محمد فهد الحارثي يكتب : الاشتراكية في الفرح
نطمح إلى النجاح، ونحلم به ونسعى إليه، لكن النجاح، أحد أسباب السعادة والرضا عن النفس، وليس غاية في حد ذاتها. أما النجاح الذي يأتي على حساب قناعاتنا وقيمنا، فهو نجاح مغشوش؛ "فلاشات" عابرة تنتهي، ويعود الشخص إلى واقعه وربما مراراته.
كل إنسان يبحث عن الامتنان في عيون الآخرين، وحينما سئل مشاهير ورجال أعمال عن ما يهمهم، أجابوا: تثمين الآخرين. وهذا مطلب مشروع وطبيعي للنفس البشرية، لكن متى تحول هذا الهاجس إلى عامل مسيطر على الشخص، وأصبح هاجسه وهمّه، يخسر أسرته ويستغل صداقاته بشكل انتهازي، ويحارب منافسيه بوسائل غير مهنية؛ هنا يصبح النجاح عدواً للشخص ذاته، وتتحول طموحاته إلى محرقة يوماً ما، ستلتهم كل أحلامه.
الناضجون هم الذين يسعون إلى النجاح، ويحتفظون بقيمهم وأخلاقهم، يستندون إلى التوازن في شخصياتهم، يفرحون لنجاح الآخرين، ويستوعبون أن النجاح ليس سلعة احتكارية، بل داء ينتقل بالعدوى، وينتشر بمصاحبة الناجحين.
الثقافة التي تقوم على مبدأ "اذا لم تتغدّ بهم تعشوا بك"، ثقافة مخالفة للفطرة، تجعل الحياة ساحة حرب، نقاتل لكي نعيش، بينما الواقع أننا نستطيع أن نعيش وغيرنا يعيشون؛ ننجح وينجح الآخرون.
هذه النظرة التي تجعل الحياة أجمل وأكثر تسامحاً وإيجابية، ولذلك المجتمعات التي تنتشر فيها ثقافة النجاح، وتحرص على التكاتف لمساعدة المتعثر، لكي ينجح ويتجاوز المنعطف الذي يمرّ به، هي المجتمعات التي ترسّخ مفهوم ديمقراطية الفرح، أي يتشارك الجميع في السعادة، ويركزون على القواسم المشتركة، وليس عناصر الاختلاف.
الحياة جميلة، ويمكننا جميعاً أن نتشارك مباهجها وأفراحها، ولا يتطلب ذلك تضحيات، هي قناعات تساعدنا على أن نستوعب الآخر، ونعطي مساحة للتسامح والتغاضي. نعزّز ثقافة التعاضد، وهي جزء أصيل في الدين والخلق، ونؤمن أن كل ما نعطيه للآخر، هو في الحقيقة عطاء لنا، سيعود إلينا، ولو بشكل آخر.
السطر الأخير:
الاشتراكية مبدأ مرفوض..
إلّا في الفرح، فهي الحل الأكيد