بين الصمود والترنح.. كيف بدل كورونا ملامح الاقتصاد العربي؟
دخل الاقتصاد العالمي مرحلة الركود منذ نهاية شهر مارس/ آذار وفق صندوق النقد الدولي الذي توقع بأن الأزمة المقبلة ستكون أسوأ من أزمة ٢٠٠٨. كورونا الذي شل العالم بأسره أثر بدوره على الدول العربية وإن كان بشكل متفاوت فرأينا بعض الدول تصمد رغم تضررها اقتصادياً وأخرى تترنح وتحاول تفادي الانهيار.
وفي تقرير للجامعة العربية قدرت خسائر الاقتصاد العربي بنحو ١,٢ تريليون دولار كما قدر بأن نحو ٧,١ مليون عامل سيفقدون وظائفهم، مع فقدان ٤٢٠ مليار دولار من رؤوس أموال الأسواق و٦٣ مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي وخسائر يومية بقيمة ٥٥٠ مليون دولار من إيرادات النفط وتراجع الصادرات بـ ٢٨ مليار دولار وخسارة أكثر من ملياري دولار من إيرادات التعريفات الجمركية.
طفرة غير مسبوقة في تاريخها.. كم بلغت قيمة عائدات «Zoom» منذ بداية العام؟
السعودية
تأثير كورونا على السعودية كان قاسياً بسبب انخفاض أسعار النفط، الإيقاف المؤقت لتأشيرات العمرة، وتعليق الرحلات الدولية والإغلاق في البلاد. ولمواجهة الخطر أعلنت السعودية في مارس/آذار عن إجراءات احترازية لمساندة القطاع الخاص والأنشطة الأكثر تأثراً بالوباء بأكثر من ١٢٠ مليار ريال ثم أعلنت عن إجراءات تقشفية وعدة إجراءات أخرى لتوفير نحو ١٠٠ مليار ريال سعودي مع إلغاء أو تمديد أو تأجيل بعض بنود النفقات التشغيلية والرأسمالية لعدد من الجهات الحكومية.
وكي تضمن تنويع المصادر بسبب انخفاض سعر الدولار تتجه السعودية إلى ضخ استثمارات خارجية بمليارات الدولارات وهو توجه لا يتعارض مع الإجراءات التقشفية إذ إنه وفق الخبراء يرتبط بإدارة احتياطاتها من النقد الأجنبي والذي يزيد على ٤٥٠ مليار دولار.
مؤسسة النقد العربي السعودية من جهتها أكدت بأن الوضع المالي الكلي مستقر، وهذا ما يبرر تقدم السعودية مرتبتين في تقرير التنافسية العالمي للعام ٢٠٢٠ مسجلة بذلك التقدم العربي الوحيد في التقرير.
وشهدت سوق الأسهم مؤخراً تنفيذ ٤ صفقات خاصة على سهم شركة «سابك» بقيمة ٦٩،١ مليار دولار حيث أتمت «أرامكو» اتفاقية الإستحواذ على حصة صندوق الاستثمارات العامة في «سابك» والبالغة ٧٠٪. هذه الصفقة قفزت بمعدلات السيولة النقدية المتداولة إلى تسجيل رقم قياسي لم يسبق أن تم تحقيقه منذ تأسيس السوق المالية في البلاد.
لم يتأثروا بكورونا.. مليارديرات التكنولوجيا أكثر ثراءً في 2020
الإمارات
الإمارات اتخذت حزمة من الإجراءات منها تخصيص الحكومـة ميزانية مرنة مباشرة وصلت إلى ٢٥٦ مليار درهـم. من جهتها أطلقت أبو ظبي ١٦ مبادرة لتخفيف الأعباء عن الشركات أما دبي فأطلقت حزمة حوافز اقتصادية بقيمة ١،٥ مليار درهم ، وبدوره اعتمد المصرف المركزي خطة دعم اقتصادية بقيمة ١٠٠ مليار درهم.
ورغم الخسائر فإن مجلة «ذا إيكونومست» صنفت الإمارات في المركز ١٧ بين الأسواق الناشئة الأكثر قدرة والأعلى ملاءة أمام المخاطر المالية الراهنة. أما شبكة «يورونيوز» فأشارت في تقرير لها عن التوقعات بشأن اقتصاد الشرق الأوسط بعد انحسار كورونا بأن اقتصاد الإمارات يتميز بوضع أفضل مقارنة باقتصادات الإقليم لكونه أكثر تنوعاً وحداثة وتقدماً في مجال التكنولوجيا الحديثة. ومؤخراً أفادت بيانات من شبكة «لينكد إن»، بأن التوظيف في الإمارات بدأ يتعافى مع تراجع الجائحة.
