بولا يعقوبيان لـ "الرجل": ابني كل حياتي
بيروت: كارولين عاكوم
المصادفة وحدها هي التي قادت اللبنانية بولا يعقوبيان الى الإعلام، بعدما كانت تخطط للتخصّص في "التغذية" أو "الهندسة الزراعية". لكن شخصية يعقوبيان، وإصرارها على العمل لتطوير نفسها، مع تأكيدها أن الطموح لا نهاية له، مكّناها من حجز موقع ثابت لها في البرامج الحوارية السياسية. وفي حين ترى أن الغرور عدوّ الاعلامي مهما حقق من نجاحات، تؤكد أن الفشل يبدأ عندما يكتفي الإنسان بما وصل اليه.
تنقلت يعقوبيان المعروفة بنشاطها "البيئي" بين وسائل اعلامية لبنانية وأجنبية عدّة، وها هي اليوم تطلّمنذ بضع سنوات على المشاهدين اللبنانيين والعرب، من خلال برنامجها "interviews"على قناة "المستقبل".
وكان لـ"الرجل" هذا الحوار معها:
* كيف بدأت مسيرتك الإعلامية؟
بعد تخرجي في المدرسة، كنت في حيرة من أمري بين التخصّص في "التغذية" أو "الهندسة" الزراعية، ولم يكن الاعلام ضمن الخيارات التي أبحث عنها، والمصادفة وحدها هي التي جعلتني أدخل هذا المجال. اذ كنت في زيارة لقناة "آي سي إن" اللبنانية، وطلب مني أن أقوم بتجربة أداء تقديم نشرة الأخبار، ونجحت في المهمة. ومنذ ذلك الحين بدأ مشواري الإعلامي على الشاشة الصغيرة، وتولّيت بعدها منصب "سكرتير التحرير"، ومن ثمّقدمتبرنامج «السلطة الرابعة». وبعد ثلاث سنوات انتقلت إلى المؤسسة اللبنانية للإرسال «إل بي سي آي»، لتقديم البرنامج الصباحي السياسي «نهاركم سعيد» في موازاة تقديم نشرة أخبار الفضائية اللبنانية.
في عام 1999 انتقلت إلى محطتي «إم تي في» و«إي آر تي»، حيث قدمت برنامجاً سياسياً أسبوعياًلفترة قصيرة، قبلانفصال القناتين اثر مشكلات نشبت بين القائمين عليهما. بعد ذلك، انتقلت إلى قناة «الحرة» الأمريكية التي كان يديرها زوجي الإعلامي موفق حرب، وأدت بعض المشكلات الى تركه المحطة، وهو الأمر الذي أثر سلباًفي عملي، ولم يسمح لي حينها بالظهور أكثر من ثلاث مرات على الشاشة، فقررت الرحيل.
* هل تذكرين المرة الأولى التي ظهرت فيها على الشاشة؟ وكيف كان شعورك؟
بالطبع هذا اليوم لا يمكن أن أنساه، إذ كانت اطلالتي الأولى على شاشة "أي سي أن" اللبنانية عام 1994. وكان حينها من المفترض أن أقدم نشرة الأخبار مع إعلامية لها خبرة في المجال، لكنها رفضت مشاركتي لها بحجة أنني مبتدئة، عندها طلب مني مدير الأخبار أن أقدمها بمفردي، وهذا ما حصل. لكن وبعد تجربتي الناجحة أصبحتْ ملزمةً مثل غيرها على مشاركتي النشرة.
* من أهم الأسماء التي حاورتها؟ ومن الشخصية التي لا تزالين ترغبين في محاورتها؟
حاورت عدداً كبيراً من الشخصيات العربية والعالمية، منهم الرئيس الأميركي السابق جورج بوش والعقيد الليبي الراحل معمر القذافي، ورئيس وزراء لبنان الراحل رفيق الحريري.وممّا لا شك فيه أنّني أرغبفي محاورة كل من هو صاحب قرار وأي شخصية لها علاقة بالحدث.
* ما المقومات التي يفترض أن يمتلكها الإعلامي - فيرأيك -لتحقيق النجاح المطلوب في عمله؟
على الإعلامي أن يتمتّع بالثقة بالنفس والحسّ التحليلي. والإعلام المرئي بشكل خاصّ يتطلب الجرأة والشخصية القويةلتحقيق النجاح.ورغم أنني معروفة بشخصيتي القوية منذ طفولتي،فإن عملي الاعلامي كان له دور مهم في تقدمي، ليس مهنياًفقط،إنما في تطوير شخصيتي أيضاً.
كذلك، على المحاور أن يكون مطلعاً وعارفاً ومتواطئاً مع الجمهور والرأي العام، وليس مع السياسي ضد الناس الذين يمثلهم. وفي حين من حق الاعلامي أن يطمح الى النجاح الدائم لكن لا بدّ من التأكيد أن الغرور عدوّ النجاح، وإذا أصاب الاعلامي قد يتحول الى نقمة وينعكس عليه سلباً، بدل أن يكون عاملاً ايجابياً.
* الى جانب عملك في الاعلام تقومين مع زوجك بإدارة مؤسّسة للتدريب الاعلامي والخطابي، ما المهام التي تقومين بها؟
كنت قد تلقيت دورات خاصة في «media training»، خلال وجودي في نيويورك،وهي ترتكز على أسس الاطلالات الاعلامية الصحيحة. وقررت أنا وزوجي منذ سنوات افتتاح مؤسّسة متخصّصة في هذا المجال، لتدريب سياسيين ودبلوماسيين ومديري شركات، في لبنان وبعض الدول العربية، على تقنيات هذه الإطلالة وكيفية التحضير لها، اضافة الى الخطاب ومضمونه وترتيب الأفكار بحسب أهميتها والسلوك أمام الكاميرا.
