الكل يسعى لوظيفة هادفة.. فما الذي يفوتونه على أنفسهم؟
أينما ذهبت وأي شخص تلتقي به في أي مجال عمل كان وسواء كان يعمل في وظيفة أو يبحث عن وظيفة ستجده يحدثك عن أهمية أن تكون الوظيفة هادفة. فما الذي تعنيه هذه الكلمة التي تجدها في كل مكان؟ العمل الهادف يمكنه أن يأتي من الفرد أو من المؤسسة. البعض قد يجلب «المعنى» والقيمة الى مكان العمل وبالتالي يحقق «الهدف» من المهنية التي يعملها. في المقابل بعض المؤسسات تخلق بيئة عمل هادفة تساعد الموظفين على تحقيق على تحقيق النجاح وعلى أن يكون جزءاً من ثقافة الشركة.
العمل الهادف هو الدرجة التي يقيس من خلالها العامل في أي مؤسسة كانت ما إن عملهم له وهدفه ولكن ليس على النطاق الضيق والشخصي فحسب بل على نطاق أوسع. أي ان العمل الهادف هو الذي يمكنه أن يخدم المصلحة العام.
سبب السعي الكبير خلف الوظائف الهادفة هو أن جيل الألفية والجيل زد من الاجيال التي تضع اهمية كبرى على «الغاية» العامة التي تسعى لفائدة الجميع وليس الفائدة على النطاق الضيق. ومن هنا لا يمكن إستغراب نتيجة عدد من الدراسات التي وجدت بأن الوظيفة الهادفة هي في المرتبة الأولى ضمن اكثر ٣ عوامل تجعل الموظف يشعر بالرضا عن عمله.
الواقع هذه جعل الجهات العليا في الغالبية الساحقة من المؤسسات تمنح هذه الجزئية اهمية كبرى وبالتالي تسعى لخلق وظائف هادفة وذلك لانها تريد أن تجذب الموظفين اليها وبما ان هذه المطالب هي في المقدمة.. فهذا ما عليه السعي لإيجاده.
ولكن ورغم أن الهدف النبيل هذا جميل ومثالي ويخدم جميع الأطراف المعنية به، الموظف والشركة والمجتمع.. إلا أن الذين يعملون في وظائف هادفة لا يشعرون بالرضا وهم وبشكل دائم يبحثون عن خيارات بديلة.
ووفق دراسة حديثة الفئة التي لا تشعر بالرضا رغم وظيفتها الهادفة، ومعدل عدم الرضا مرتفع اعلى من غيره من الذين يعملون في وظائف هادفة اخرى هم الذين يعملون في مجالات الطب أو التعليم رغم ان المجالين هذين هما من اكثر المجالات التي لها معنى وقيمة.
لماذا يجب ألا تتعلق بوظيفتك أكثر من اللازم؟.. هذه هي المخاطر
فلماذا الذين يعملون في وظائف هادفة لا يشعرون بالرضا؟
السبب لا يرتبط بواقع ان العمل في وظيفة هادفة ليس من الامور الهامة، ولكن لان العمل في وظيفة هادفة لا يكفي. فحتى ولو كانت الوظيفة التي يشغلها البعض تتناسب وبشكل مثالي مع القيم والمعايير الخاصة بهم وحتى ولو كان يؤمنون برؤية وأهداف الشركة، فإن كل هذه الامور تصبح بلا أهمية ولا تأثير حين يكون نمط وآلية العمل لا تناسبهم أو تروق لهم.
لماذا؟ لان الشخص عليه أن يأتي الى عمله كل يوم ويؤدي المهام المطلوبة منه وإن كانت هذه المهام لا تتناسب مع شخصيته أو تختلف كليا عنها فحينها لا يمكن للشخص أن يقوم بافضل عمل ممكن وبالتأكيد لا يمكنه أن يشعر بالرضا.
مثلاً عدد كبير من الاطباء يشعرون بانهم لا يمكنهم أن يقدموا المساعدة التي يريدونها للمرضى وذلك لان إدارة المستشفى تفرض عليهم جدوال عمل لا تناسبهم. وكذلك الامر بالنسبة للمعلمين الذي لعلهم اكثر من لا يشعر بالرضا فهم يريدون أن يقوموا بما هو مختلف ولكن الضوابط المفروضة عليهم تسلب كل المعنى من عملهم.
ما على كل شخص فعله كي يشعر بالرضا في عمله هو ان يجعله شخصيته تتناسب وبشكل مثالي مع أهدافه وحينها لا يمكن لا شيء ان يمسه.
ألية التفكير الخاصة بكل فرد، مشاعره وأسلوبه في التصرف وفي حال كان يعمل في مكان هو النقيض لهذه الخصال الشخصية والطبيعية، فحينها حتى العمل الهادف لن يجلب السعادة.
ما الذي يمكن فعله؟
كما قلنا الوظيفة الهادفة ورغم كونها بأهداف نبيل ولكنها لا توفر للشخص الرضا وبالتأكيد لا تقدم له السعادة. ولكن ما الذي يمكن للفرد فعله حين يجد نفسه في هكذا مشكلة؟ في حال كنت تعمل في موسسة تملك بعض المرونة عليك أن تبحث عن منصب ما يضمن لك بعض الحرية ضمن دورك كي تعمل وفق نقاط قوتك.
إن كنت مثلاً من النوع الذي يحل المشاكل وتفضل وضع وإستخدام المسارات والمقاربات التي تم إثبات نجاحها، فهل يمكنك العثور على منهجيات قائمة عوض الشعور بانك ترزح تحت ضغوطات ترغمك على إبتكار شيء ما فوراً؟
إن كنت في عمل تملك فيه الحرية والسلطة على بيئة العمل، فلا تظن بان كل شيء سيكون على خير ما يرام لمجرد أنك المدير. يمكنك ان تصلح وتتصالح مع نمطك في العمل وتدمجه مع دور هادف. المفتاح هنا هو أن تدرك ما الذي تبرع به عوض العمل بشكل أوتوماتيكي.
من أجل تحقيق الاهداف والشعور بالرضا على الشخص ان يشعر بشكل جيد حيال الاعمال التي يقوم بها بشكل يومي.
عندما يتم مقاربة العمل الهادف من زاوية مختلفة وهي العمل وفق نمطك الطبيعي عوض العمل ضده فان معدل الرضا دائم. الهدف له وقعه الرنان المؤثر.. وهو من الغايات النبيلة، ولكنه بالتأكيد ليس الصورة كاملة.
المصدر :١