محمد فهد الحارثي يكتب : صديق التفاؤل
في المواقف تنكشّف حقيقة الأشياء ومعادن الرجال، يظلّ الصديق إلى جانبك، يراهن عليك، ويشدّ من أزرك، ويساندك بكل وسيلة. ليس لمصلحة ولا لحسابات مؤقتة، بل هو مبدأ يؤمن به ويمارسه في حياته، ويعتقد بأن ما يقدّمه هو الأمر الطبيعي، وليس موقفاً بطولياً أو تضحيات.
الصديق الذي لا يزايد في مواقفه، بل يمارسها بأخلاقه، يجعلك تشعر بأنك أنت صاحب الفضل، وهو يتوارى في لحظات الشكر والامتنان، ويستبسل في مواقف البطولة والعطاء.
ما أجمل الحياة بأصدقاء أوفياء؛ الصداقة تمنحنا طاقةً خفيةً وثقةً بالمستقبل. حينما تضمن صديقاً، فأنت اكتسبتَ مستقبلاً وحاضراً. لا تجعل الأشياء البسيطة تشوّه الصورة الكبيرة. لسنا كاملين وكل منّا لديه هفواته وأخطاؤه، لكنّ النفوس الكبيرة والمعادن الأصيلة هي التي تتغاضى عن الصغائر، من أجل الأشياء الأهمّ؛ الكبار بأخلاقهم ونبلهم، يجعلون للصداقة قيمةً تتجاوز حسابات المصالح ولغة الأرقام.
المحظوظ، من لديه صديق حقيقيّ، فكلمة الصداقة أصبحت مستهلكة، والصفة تطلق على كثُر، لكن حينما نفرز الأصدقاء الحقيقيين، سنجد صعوبةً في استحضار الأسماء.
لا تفرّط في صديق، ولا تسمح للزمن بأن يباعدك عنه. وأقوى عقبات تغيير المكان، هي البعد عن أصدقاء من الصعب استبدالهم أو نسيانهم. تمسّك بصديقك، لأنه هو الثروة والقيمة التي تجعلك مطمئناً في حياتك.
نطوي في حياتنا محطات مختلفة، ونكتشف معادن متباينة، وكل منعطف يجعلنا ندرك أننا نمتلك ثروة ثمينة، ربما لم ندرك قيمتها؛ أصدقاء كلّما عشنا تجارب أخرى، اكتشفنا قيمتهم وتميّزهم.
جميل أن نتقبّل التغيير ونعيش مرونة الحياة، ونمنح الفرص لصداقات جديدة وعقول مختلفة، لكن هذا لا يعنى البتة، التفريط في أصدقائنا الذين عاشوا معنا المراحل بكل تقلّباتها، ومن يملكون سرّ ابتسامتنا بمجرّد حضورهم.
السطر الأخير:
كلّما زادَ عددُ أصدقائك واحداً
كسبتَ حياةً جديدةً من الفرحِ والتفاؤلِ