محمد فهد الحارثي يكتب : الزوايا المضيئة
عمل الخير هو الذي يبقى ويصنع الفرق. هو الذي يصنع للحياة معنى وقيمة. هناك اشخاص جُبلوا على العطاء والإيثار عن طيب خاطر، وليس تصنّعاً أو تكلّفاً. هم بطبيعتهم يقدمون ويعطون، فيشعرون بالسعادة والتصالح مع الذات.
ما أجملهم! ومأ أجمل الحياة بوجودهم! هم حاضرون في كل زوايا الحياة، لكننا نشخص بأنظارنا إلى الظلال، وننسى أنها انعكاس لنور موجود إلى جوارها. لو أننا نعطي أنفسنا فرصة لاكتشاف النور، لأدركنا أننا نظلم الواقع وأنفسنا، بالأحكام القطعية والصور السوداوية.
هناك أشخاص يقدّمون الخير برتابة يومية، ومن دون منة. ونحن ننسى أن نقدّر هذا العطاء، ونتعامل معه بوصفه شيئاً من المسلّمات. بينما مراجعة حقيقية، ستبيّن أن هذا جزء من أنانيتنا، وربما عدم العدالة في نظرتنا إلى الآخرين.
الذين يجعلون للحياة معنىً، ويصنعون الفرح والسعادة في حياتنا، هم بشر مثلنا، لهم حقوقهم ومتطلباتهم، فلا بدّ أن نبادلهم العطاء بالعطاء والحب بالحب.
من أصعب الأشياء، حينما نعاتب شخصاً على تقصيره، لأننا تعودنا منه العطاء المستمر، وحينما يتراجع هذا العطاء، لظرف ما، ننسف كل الماضي ونتعامل معه على أنه مذنب؛ وربما ذنبه الوحيد، أنه كان يعطي من دون منّة، أو ادّعاء أو تصنّع بطولات.
الضمير الحيّ والرقيب الذاتي، هو الذي يجعلنا نحكم تصرفاتنا وأحكامنا من منطلق إنساني. يجعلنا نعاتب أنفسنا على القصور، ونعتذر لمن أخطأنا في حقهم. هذا الجزء الراقي في النفس الإنسانية، هو بلسم الحياة.
يخطئون من ينظرون إلى الحياة على أنها ساحة معركة ينطبق عليها قانون الغاب، ويردّدون مقولة "إن لم تكن ذئباً أكلتك الذئاب". الحياة تصبح غنية وعميقة، بوجود القيم والمبادئ التي تجعلك متصالحاً مع ذاتك، منسجماً مع ضميرك. وهناك عدالة في الحيا؛ فما تقدمه سوف يأتيك بشكل أو بآخر يوماً ما.
نستطيع أن نحتفظ بحقوقنا ومواقفنا، ونختلف ونتحاور، ولكن هناك مسافة بين الإفراط والتفريط؛ فالاعتدال والوسطية والحكمة، مفاتيح مهمة لنجاحنا في مشوار الحياة.
السطر الأخير:
لو نستطيع أن نجعل أحكامنا على الآخرين،
هي نفسها على ذواتنا.. ولو للحظة؛
فلربما تجنّبنا كثيراً من المشاعر السلبية.