ما الفرق بين دراسة الجدوى وخطة العمل؟
لا يمكن لعملك الجديد أن ينجح بالصدفة؛ بوصفك رائدًا للأعمال، تحتاج إلى خريطة طريق تحدد أهدافك، واستراتيجياتك، وتوقعاتك المالية، وهنا يأتي دور خطة العمل ودراسة الجدوى، ولكن ما هي دراسة الجدوى؟ وما خطة العمل؟ وكيف تُجري الأولى وتكتب الثانية؟ ومتى تحتاج إلى كلٍّ منهما؟ كل هذا وأكثر سنعرفه بينما نطالع السطور التالية.
ما هي دراسة الجدوى؟
"دراسة الجدوى" هي تحليل شامل ومفصل لجميع الجوانب الممكنة لمشروعٍ مقترح، لتحديد احتمالية نجاحه، وغالبًا ما يُحدد العائد على الاستثمار احتمالية هذا النجاح، أي تحقيق المشروع ربحًا كافيًا يُبرر الاستثمار فيه، غير أن هذا ليس المؤشر أو العامل الوحيد؛ فهناك عوامل أخرى مهمة، سواء من الناحية الإيجابية أو السلبية، مثل كيفية استقبال المجتمع للمشروع وتأثيره على البيئة.
وكجزءٍ من دراسة الجدوى، يتعين على مديري المشاريع تحديد ما إذا كانوا يمتلكون العدد الكافي من الأشخاص المناسبين، والموارد المالية، والتكنولوجيا اللازمة لنجاحه أم لا، كذلك يجب على الدراسة أن تُحدد العائد على الاستثمار، سواء كان ذلك عائدًا ماليًا أو معنويًا، كالفائدة الاجتماعية في حالة المشاريع غير الربحية مثلًا.
كذلك قد تتضمن دراسة الجدوى تحليل السيولة المالية، لمعرفة كم تحقق العوائد في مقابل نفقات التشغيل، وتحديد ما إذا كان العائد كافيًا لتعويض مخاطر تنفيذ المشروع.
كيفية إجراء دراسة جدوى؟
يعتمد الأمر في المقام الأول على نوع الشركة أو المؤسسة التي نتحدث عنها، ومع ذلك، تظل العوامل ثابتة بشكلٍ أو بآخر وبدرجات مختلفة، وعلى الرغم من أن كل مشروعٍ يمتلك الأهداف والاحتياجات الفريدة الخاصة به، فإن هناك بعض الممارسات التي يُفضل وجودها في أي دراسةٍ للجدوى، وتشمل:
1. إجراء تحليل أولي: يشمل الحصول على ملاحظات حول الفكرة الجديدة من الأطراف المعنية.
2. تحليل وطرح الأسئلة حول البيانات: وتحديدًا البيانات والمعلومات التي تم الحصول عليها في مرحلة التحليل الأوليّ للتأكد من صحتها.
3. دراسة السوق: وذلك لتحديد الفرص والمتطلبات اللازمة لنجاحه، بالإضافة إلى التهديدات أو العوائق التي قد تجعلك تعزف عن المشروع بالكلية.
4. تدوين خطة العمل: سواء كانت تنظيمية أو تشغيلية، وذلك يشمل تحديد كمية العمل المطلوبة، وتكلفتها، والمدة اللازمة لتنفيذها.
5. إعداد بيان دخل متوقع: يشمل الإيرادات، وتكاليف التشغيل، والأرباح، علاوة على تحديد ميزانية Balance Sheet افتتاحية.
6. تحديد أي عقبات أو نقاط ضعف محتملة: ذكرنا هذه الجزئية سريعًا في النقطة الثالثة، إلا أننا يجب أن نسلط الضوء عليها، بالإضافة إلى كيفية إيجاد الحلول.
7. اتخاذ قرار مبدئي: وذلك بالبدء أو بالعزوف عن الفكرة والمشروع بشكلٍ مؤقت أو كامل.
اقرأ أيضًا: ما هي النظرية الكلاسيكية في الإدارة ؟
ما هي خطة العمل؟
على الجانب الآخر، تُمثل "خطة العمل" الوثيقة التي توضح أهداف الشركة والاستراتيجيات اللازمة لتحقيقها، فكل شركة يجب أن تمتلك خطة عمل، سواء كانت شركة عريقة وقائمة بذاتها أم شركة ناشئة.
أما الشركات الناشئة، فتعتبر خطة العمل بالنسبة لها شيئًا ضروريًا للغاية لجذب المستثمرين، ومن ثم إنجاح المشروع ككل، أما الشركات القائمة، فتمثل خطط العمل بالنسبة لها الدافع الفعلي للبقاء على المسار الصحيح، والعامل الأساسي لنموها.
كيف تضع خطةً للعمل؟
هناك العديد من القوالب أو النماذج التي يمكنك استخدامها لوضع أو كتابة خطة للعمل، إلا أن الطريقة الصحيحة تكون في تجنب الخطط العامة، وكتابة خطة تعكس الشخصية الفريدة لعملك.