قطر
وفق تقارير عدة فإن الديون والتي قدرت بـ ١٠ مليارات دولار في شهر أبريل/ نيسان قد تراكمت على قطر التي أنفقت الكثير على تجهيز ملاعب كأس العالم.في شهر أبريل/ نيسان برزت أزمة السيولة إذ لجأت إلى إصدار سندات دولية بقيمة ١٠ مليارات دولار لسد الفجوة التمويلية التي تعيشها منذ ٣ سنوات، كما لجأت إلى تأجيل ترسية عقود مشروعات حكومية بقيمة ٨،٢ مليار دولار. في المقابل توقع البنك الدولي في تقرير صدر مؤخراً انكماش الاقتصاد بنحو ٣،٥٪.
الخسائر القطرية قد تصل إلى ٢،٧ تريليون دولار وهي مرشحة للزيادة كلما طالت أزمة كورونا. وعلى صعيد متصل قالت وكالة بلومبرغ "إن الحكومة طلبت من المؤسسات ذات التمويل الحكومي بخفض النفقات الشهرية للموظفين غير القطريين بنسبة ٣٠٪ ما قد يكون له تداعيات سلبية لأن الأجانب يشكلون ٩٥٪ من إجمالي اليد العاملة.
لبنان
اقتصاد لبنان كان هشاً قبل كورونا فمنذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي فقدت الليرة اللبنانية أكثر من ٧٠٪ من قيمتها مقابل ارتفاع جنوني في الأسعار وصل إلى ٣٠٠٪ .معدلات البطالة ارتفعت بشكل كبير خصوصاً وأن البنوك حددت سقفاً للسحوبات وقيودا على الودائع ما فاقم من معاناة الشركات وبالتالي أغلقت ٣٠٪ منها أبوابها ما أفقد ثلث عمال لبنان وظائفهم. القطاع التجاري تراجع ٦٠٪ والصناعي ٥٠٪ وبالإضافة إلى خسائر جسيمة في قطاع السياحة والخدمات.
المغرب
قدرت خسائر المغرب بـ ٨،٢ مليار دولار بخسائر يومية بنحو ١٠٠ مليون دولار. وخلال فترة الإغلاق أوقفت ١١٣٠٠٠ شركة أنشطتها كما قفز معدل البطالة ١٠٪. قطاع السياحة كان الأكثر تضرراً بخسائر قدرت بـ ٣٤،١ مليار درهم و١٤ مليار درهم من قطاع الفنادق وسط توقعات باستمرار الخسائر بعد عودة الحياة إلى طبيعتها ما سيعرض ٥٠٠٠٠٠ وظيفة و ٨٥٠٠ شركة للخطر. خلال الأيام الماضية ومع الإنهاء التدريجي للإغلاق عادت قطاعات عديدة للعمل وفي الوقت عينه تعمل الحكومة على وضع خطة تقوم على تعديل موازنة ٢٠٢٠ بحيث تراعي توقعات تراجع معدل النمو وانخفاض المداخيل الضريبية مع التركيز على الاستثمارات العمومية.
الأردن
التقديرات الحكومية تشير إلى خسارة يومية بـ ١٤٠ مليون دولار. ومؤخراً بدأت إجراءات تخفيف الإغلاق ما أعاد الحياة الى القطاعات الخدماتية والتجارية. ووفق مدير هيئة تنشيط السياحة عبد الرزاق فإن الضربة الموجعة جداً كانت بسبب قطاع السياحة الذي يشكل ١٥٪ من الناتج المحلي والذي تراجع الدخل منه إلى حوالي صفر كما قُدرت خسائر قطاع المطاعم السياحية بـ ٢٠٠ مليون دينار خلال شهرين من الإغلاق.
ووسط توقعات بتراجع اقتصادي يبلغ ٤،٣٪ فإن مرحلة التعافي ستكون «مؤلمة» إذ إن الحكومة تعتزم القيام بإجراءات مالية صارمة.ولكن وسط الخسائر كلها هذه فإن الأردن استفاد من انخفاض أسعار النفط إذ تراجعت قيمة الفاتورة النفطية ٥٠٪ مقارنة بالعالم الماضي.
