د. محمد النغيمش يكتب لـ«الرجل»: كيف يحمي الإنسان كوكبه؟
مرَّ كوكب الأرض بتجربة فضائية مذهلة عندما استنفر علماء الفضاء لمّا عرفوا أن كويكبًا يبعد 11 مليون كيلومتر، يتجه نحو كويكب أكبر منه، ليصطدم به (يشبه فكرة الكرة الأرضية).
اجتمع العلماء وحددوا موقعه وإحداثياته، واتفقوا على أي جزء منه سيكون الاصطدام المقصود، بل في أي لحظة يمكن ضرب هذا الكويكب (دايمورفوس) بحيث ينجح العلماء في تغيير مساره.
وهذا ما حدث عندما انطلق المسبار "دارت" فضرب الكويكب في الزمان والمكان نفسه، بدقة عجيبة.
ما جرى كان محاولة من العلماء لتجربة كيف يمكنهم التصدي للأخطار المحدقة بكوكبنا مستقبلاً، على غرار فكرة فيلم "حرب النجوم"، وقد نجح العلم مجددًا في تجربة يشار إليها بالبنان.
ذلك أنه صار في مقدور الإنسان أن يُعْمِل عقله في إيجاد حلول خلاقة، ليس لها علاقة بسطح الأرض ولا باطنها فحسب، بل حتى في عمق الفضاء الدامس.
الاصطدام المُرتب له وقع من قبل مسبار يزن نحو 500 كيلو جرام.
وقد تمكن العلماء أيضًا من تقدير وزنه وهو يسير في مكان لا يُرى بالعين المجردة، وليس سرعته أو اتجاهه فحسب، ويكشف هذا جانبًا من عبقرية البشر، وطريقة تفكيرهم الخلاقة.
التنبؤ بالأخطار
وأنا أتأمل ما تناقلته وسائل الإعلام ووكالات الأنباء عن هذه التجربة المهمة، تساءلت إذا كان في مقدور المرء حل مشكلة مستقبلية يتوقع العلماء حدوثها، بوأدها في مهدها، فهل يستطيع هؤلاء البشر أن يقوموا بجهود مماثلة للتنبؤ بالأخطار.
اقرأ أيضًا:د. محمد النغيمش يكتب لـ«الرجل»: تجربة بنك بريطاني.. تخفيض ساعات العمل
المتوقعة على كوكبنا؟
العلم الحديث يقول إن المستقبل القريب سيشهد مزيدًا من منتجات وبرامج وحلول لم تخطر على بال الناس بالاستفادة من الذكاء الاصطناعي، في تحديد تفاصيل دقيقة كانت في طي الكتمان عن سلوكيات للمجرمين، وتنقلاتهم، وقراراتهم، وتفاصيل عن السياح وتنقلاتهم وغيرها.
وذلك على غرار نجاح سنغافورة في التنبؤ بالحوادث المرورية قبل وقوعها، بعد تطويرها برنامجًا يعمل بالذكاء الاصطناعي، يتنبأ باحتمالية وقوع حوادث مرورية من قبل سائقي الحافلات "crash predictor".
وجاء ذلك بعد رصد دقيق لبيانات سابقة عن سلوكياتهم، فنجحوا في إعادة تأهيلهم لحفظ أرواح ملايين الركاب سنويًّا.
وقد أشارت الأرقام إلى تخفيض معدل تكرار وقوع الحوادث إلى 1.41 وهو أقل بكثير من المتوسط السائد (2.8) سابقًا.
ويعمل العلماء على تطوير شريحة تُزرع تحت جلد الإنسان، أو تلامسه، يمكنها التنبؤ بمعلومات طبية مذهلة عن صحته، وتُربط مع الأطباء الذين يتابعون حالته.
اقرأ أيضًا:د.محمد النغيمش يكتب لـ«الرجل»: «المهمات المستحيلة»
التعرف على ذائقة الإنسان
وفي عالم الديكور ربما يصبح في مقدور الآلات أن تتعرف على ذائقة الإنسان مثل ماذا يحب، وماذا يكره، وماذا يرتدي، وما الألوان التي يفضلها؟ فيستطيع البرنامج الذكي أن يستوحي من ذلك كله غرفة نوم أنيقة تناسبه، أو غرفة معيشة تعكس تفضيلات أفراد الأسرة وهكذا.
وذلك في سباق محموم نحو مزيد من الدهشة، لهذا العقل الخلاق، وسبحان الذي قال في محكم كتابه "علم الإنسان ما لم يعلم".
وأنا أتأمل ذلك أتساءل إذا كان لدى الإنسان تلك المقدرة على حل مشكلات قبل وقوعها بكفاءة واقتدار، فلماذا لا يحل مشكلاته الشخصية؟ لماذا لا يواجه تحديات علاقاته المتصدعة؟ لماذا لا يستعين بأفضل العقول أيضًا قبل أن ينشغل بتصنيع تلك الآلات لتقديم حلول مستدامة تفيده، وترتقي بسلوكيات مجتمعه.
فالإنسان بحد ذاته، كويكب قائم بذاته، يستحق العناية.