من هو «صانع المطر» وهل تحتاج شركتك إليه؟
في عالم الأعمال تبحث الشركات بشكل دائم عن السبل التي تمكنها من التقدم، وهذا يعني بيع المنتج الخاص بها، بغض النظر عن ماهية هذا المنتج، وحسم الاتفاقيات لصالحها بالإضافة إلى ضمان نمو الشركة بوتيرة ثابتة. وفي حال لم تتمكن الشركة من تحقيق ذلك فهي عادة تلجأ إلى «صانع المطر» الذي من المفترض أن يحدث فارقاً كبيراً لأي مؤسسة يعمل فيها.
وبرغم أن التجربة أثبتت أن صانع المطر يمكنه ضمان عائدات ضخمة، وكسب زبائن جدد ورفع نسبة المبيعات للمنتجات والخدمات إلا أنه ما زال محط جدل. فهناك انقسام بالرأي حول جدوى توظيف «صانع المطر» وعن أهمية هكذا أشخاص للشركات، مقابل فئة تعتبر أن عدم الاستفادة من مواهب هذه الفئة خسارة للشركات التي تحتاج إلى زيادة معدل مداخيلها.
من هو صانع المطر؟
لو عدنا إلى أصل التسمية فإن ذلك سيقودنا إلى القبائل التي كانت تؤدي طقوسا معينة لجلب المطر. وعليه التسمية ترتبط بجلب الخير الذي سينعش كل مجالات الحياة. وهذا ما هو عليه «صانع المطر» في عالم الأعمال فهو شخص يملك مهارات متقدمة في مجال التسويق والمبيعات وبارع في تطوير الأعمال وكسب زبائن جدد وحسم الاتفاقيات لصالح الشركات بمعدلات عالية جداً.
هو ذلك الموظف الذي يتفوق على جميع زملائه لناحية الأداء والنتائج والذي يتمكن من موقعه، مهما كان، من أن يدر مدخولاً على الشركة من خلال توظيف مهاراته المهنية والاجتماعية التي تمكنه من تشكيل التحالفات اللازمة التي لا تحقق له النجاح فحسب بل لجميع الأطرف المعنية ولأنه يقدم أداء مثالياً فهو عادة يتسلم السلم الوظيفي بسرعة.
لغاية الآن فكرة «صانع المطر» تبدو أفضل من أن تكون حقيقية ولعل الغالبية تسأل نفسها عن السبب الذي منعها لغاية الآن من توظيف هكذا شخص! في الواقع كما هو الحال في الحياة بشكل عام، كذلك في عالم الأعمال، كل شيء له وجهه الإيجابي والسلبي. وكي تتمكنوا من حسم قراركم، سنعرض لكم وجهات النظر كافة حول صانع المطر وجدواه للشركات.
أين يمكن العثور على صانع المطر؟
برغم أن هناك بعض الشركات التي يمكنها أن «تزودكم» بصناع المطر الذين تحتاجون إليهم ولكنكم قد لا تحتاجون إلى البحث لأنكم على الأرجح تملكون صانع مطر أو أكثر في شركتكم حالياً.
صانع المطر الخاص بكم والذي لم تقوموا باكتشافه بعد سيكون ذلك الموظف الذكي المتحمس وبشكل دائم للتعلم ويأتي إلى العمل يومياً بهدف واحد وهو النجاح. كل ما عليكم فعله هو السؤال عن الموظف الذي يملك مهارات حسم القرارات والذي يعتبر الأفضل في مجاله والذي يحظى باحترام زملائه. الإجابة ستدلكم على صانع المطر الخاص بكم والذي سيعود بالكثير من الفائدة على الشركة حين يتم توظيف مهاراته في المكان المناسب.
اكتشاف «صانع المطر» الخاص بكم يعود بالفائدة على الشركة أكثر بكثير من توظيف شخص ما من خارج الشركة. على سبيل المثال، جاك ويلش، مؤسس جنرال إلكتريك، طور نظام تقييم مكنه من العثور على صناع المطر في شركته والاستفادة منهم. فالشركة كانت تملك نظام تصنيف إلزامي لجميع الموظفين من خلال نظام تقييم «التسع خانات» والذي كان يقيم حجم المساهمة الحالية والمحتملة للموظف في الشركة. الأعمدة الرأسية هي لتقييم إمكانات النمو أما الأفقية فهي لتقييم ما إن الموظف على قدر توقعات الأداء أو يتجاوزها وتقاطع الأعمدة مع الخانات يحدد وضع الموظف حالياً وما إن كان يحتاج الى التطوير. الأشخاص الذين كانوا يحصلون على أعلى تقييم كانوا صناع المطر في الشركة.
أي تأثير يمكن لصانع المطر إحداثه في شركتك؟
صانع المطر ولأنه يملك مهارات عالية في مجالات مختلفة يمكنه أن يحقق الكثير للشركة ليس فقط خلال فترة عمله وإنما بعد رحليه وذلك لأنه يؤسس لمسار ناجح ثابت وطويل الأمد. صانع المطر وفور «تسلمه» لمهامه سيقوم أولاً بدراسة الاحتمالات والمشاكل والخروج بحلول تعتمد على الاحتمالات المتوفرة وأهداف منطقية تتمحور حولها. أي بتعبير آخر سيحاول معرفة ما الذي تحتاج إليه الشركة والسبب الذي جعلها تحتاج إليه.