مصر
قدرت الخسائر المبدئية التي تكبدتها مختلف القطاعات بـ ٦ مليارات دولار. خسائر قطاع السياحة بلغت مليار دولار شهرياً على الأقل مع خسائر لشركات الطيران قدرت بـ ١،٦ مليار دولار. كما ارتفع معدل البطالة في مصر ٩،٢٪ خلال شهر أبريل/ نيسان، كما ستخسر مصر ملياري دولار بسبب تراجع الحوالات المالية في الخارج بسبب فقدان عدد كبير من المغتربين المصريين وظائفهم.
تراجع تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر من ٦،٤ مليار دولار إلى ٤،٥ مليار كبد البلاد خسائر إضافية. وعلى الجانب الآخر تمكنت مصر من الحصول على مساعدات بقيمة ٥،٢ مليار دولار لمدة عام لمساعدة البلاد على التخفيف من الآثار الاقتصادية السلبية الناجمة عن كورونا.
سلطنة عمان
وفق أرقام صادرة عن الجمعية الاقتصادية العمانية فإن انخفاض أسعار النفط كبد القطاع النفطي خلال شهرين خسائر بنحو ١٧٠ مليون ريال كما توقع البنك الدولي انكماش الاقتصاد بـ ٤٪.
ولكن رغم الوضع الصعب أقرت الحكومة إجراءات تحفيزية عدة بقيمة ٢٠،٨ مليار دولار كما تعمل وزارة المال على خفض الإنفاق العام بقيمة ٥٠٠ مليون ريال بميزانية السلطنة خلال عام ٢٠٢٠ . وتستهدف الميزانية التقديرية تحقيق إيرادات بنحو ١٠،٧ مليارات ريال يقابلها نفقات بقيمة ١٣،٢ مليار ريال وعجز بـ ٢،٥ مليار ريال.
الكويت
وفق تقرير حكومي فإن خسائر الاقتصاد الكويتي تقدر بـ ٣،٥ مليار دولار . ومن المتوقع أن يرتفع العجز في الميزانية إلى ٦٢،٢ مليار دولار وذلك بسبب تراجع أسعار النفط الذي تشكل إيراداته ٣٩٪ من إجمالي الناتج المحلي. وعلى صعيد متصل تراجع الاستثمار في السندات العالمية إلى ١،٢٥ مليار كما لجأ البنك المركزي إلى الاقترض وإصدار سندات بقيمة ٩١٠ ملايين دولار. الحكومة تعمل حالياً على خفض الموازنة بحد أدنى ٢٠٪ مع توجه لإقرار قانون يسمح باقتراض نحو ٦٥ مليار دولار، فضلا عن فرض ضرائب واسعة.
البحرين
فاقمت كورونا من الصعوبات المالية التي تواجهها البحرين ما دفع السلطات إلى تخفيض إنفاق المؤسسات الحكومية والهيئات التابعة لها بـ ٣٠٪ و إعادة جدولة عدد من مشاريع البنية التحتية .
من جهته توقع البنك الدولي انكماش الاقتصاد البحريني بـ ٤،٤ ٪ مع توقعات باستمرار تأثيره لسنوات قادمة. من جهتها تراهن الحكومة على السياحة وعائداته من أجل التخفيف من حدة الأزمة وفي ظل الوضع السيئ جداً للسياحة عالمياً فقد تدخل صندوق العمل البحريني (تمكين) لإنقاذ القطاع ولضمان استمرارية عدد من الشركات.
العراق
يتكبد العراق خسائر يومية تقدر بـ ١٠٠ مليون دولار خسائر كما أن تدهور أسعار النفط جعلته يفقد إيرادات تقدر بـ ١١ مليار دولار. العراق الذي يعتمد وبشكل كبير على السياحة الدينية وجد نفسه في مأزق كبير خصوصاً وأن ٢٠٪ من سكان المدن الدينية يعتمدون باقتصادهم على السياحة الدينية الداخلية أو الخارجية. ووفق التقديرات فإن الخسائر ستكون بمليارات الدولارات فضلاً عن فقدان عشرات الآلاف لفرص العمل.
دروس للشركات العربية.. هكذا تعاملت المؤسسات الصينية مع تحديات كورونا