للنجاة من خسائر كورونا.. العالم يتجه إلى الاقتصاد الرقمي
هل سيتغير وجه الاقتصاد العالمي كما نعرفه؟ و ما أهمية الاقتصاد الرقمي في تحقيق الازدهار؟
يشهد العالم تغيرات متسارعة ومستمرة وخاصة بعد انتشار جائحة "كوفيد-19"، وأحد المحركات الأساسية هو التحول الرقمي الذي لايتعلق بجوهره فقط بالإنترنت وإنما باستخدام أحدث التقنيات للحصول على أفضل النتائج، ولا يعتبر الاقتصاد العالمي بعيداً عن هذه التغيرات وإنما يتحول إلى الاقتصاد الرقمي بسرعة كبيرة جداً.
ما هو الاقتصاد الرقمي؟
يشير الاقتصاد الرقمي إلى اقتصاد قائم على تقنيات الحوسبة الرقمية وينتج عن مليارات الاتصالات اليومية عبر الإنترنت بين الأشخاص والشركات والأجهزة والبيانات والعمليات، ويطلق عليه أيضاً اقتصاد الإنترنت وشبكة الويب العالمية.
ويتداخل الاقتصاد الرقمي بشكل متزايد مع الاقتصاد التقليدي، ويعتمد على الترابط بين الأشخاص والمؤسسات والآلات التي تنتج عن الإنترنت وتكنولوجيا الهاتف الذكي والإنترنت.
تم ذكر مصطلح "الاقتصاد الرقمي" لأول مرة في اليابان من قبل أستاذ ياباني واقتصادي قام بأبحاث في خضم ركود اليابان في التسعينيات، وظهر في الغرب بكتاب دون تابسكوت في عام 1995 الذي يحمل عنوان "الاقتصاد الرقمي، الوعود والخطر في عصر الذكاء الشبكي".
يرتكز الاقتصاد الرقمي على انتشار تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في جميع قطاعات الأعمال لتعزيز إنتاجيتها، ويقوض المفاهيم التقليدية للاقتصاد حول هيكلة الشركات وطرق جذب العملاء للخدمات والسلع والمعلومات، ويمكن تحديد ثلاثة مكونات رئيسية لمفهوم "الاقتصاد الرقمي" وفقًا لتوماس ميسينبورج:
- البنية التحتية للأعمال الإلكترونية (الأجهزة ، والبرمجيات ، والاتصالات ، والشبكات ، ورأس المال البشري، وغيرها).
- الأعمال الإلكترونية التجارية (أي نوع من العمليات التي تجريها المنظمة عبر شبكة الإنترنت).
- التجارة الإلكترونية وطرق نقل البضائع وتوصيلها.
يقول البروفيسور والتر برينر من جامعة سانت غالن في سويسرا: "إن الاستخدام المتزايد لنقل البيانات الرقمي سوف يغير نموذج الأعمال التقليدي ، و سوف يسهل ظهور منتجات وخدمات جديدة مما سوف يؤدي بالضرورة إلى نشوء بيئة تجارية جديدة بعوائد أعلى مما سوف يساهم في خلق نماذج عمل جديدة كلياً".
وفي الآونة الأخيرة، أشار موقع "TechCrunch" الإخباري إلى أنه يمكن الاستدلال على قوة الاقتصاد الرقمي من وجود العديد من الشركات الكبيرة التي لا تبيع أي شيء تملكه فعلاً ، فعلى سبيل المثال فإن شركة أوبر "Uber" لتأجير السيارات لا تمتلك أي مركبة من المركبات التي تعمل تحت نظامها، وشركة فيسبوك التي تمتلك الموقع الأكثر شعبية في العالم لا تقوم بإنشاء أي محتوى يذكر ، في حين أن شركة علي بابا أكبر شركات البيع بالتجزئة لا تمتلك أي مخزون أو منتج يذكر ، ولا تمتلك شركة "Airbnb" أي عقارات على الرغم من أنها أكبر مؤجر للغرف و المنازل في العالم.