ولأنه يملك معرفة واسعة لحاجات السوق ومشاكله وتعقيداته فهو سينكب على دراسة المنتجات والخدمات التي تقدمها الشركة إذ لا يمكنه تسويق ما لا يعرفه عن ظهر قلب وبعد الفهم المعمق للمنتجات والخدمات سيتمكن من توجيه الزبائن بالاتجاه الذي تريده الشركة. ولكن لا يجب توقع نتائج مذهلة بلمح البصر وذلك لأن العنصر الأساسي الذي يعتمد عليه صانع المطر هو الصبر والسيطرة. سيكون هناك انتظار للحظة المناسبة التي تجلب معها الاحتمالات والآفاق المثالية للشركة وحينها سينقض عليها ويقتنص الفرصة التي يمكنه السيطرة على نتائجها.
لماذا يرفض البعض فكرة «صناع المطر»؟
البعض يرى بأن توظيف صانع المطر هو أشبه بتغليف هدية قبيحة للغاية بورق جميل. الشكل سيكون جميلاً لبعض الوقت ولكن عاجلاً أم آجلاً القبح سيظهر. هؤلاء ينصحون أصحاب الشركات بالقلق حين يقوم أي من كبار المديرين في الشركة باقتراح توظيف صانع للمطر لأن ما يقول عملياً هو أن أسعار الخدمات والمنتجات مرتفعة جداً، وما تقدمه الشركة يخسر أمام المنافسين وعليه موقع المؤسسة ضعيف ولهذا السبب هناك حاجة ملحة لشخص «يجترح» المعجزات.
في عالم الأعمال لا يوجد معجزات، بل هناك حلول للمشاكل والتخطيط الصحيح. الحجة الأولى التي تقدمها الفئة المعارضة لصانع المطر هي أن «قيمتهم» مبالغ فيها وبأنهم لا يملكون المهارات التي يتم الترويج لها. فلو عدنا إلى أصل التسمية، القبائل في نيو مكسيكو كانوا يملك معرفة واسعة بأنماط الطقس وبالتالي كانوا يقومون بطقوس صناعة المطر للسكان الذي استقروا في المنطقة مقابل الطعام والبضائع، أي أنهم كانوا يقومون بالطقوس في التوقيت المناسب، فهم يعرفون بأن المطر سيهطل قريباً. وهكذا هو صانع المطر بالنسبة للفئة المعارضة، شخص يملك موهبة التواجد في المكان المناسب في اللحظة المناسبة. ولأنهم يملكون مهارات عالية خصوصاً في ملاحظة التفاصيل فهم يقدمون ما تحتاج إليه الشركة تماماً في التوقيت المناسب ثم يرحلون.
ولكن الحصول على الحل في ذلك التوقيت لا يعني أن المشكلة تم حلها بشكل كلي ما يعني أن الشركة وخلال فترات لاحقة ستعود وتقع في المأزق نفسه مجدداً.
الحجة الثانية تتمحور حول عدم اتباع صانع المطر لنظام الشركة في أداء الأعمال. فلو افترضنا أن شركة ما تملك نظامها الخاص في قسم التسويق والمبيعات وطريقة معينة في أداء الأعمال، وفجأة يأتي صانع المطر ويقوم بالتبديلات التي يريدها بحجة أنه سيجعل المال ينهمر على الشركة. التبديلات المفاجئة لقسم برمته لا تعود أبداً بالفائدة على الشركة فالعمل في الشركات مرتبط ببعضه البعض، وتبديل جذري وكلي مفاجئ في قسم سيجعل الفوضى تعم في الأقسام الأخرى.
الحجة الثالثة هي أن صانع المطر يمكنه أن يحتجز الشركة كرهينة لبعض الوقت. فهذا الشخص الذي حقق عائدات ضخمة وتمكن من قلب الأمور رأساً على عقب سيجد نفسه يملك نفوذاً وقوة، وأصحاب الشركات عادة لا يكترثون للتفاصيل طالما يتم تحقيق النتائج والأهداف.
هل هناك حلول وسطية؟
بين الفئة التي ترى بأن صانع المطر يصنع المعجزات والفئة التي تتهمه «بالخداع» هناك حلول وسط يمكنها أن تساعد أصحاب الشركات على الحصول على ما يحتاجون إليه بالضبط. إن كان لا بد من صانع مطر فابحثوا عنه في شركاتكم، فهكذا تضمنون حصولكم على شخص تعرفون قدراته ومهاراته وحجم ولائه وإخلاصه للشركة. ولكن في الوقت عينه يجب البحث عن المشكلة التي دفعتكم للبحث عن صانع مطر، فهل الخلل في سعر الخدمات والمنتجات؟ أم المشكلة في الجودة والتنفيذ؟ أم في القيمة التي تقدمها الشركة مقارنة بالمنافسين؟ العمل على حل الخلل والاستعانة بمن يملك مهارات عالية يمكنهما أن يحققا نتائج مذهلة.
المؤثرون الخمسة في قطاع الصناعات الأساسية في المملكة العربية السعودية