ماذا تعرف عن متلازمة الدهون الوهمية.. كابوس يلاحق من فقدوا الوزن
بعد الخضوع لجراحة السمنة وفقدان قدر كبير من الوزن، يتوقع البعض الشعور بالسعادة والإنجاز، ولكن هذا ليس هو الحال دائمًا. إذ يعاني بعض الأشخاص من متلازمة الدهون الوهمية، وهي ظاهرة نفسية يعاني فيها الأفراد الذين فقدوا وزنهم بشكل كبير من استمرار تصور أنفسهم على أنهم لا يزالون بدناء، رغم التغير الجسدي الملحوظ.
ويشرح الباحثون أن هذه المتلازمة تحدث نتيجة لانفصال الجسم عن العقل. فيقولون إن الدماغ قد لا يتكيف بسرعة مع التغييرات الجسدية، ما يتسبب في استمرار تصور الشخص لنفسه بنفس الحجم الذي كان عليه قبل الجراحة. فحتى بعد فقدان الكثير من الوزن، قد يشعر الشخص أنه لا يزال يحمل جسده القديم، ما يعيق تقديره للتحول الإيجابي الذي حققه.
هذه الظاهرة لا تقتصر على فقدان الوزن فقط، بل قد تؤثر على صورة الجسم بشكل عام. وقد أكد الباحثون في دراسات عدة أن المتلازمة قد تؤدي إلى شعور مستمر بالقلق وعدم الرضا، ما يعيق الشخص عن الاستمتاع بحياته بعد التغيير الجسدي الكبير.
العلاقة المعقدة بين الجسم والعقل بعد فقدان الوزن
تشير الدراسات إلى أن الذاكرة النفسية للوزن الزائد قد تستمر لفترة طويلة بعد جراحة السمنة، ما يعوق الشخص من تقبل شكله الجديد. لم تتمكن العديد من النساء اللواتي خضعن لجراحة السمنة من تقبل أجسادهن الجديدة إلا بعد فترة طويلة من التكيف قد تتراوح بين 18 إلى 30 شهرًا.
أما في دراسة أخرى قام بها الطبيب النفسي جوشوا هرابوسكي، فقد ربط بين هذه الظاهرة وبين مفهوم "الطرف الوهمي"، الذي يشعر فيه الأشخاص الذين فقدوا أطرافًا معينة بالجسم وكأنها ما زالت موجودة.
وهذا يشير إلى أن العقل يواجه صعوبة في تكيفه مع التغيرات الجسدية السريعة، مما يؤدي إلى استمرار التصور القديم للجسم.
لماذا تحدث متلازمة الدهون الوهمية؟
تعتبر صورة الجسم جزءًا مهمًا من الهوية الشخصية، والتي تتشكل على مدار سنوات من تجارب الفرد. وبالنسبة لأولئك الذين عانوا من السمنة لفترة طويلة، فقد تصبح تلك الصورة راسخة في أذهانهم. حتى بعد فقدان الوزن الكبير، قد لا يتكيف العقل مع هذا التغيير الجسدي بسرعة.
يضيف كيفن ريتشاردسون، مدرب اللياقة البدنية، في مدونته أن فقدان الوزن ليس سوى جزء من عملية شاملة لتحسين الذات، وأن التحدي الأكبر يكمن في تغيير المعتقدات الذاتية التي تكونت نتيجة سنوات من العيش مع صورة جسم غير مقبولة.
كما يوضح أن الندوب النفسية الناتجة عن الوصمة الاجتماعية التي تصاحب السمنة قد تظل موجودة حتى بعد التخلص من الوزن الزائد.
اقرأ أيضًا: تحذير من متلازمة التعب المزمن وتأثيرها الخفي على الصحة
كيف تتغلب على متلازمة "الدهون الوهمية"؟
لحل هذه المشكلة النفسية، قد يحتاج الشخص إلى العلاج السلوكي المعرفي الذي يساعد الأفراد على تعديل أفكارهم الداخلية وتقبل التغييرات الجسدية.
كما يُنصح بممارسة تقنيات اليقظة مثل التأمل واليوغا، التي تساعد في تخفيف التوتر وتحسين الصحة النفسية بشكل عام.
إضافة إلى ذلك، يمكن مقارنة الصور القديمة بالصور الحديثة كوسيلة لتعزيز الصورة الإيجابية للجسم الجديد، كما يمكن تغيير الملابس بما يتناسب مع الجسم الجديد لتعزيز الشعور بالراحة والثقة.
في النهاية، فإن التأقلم مع التغييرات الجسدية يتطلب وقتًا، ويجب أن يكون الشخص لطيفًا مع نفسه في هذه الرحلة، ويحتفظ بعقلية إيجابية مع التغيير الذي حدث في حياته.