مقاربات تساعدك كمدير على تحفيز فريق عملك خلال الأزمة الحالية
يمكن القول إن الغالبية تأقلمت إلى حد ما مع المتغيرات التي فرضها فيروس كورونا تأقلما ليس بالضرورة مريحا أو ممتعا ولكنه ضروري للتعامل مع هذه الفترة. ولكن المشكلة الأساسية التي تتعلق بكوفيد ١٩ تتمحور حول عدم القدرة على تحديد تاريخ ينتهي فيه كل هذا، فعدم اليقين وعدم الوضوح هما العنوان العريض للمرحلة القادمة. البعض يقول إن الحياة لا يمكنها أن تعود إلى طبيعتها وبأن كل تصرفاتنا وعاداتنا وطقوسنا سواء الاجتماعية أو المهنية ستتبدل.
الوضع هذا يمكنه أن يخلق الكثير من مشاعر الإحباط، وعندما نضيف إلى المعادلة بأن الأخبار اليومية أشبه بعداد يثير الاكتئاب فإن المحافظة على الحماسة تجاه أي شيء صعب للغاية.
ردة الفعل على النمط الجديد للحياة تختلف من شخص لآخر، البعض قد يتمرد والبعض الآخر قد يعاني من الاكتئاب والإحباط. كمدير ستجد نفسك تخوض هذه المعركة النفسية على جبهات عدة، فهناك صراعك الخاص، وصراع من حولك من أفراد العائلة وهناك فريق عمل كل يحمل مخاوفه الخاصة وإحباطه الخاص. المشاعر السلبية تقتل الحماسة وتقضي كلياً على الشعور بالتحفيز للقيام بأي عمل كان وعليك التعامل مع هذه المشكلة لا لأنها تتعلق مباشرة بالعمل فحسب بل لأنها تتعلق بالصحة النفسية لشخص آخر.
فكيف يمكنك كمدير مساعدة فريق عملك على الشعور بالحماسة مجدداً رغم عدم الوضوح وعدم معرفة ما الذي سيحمله المستقبل؟
نصيحة وارين بافيت للمديرين: لا توظفوا شخصا لا يتحلى بهذه الصفات
القيادة من خلال الذكاء العاطفي
الأشخاص الذين يعملون تحت إمرتك، حالهم حال جميع الموظفين حول العالم، ما زالوا يحاولون إيجاد التوازن بين سيل جارف من المشاعر المتناقضة. فهناك تداعيات البقاء في المنزل، وحالياً التخوف من العودة إلى مكان العمل حين تبدأ المؤسسات بفتح أبوابها تدريجياً، القلق حول سلامة الآخرين من أفراد عائلتهم والخوف على مصير وظيفتهم في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة وكل هذه الأمور تؤدي إلى فقدان التحفيز.
بداية لا يجب النظر إلى الموظفين على أنهم حالة واحدة، فكل شخص يأتي مع مجموعة مختلفة من مشاعر التوتر والقلق والإحباط، فهناك مثلاً من يعاني في مجال إيجاد التوازن المثالي بين متطلبات العمل، ومتطلبات التدريس عن بعد لأولاده وبين متطلبات الحياة العائلية بشكل عام في ظل كورونا، وهناك من يحزن بصمت حداداً على شخص خسره بسبب الفيروس وغيرها من الأمور. كل شخص يحمل عبئاً مختلفاً وعليه فإن التعامل معها كحالة واحدة لن يجدي نفعاً، وفي الوقت عينه التعامل مع كل حالة بشكل منفصل يعني أنك ستدخل نفسك في متاهة لا مجال للخروج منها.
كل ما عليك هو أن تكون مديرا يشعر بالتعاطف مع الموظفين، أي أسلوب القيادة الخاص بك يجب أن يظهر التعاطف معهم ومع المعاناة التي يختبرونها. لذلك قم بتخصيص قنوات للاتصال لا علاقة لها بشؤون العمل وهنا يمكنك اعتماد مقاربتين كل واحدة منها تعتمد على عدد الأشخاص الذين تشعر بأنهم فقدوا الحماسة تجاه العمل. في حال كان العدد قليلا حينها قم باجتماع خاص منفرد مع كل واحد منهم وفي حال كان العدد كبيراً قم بلقاء جماعي عبر الفيديو.
خلال هذه اللقاءات شجعهم على الحديث عن أحوالهم بصدق وفي حال لمست بعض التردد قم بالحديث عن مشاعرك وعن الأمور التي تختبرها خلال هذه الفترة ثم استمع إليهم.
التخلص من هذه المشاعر السلبية والتعبير عنها والشعور بأن هناك من يستمع إليهم سيمكنهم من التركيز مجدداً على العمل. فحين يشعر الشخص بأنه ليس وحيداً في معاناته فلن يغرق أكثر في سوداويته بل سيجد آلية تساعده على الشعور بالتحفيز والعودة بقوة مجدداً.