من الوارد جدًّا أن تختلف طبيعة خطة العمل من شركةٍ لأخرى، ومع ذلك، من الأفضل جمع المعلومات الأساسية في مستندٍ يتراوح عدد صفحاته بين 15 إلى 25 صفحة، وتشمل العناصر الشائعة في العديد من خطط العمل ما يلي:
- الملخص التنفيذي: ويشمل "بيان المهمة Mission Statement"، بالإضافة إلى معلومات أخرى متعلقة بالقيادة، والموظفين، والعمليات، إلخ.
- المنتجات والخدمات: تتضمن خطة العمل وصفًا وافيًا للمنتجات والخدمات التي تقدمها الشركة، أو التي تخطط لطرحها، ويتضمن الوصف التسعير، ودورة حياة المنتج، والفوائد التي ستعود على المستهلكين عند شرائه، والتكنولوجيا المستخدمة في تصنيعه، ومعلومات البحث والتطوير R&D.
- تحليل السوق: وذلك بشرح الوضع الحالي للصناعة والمنافسة ومعرفة أنواع العملاء الذين تخطط لاستهدافهم، فضلًا عن الكيفية التي ستحصل بها على حصة السوق المستهدفة من المنافسين.
- استراتيجية التسويق: يجب أن تمتلك خطة لجذب العملاء والاحتفاظ بهم، وهذه الخطة يجب أن تضم الحملات الإعلانية والتسويقية المتوقعة، بالإضافة إلى وصفٍ دقيق لقنوات التوزيع التي ستُستخدم لتوصيل المنتجات أو الخدمات إلى المستهلكين.
- الخطط والتوقعات المالية: وتختلف بين الشركات القائمة بالفعل والناشئة، فالأولى يجب أن تتضمن قائمةً بالبيانات المالية والميزانيات العمومية، وأي معلومة ذات صلة، بينما يجب على الثانية أن تعرف أهدافها المالية وتقديراتها للسنوات الأولى من العمل.
الفروق بين دراسة الجدوى وخطة العمل
- من حيث المعنى: سنجد أن "دراسة الجدوى" تُجري في المراحل الأولية من المشاريع والأعمال، لتقييم مدى جدواها كما يتضح من الاسم، وتحديد ما إذا كانت قابلة للتنفيذ والاستدامة أم لا، وعلى الجانب الآخر، نجد أن "خطة العمل" عبارة عن مستند شامل يوضح الأهداف والاستراتيجيات والعمليات والتوقعات المالية لشركة ناشئة أو قائمة.
- من حيث نطاق التركيز: تُقيّم "دراسة الجدوى" الجوانب الاقتصادية، والقانونية، والتقنية، والتشغيلية للمشاريع المقترحة، بينما تعمل "خطة العمل" كخارطة طريق، لتوجيه مستقبل المشاريع والشركات، وعادةً ما تُستخدم كمحاولة لجذب المستثمرين أو توجيه العمليات الداخلية.
- من حيث تقييم المخاطر: على الرغم من اعتراف "خطط العمل" بوجود المخاطر، فإنها قد لا تُركز على تقييمها واستراتيجيات الحد منها، كما هو الحال في "دراسات الجدوى".
- من حيث المرونة: غالبًا ما تكون "خطط العمل" أكثر مرونة من "دراسات الجدوى"، حيث تسمح للشركات بتكييف استراتيجياتها حسب تطور السوق الديناميكي، وفي المقابل يكون من الصعب إجراء تغييرات بـ"دراسات الجدوى" فور وضعها.
- من حيث التوقيت: تتم "دراسة الجدوى" في وقتٍ مبكر من العمل؛ غالبًا يكون قبل الاستثمار في الموارد، أما "خطة العمل" فعادةً ما توضع بعد اكتمال دراسة الجدوى، وتحديد ما إذا كان المشروع سيحدث ويستمر أم لا.
- من حيث المستهدفين: تتوجه "دراسة الجدوى" لرواد الأعمال ومالكي المشروعات، بالإضافة إلى المستثمرين المحتملين الذين يقيمون مدى جدوى الدراسة، بينما تستهدف "خطة العمل" المستثمرين، والمُقرضين، والشركاء، والموظفين، وجميع أصحاب المصالح المهتمين بفهم أهداف الشركة واستراتيجياتها وتطلعاتها المالية.
اقرأ أيضًا: قبل أن تتورط.. ما عدد الموظفين الذي تحتاج إليه شركتك؟
متى تحتاج إلى دراسة جدوى أو خطة العمل؟
بعد أن تعرفنا على أهمية "دراسة الجدوى" و"خطة العمل"، فضلًا عن أهم الفروقات بينهما، نود أن نختتم ذلك بالإجابة عن هذا السؤال المحوري، وإن كنا قد أجبنا عنه بشكلٍ ضمنيّ أعلاه، التي تتلخص في:
- إذا كنت تُفكر في بدء مشروعٍ جديد، فلا تفعل ذلك ما دمت لم تُجرِ دراسةً للجدوى، فدراسة الجدوى لا بد أن تتم في بداية أي مشروع، وهي التي تحدد ما إذا كان قابلًا للتنفيذ والاستمرار أم لا.
- سواء كنت تمتلك مشروعًا ناشئًا أو مشروعًا قائمًا بذاته بالفعل، فأنت تحتاج إلى إجراءٍ نوع معين من الدراسات، وهو خطة العمل، فخطة العمل مهمة للغاية لتأمين التمويل، كما أنها تُمهد الطريق لرحلة ومستقبل العمل بأكمله.