لماذا نشتري أكثر بعد الأزمات؟ (فيديوجراف)
يُعد "الإنفاق الانتقامي" سلوكًا اقتصاديًا مثيرًا، يظهر عندما يزداد الإنفاق الاستهلاكي بشكل ملحوظ بعد أزمة اقتصادية حادة، مثل تلك التي حدثت خلال "جائحة كورونا" أو الأزمة المالية في عام 2008.
يكمن السبب الرئيسي وراء هذا السلوك في رغبة الناس تعويض ما فاتهم من استهلاك خلال فترات الأزمات والقيود الاقتصادية، ما يؤدي إلى زيادة كبيرة في الطلب على السلع والخدمات.
من بين الأرقام الصادمة التي توضح تأثير هذا النوع من الإنفاق، نجد أن الإنفاق العالمي شهد زيادة بنسبة 121% بعد الأزمة الاقتصادية لعام 2008، وفقًا لـ"أميركان إكسبريس"، كما أظهرت الإحصائيات أن الإنفاق على السفر بلغ حجمه 1.1 تريليون دولار في 2022، وفقًا لـ"شركة ترافل ليدرز".
وتوضح هذه الأرقام حجم التحول في سلوك المستهلكين، حيث يظهر الإنفاق الانتقامي بشكل جلي بعد الأزمات، على سبيل المثال، في عام 2008، بعد الأزمة المالية العالمية، ارتفع الإنفاق الاستهلاكي العالمي بنسبة 1.3%.
اقرأ أيضًا: عوامل كثيرة قد تتحكم.. لماذا تدفع أكثر مما يجب مقابل الاستحواذات؟
وفي عام 2010، ارتفعت مبيعات السيارات في أمريكا بنسبة 11%، في حين شهدت شركات السلع الفاخرة زيادة في مبيعاتها بنسبة تتراوح بين 20% و30%، كما سجل قطاع السلع الفاخرة في 2021 ارتفاعًا بنسبة 29%، مع زيادة مبيعات علامات تجارية مثل: "تيفاني آند كو"، "جوتشي"، و"لوي فيتون" بنسبة 30%.
واستمرارًا في هذا الاتجاه، شهدت إيرادات العلامات الفاخرة في 2021 زيادة بنسبة 47%، وفقًا لـ"شركة ريتشمنت"، كذلك، زاد الإنفاق على السفر والسياحة بنسبة 58% في 2022، وارتفعت مبيعات الأجهزة الإلكترونية عالميًا بنسبة 14% في 2021، بإيرادات وصلت إلى 300 مليار دولار، وفقًا لـ"شركة سيمون ترافيل".
في الوقت نفسه، سجلت أسواق العقارات زيادات تتراوح بين 10% و20% في 2021، مع ارتفاع أسعار المنازل في الولايات المتحدة بنسبة 20%، كما شهد قطاع الضيافة قفزة كبيرة بعد جائحة كورونا، حيث زادت الإيرادات بنسبة 60%، ليصل إجمالي الإنفاق العالمي في هذا القطاع إلى أكثر من 100 مليار دولار.
وعلى الرغم من الفوائد التي يجلبها الإنفاق الانتقامي، مثل تحفيز النمو الاقتصادي على المدى القصير، وزيادة رضا المستهلكين، فإنه يحمل أيضًا مخاطر كبيرة.
اقرأ أيضًا:فوائد "التنوع والشمول".. كيف تمهد طريق مؤسستك نحو النجاح؟
فقد يؤدي الإنفاق المفرط إلى استنزاف المدخرات الشخصية، مما يترك المستهلكين في أزمة مالية طويلة الأمد، بالإضافة إلى ذلك، قد يؤدي هذا الإنفاق إلى زيادة التضخم بسبب ارتفاع الطلب على السلع والخدمات مقارنة بالعرض المتاح.
لذلك، ينصح الخبراء بضرورة تشجيع الادخار المسؤول، وتحفيز الاستثمار بدلاً من الاستهلاك المفرط، كما يجب مراقبة التضخم باستخدام أدوات السياسة النقدية، لضمان استقرار الاقتصاد.
ومن المهم أن يحقق المستهلكون التوازن بين تعويض ما فاتهم خلال الأزمات، والحفاظ على استدامتهم المالية، من خلال وضع ميزانية محددة للإنفاق والتركيز على الأولويات، مع التخطيط المالي طويل الأمد لضمان الاستقرار المالي المستقبلي.