* كيف تقوّمين أداء السياسيين اللبنانيين والعرب مقارنة مع الغرب؟
ومن الشخصية التي ترين أداءها الخطابي مميّزاً؟
في ما يتعلق بأداء السياسيين العرب، يمكن القول إنّ معظمهم بحاجة إلى تدريب حتى أن خطابات بعضهم "غوغائية" لا ترتقي الى الجمهور الذي يخاطبونه، وقد يتخطون الحدود يتصرفاتهم، على عكس الدول والمجتعات المتقدمة، حيث يحترم المسؤول جمهوره الذي بدوره يضعه أمامالمحاسبة. وهنا لا بدّ من الاشارة الى أنّ أمين عام جامعة الدول العربية السابق، عمرو موسى يتمتع بإطلالة رجل الدولة والمسؤول، وهو الأمر نفسه الذي كان ينطبق على النائب اللبناني الراحل نسيب لحود،علماً أنه لم يخضع لأي تدريب خاص وكان يمتلك هذه الصفة بالفطرة.
ومن الشخصيات السياسية العالمية، أثبت رئيس الوزراء البريطاني توني بلي، طوال عشر سنوات، حضوراً مميّزاً في كل التصريحات الصحافية والمقابلات الاعلامية التي أدلى بها.
* هل تقديمك هذه الدروس يعني أنك لا ترتكبين أخطاء في إطلالاتك الإعلامية، وفي عملك على الشاشة؟
طبعا لاً، لأن إعطاء النصائح لا يعني أنني أتقن القدرة على تطبيقها مئة في المئة، اذ إن هناك اختلافاً بين الشخص الذي يشاهد ويراقب، ومن يقوم بعمله أمام الكاميرا، لكن ممّا لا شك فيه أن هذا الأمر ساعدني ويساعدني كثيراً في عملي وفي حياتي المهنية والاجتماعية.
* هل ترين في زواجك برجل يعمل في المجال نفسه، أمراً سلبياً أم ايجابياً في حياتك المهنية والشخصية؟
هذا الأمر ينعكس بالطبع ايجاباً على اعتبار أنه يتفهّم طبيعة عمليومتطلباته، علماً أن زوجي كان له دور مهمّ في بداية حياتي المهنية. أما اليوم فقد اختلف الوضع قليلاً، نظراً لضغوط العمل وانشغال كل منا بمسؤولياته، لكن ممّا لا شك فيه أنه داعم لي، وأستشيره بشكل دائم،وأي ملاحظة يعطيني اياها تؤثر فيّ، لأنني أعرف أن رأيه صحيح.
* ما دور الرجل بشكل عام في حياة بولا يعقوبيان؟
كانت صورة الرجل شبه غائبة فيبيتنا، منذ أن كنت في التاسعة، حين توفي والدي، بينما كان أخي غير الشقيق مهاجراً. وتعوّدت "حياة الإناث" بين أمي وأختي التي تزوجت بدورها باكراً، وهو الأمر الذي جعل لأمي الدور الأبرز في حياتي.
ويمكنني القول إنّ وجود الرجل في عائلتي لم يكن أمراً "مألوفاً"، الى أن تزوجت وبدأت أتعوّد الأمر، وأصبحت أعيش الآن مع "رجلين" زوجي وابني. مع العلم، أنني لا أجد اختلافاً بين المرأة والرجل، بعدما أصبحا متساويين في معظم نواحي الحياة.
*كيف تقوّمين نفسك زوجةً وأمّاً واعلاميةً؟ وهل من الممكن القول إن عملك الذي يتطلب منك وقتاً طويلاً، يكون أحياناً على حساب عائلتك؟
على العكس من ذلك، أحرص على اعطاء كل شيء في حياتي حقه. وهذا أمر طبيعي أصبح بالنسبة إلى كل النساء العاملات اللواتي تعوّدن "اعتمار أكثر من قبعة" في الوقت نفسه. ويمكنني التأكيد أن عملي لغاية الآن لا يؤثر فيعائلتي، كما أنني لست مقصّرة في هذه الناحية. ورغم أنّ ابني الذي أعدّه "كل حياتي" لا يزال في سن العاشرة من عمره،فإنني أتعامل معه على أنه شخص راشد عليه تحمّل المسؤولية، وهو يشاركني في الكثير من الأعمال والنشاطات التي أقوم بها،ولا سيّما البيئية منها.
* إضافة الى عملك الإعلامي، فأنت ناشطة"بيئية"، ولك مشاركات بحملات للتوعية في هذا الاطار، لماذا تهتمين بهذا الأمر؟ وما آخر نشاطاتك؟
"البيئة" في لبنان من أكثر المواضيح التي أراها مهمة، حيث بتنا "مكبّاً" كبيراً للنفايات، وآخرها الفضيحة التي أثرتها في برنامجي، وهي تصدير النفايات الإلكترونية من الدول الاوروبية الى لبنان.
انطلاقاً من هذا الواقع أرى نفسي معنية بأي قضية بيئية، وأنا على استعداد للإسهامفي أي شيء يطلب منّي. وفضلاًعن مشاركاتي الدائمة في هذا النوع من النشاطات، أسهمت أخيراً في إطلاق مشروع صناعة الحقائب من اطارات السيارات "Vea"، التي يعود ريعها إلى جمعيات تعنى بإعادة تشجير بعض المناطق اللبنانية.