المجالات الأساسية للتحول الرقمي
يوجد أربعة مجالات أساسية للتحول الرقمي من أجل نجاح الأعمال في الاقتصاد الرقمي وهي:
- مستقبل العمل
يعمل الأشخاص في الاقتصاد التقليدي من مكاتبهم ومؤسساتهم التي يتوجهون إليها يومياً لمدة ثماني ساعات في اليوم، ولكن في الاقتصاد الرقمي يمكن للناس العمل من أي مكان في منازلهم أو من المقاهي المحلية بشرط وجود مستوى جيد من الاتصال بشبكة الإنترنت. ويتطلب ظهور هذه المؤسسات العالمية المرنة وجود نظم إدارة للمجتمع الجديد المكون من مواهب متفاعلة فيما بينها، وتمكين الجيل القادم من عمليات الأعمال الرقمية التي تثبت فعاليتها حول العالم.
- تجارب العملاء
يرغب جميع العملاء في الاقتصاد الرقمي من رجال الأعمال إلى الأعمال وكذلك من الشركات إلى المستهلكين على حد سواء، في التفاعل مع الشركات متى وأينما يريدون وبطريقة أكثر ملاءمة لهم، كما سيرغب العملاء في التفاعل مع العلامات التجارية من خلال تجارب سلسة وقناة شاملة ومباشرة ومخصصة لهم.
- شبكات التوريد الرقمية
تشير التوقعات الاقتصادية إلى توسع الطبقة الوسطى العالمية بثلاثة أضعاف بحلول عام 2030، مع وجود ضغط متزايد على موارد الأعمال الأساسية التي تنمو بمعدل أبطأ 1.5 مرة، إلى أن الإجابة على هذا التعارض تكمن في كيفية مشاركة الشركات للبيانات بأمان في الوقت الفعلي لتمكين تطبيقات التجارة من الجيل التالي من الازدهار، حيث أن تحويل كل شيء إلى نظام رقمي يؤدي إلى إنشاء شبكات رقمية ذكية جديدة ستغير جذريًا من طريقة إدارة التجارة وتحسينها ومشاركتها ونشرها.
- شبكة الإنترنت
نحن على أبواب عصر حيث يمكن تواصل كل شيء سواء الأشخاص والشركات والأجهزة مع بعضها البعض خلال ثوان عبر شبكة الإنترنت، ويساهم هذا الدمج بين العالم المادي والرقمي في جذب كل الأصول إلى المجال الرقمي حيث تهيمن البرمجيات.
فعندما تتمكن أي شركة من معرفة قمية أصولها المادية والرقمية في أي لحظة، ستتمكن من العمل بدقة لا يمكن تخيلها سابقاً مما يمهد الطريق إلى التحول الرقمي الكامل.
أهمية الاقتصاد الرقمي
يتطور الاقتصاد الرقمي بسرعة في جميع أنحاء العالم، وتتجه إلى أن تكون المحرك الوحيد الأكثر أهمية للابتكار والقدرة التنافسية والنمو، و يمتلك إمكانيات هائلة لرواد الأعمال والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم و لكن على سبيل المثال تستفيد حالياً حوالي 2% من الشركات الأوروبية من الفرص الرقمية الجديدة، علما أن كيفية اعتماد الشركات للتقنيات الرقمية سيكون من العوامل الرئيسية المحددة لنموها في المستقبل.
تساهم الاتجاهات الرقمية الجديدة مثل الحوسبة السحابية وخدمات الويب للجوال والشبكات الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي في إحداث تغيير جذري لمشهد الأعمال وتعيد تشكيل طبيعة العمل وحدود الشركات ومسؤوليات قادة الأعمال. وتتجاوز هذه الاتجاهات الرقمية عتبة الابتكار التكنولوجي إنما تعد محفزاً لنماذج الأعمال الجديدة والشبكات التجارية ونقل المعرفة والوصول إلى الأسواق الدولية.
ومع الازدياد الشديد في أعداد المستهلكين المتصلين بشبكة الإنترنت يومياَ ستخرج الشركات التي تفشل في الاتصال رقمياً بالسوق العالمية من المنافسة تدريجياَ ، حيث أظهرت أرقام المبيعات أن الشركات الصغيرة والمتوسطة في العديد من البلدان التي انخرطت بنشاط رقمي مباشر مع المستهلكين على الإنترنت قد شهدت معدلات نمو في المبيعات تصل بما معدله 22 % أعلى على مدى ثلاث سنوات من تلك الشركات التي لم تنخرط في النشاطات الرقمية ، حيث أخفقت من الاستفادة الكاملة من التقنيات الرقمية كفرصة للتوسع وخلق فرص ربح جديدة.