتظمة ليست عشوائية؛ كي تتمكَّن من ضبط أوقات الإفطار والعشاء، ثُمَّ يُفضَّل تأخير الإفطار قليلاً في الصباح، وتبكير العشاء قليلاً في المساء.
مثلاً إذا كُنت تنام من الساعة 11 مساءً حتى الساعة 6 صباحًا، فحاوِل أن تجعل الإفطار بعد ساعة من الاستيقاظ؛ أي في الساعة 7 - 8 صباحًا، أمَّا العشاء فيُفضَّل أن يكون في غضون 10 ساعات منذ وقت الإفطار، وفي المثال هنا يكون باكرًا في الساعة 5 - 6 مساءً.