تقليص أسبوع العمل
العمل من المنزل يمكنه بسهولة تامة أن يتحول إلى ساعات طويلة جداً أمام الشاشة. وكما هو معروف الساعات الطويلة أمام شاشة الكمبيوتر لا تعني أن الإنتاجية في ذروتها، بل على العكس الإنتاجية ستصبح في حدها الأدنى بعد فترة قصيرة وكذلك النشاط. لذلك يجب مقاربة العمل بطريقة مختلفة من خلال إدخال تعديلات على أيام العمل. مثلاً يمكن العرض على الموظف العمل لأربعة أيام في الأسبوع أو لساعات أقل خلال النهار. السؤال الذي لعلك تطرحه حالياً هو كيف يمكن لذلك أن يجعل الموظف أكثر تحفيزاً وما إن كان سيؤثر على الإنتاجية؟
لنتفق على نقطة أساسية أولاً قبل الإجابة على السؤال وهي أن الإنتاجية تأثرت بشكل سلبي منذ بداية العمل في المنزل وذلك لأن ما حصل هو أن طبيعة العمل تبدلت كما أن الأمور التي تشتت الانتباه والتركيز باتت أكبر.
حين تقوم بتقصير ساعات العمل فأنت توفر للموظف المساحة والوقت للتعامل مع الأمور الأخرى التي عليه التعامل معها، ففي نهاية المطاف هو في المنزل مع أفراد العائلة الذين كل واحد منهم يتأقلم مع متغير خاص به، فإن كان يملك أولاداً مثلاً فهم يتأقلمون مع التعلم عن بعد، وفي حال كانت زوجته امرأة عاملة فهي بدروها تتأقلم مع العمل من المنزل.
العمل من المنزل لم يجعل الحمل أقل أو أكثر سهولة بل جعله أكثر تعقيداً. العمل لفترة أقصر تعني منح الموظف كل تركيزه لعمله وبالتالي مضاعفة الإنتاجية لأنك قمت بمنحه الوقت لتنظيم الفوضى التي تحدث في المنزل.
وفي حال لم يكن هذا ممكناً يمكن سؤال فريق العمل عن الأمور التي قد تساعدهم على الشعور بالحماسة مجدداً والعمل يجدية. فربما البعض قد يطرح خيار العمل في وقت متأخر والبعض قد يفضل العمل أيام عطلة نهاية الأسبوع مقابل عطلة في أيام أخرى. الحلول عديدة عنها وكلها ستجعلهم يستعيدون نشاطهم وبالتالي حماستهم للعمل.
خفض سقف التوقعات
من الأهمية بمكان أن تدرك بأن ليس كل الموظفين عملوا عن بعد من قبل. وعندما تضيف إلى الصورة الوضع الراهن الذي لم نختبره من قبل فسيسهل عليك فهم سبب قلة الحماسة للعمل.
التمسك بالمعايير السابقة خلال هذه الفترة لن يعود بالفائدة على أحد، لأن الموظف سيشعر بالمزيد من الإحباط وبالتالي المزيد من قلة الحماسة للعمل وأنت بدورك ستشعر بالإحباط والتوتر والغضب. المرونة هامة جداً هنا، وعليه يجب خفض سقف التوقعات والتحلي بالصبر والتركيز على الإيجابيات رغم أن السلبيات قد تكون عديدة. بطبيعة الحال خفض سقف التوقعات لا يكون حول جودة العمل، بل حول المدة الزمنية أو حول عدد الأشخاص الذي عليهم إنجازه. المرونة هي شبكة خلاصك هذه الفترة لأنها ستساعدك على تحقيق الأهداف بأقل قدر ممكن من المشاكل والتوتر. فالأمور التي كنت ترفضها سابقاً قد تجد نفسك ملزما على طرحها حالياً، كتكليف شخصين للقيام بعمل يحتاج لشخص واحد.
الكل يعاني وبالتالي يجب الخروج بحلول ذكية من أجل مصلحة الجميع. نحن لسنا في سباق قصير بل في ماراثون طويل جداً لا نعرف ما الذي ينتظرنا عند خط النهاية.
نظام مكافآت مختلف ومبتكر
المكافآت المالية خلال الفترة الراهنة وحتى في المستقبل البعيد مستبعدة، فالشركات حول العالم تعاني من خسائر فادحة بسبب تداعيات كورونا. ولكن ليس بالضرورة أن تكون المكافأة عبارة عن المال، بل يمكنها أن تتخذ أشكالاً مختلفة. الاعتراف بالجهود معظم الأحيان يعتبر مكافأة مُرضية جداً للموظف. وبما أن كل شركة تملك قنواتها الخاصة على مواقع التواصل فإن مكافأة الموظف بالاعتراف بجهوده وتقديرها بشكل علني من شأنه أن يرفع من معنوياته ويجعله يشعر بالرضا عن نفسه وبالتالي يستعيد حماسته للعمل، ولأن الإنسان تنافسي بطبعه فإن الرغبة بالحصول على تقدير علني ستحفز الآخرين للعمل بجدية وتحقيق الأهداف المحددة لهم.
المصدر: ١