أصبحت شخصا لا يمكن الاستغناء عنه في العمل؟ احذر هذا ليس نجاحًا!
لعلك اختبرت هذه المواقف، تلغي الخطط مع الرفاق لأن أمرا ما طرأ ولا يمكنك مغادرة المكتب قبل ساعات. أو لعلك قمت بإلغاء رحلتك إلى أوروبا التي خططت لها منذ مدة طويلة لأن فريقك ما زال ينقصه بعض الأشخاص ولا يمكنه إنجاز العمل كله بمفرده أو لعل مديرك أبلغك بشكل واضح وصريح بأنه لا يمكنه أن يقوم بإنهاء المشروع من دونك وبأنك موظف لا يمكن الاستغناء عنه. لعلك شعرت بسعادة بالغة لأن مديرك اعترف للتو بأنه لا غنى عنك.. وهذا أمر ممتاز. أنت مخطئ تماماً فهذا أمر مريع للغاية.
من الناحية النظرية تحويل نفسك إلى موظف لا يمكن الاستغناء عنه يبدو هدفاً مهنياً على الجميع السعي من أجله. ولكننا سنصر هنا على أنك تقوم بكل ما هو خاطئ والأجدى بك جعل نفسك أكثر قيمة وليس شخصاً لا يمكن الاستغناء عنه.
نعم أنت ترفع حاجبيك استنكاراً أو تهز رأسك بسخرية لأنك لا يمكنك أن تجد أي فارق بين الأمرين. ولكن هناك فارق كبير جداً وسنوضحه لك فوراً.
أن تكون لا غنى عنك
عندما تقول إن فريق عملك يعتبرك عضواً لا يمكن الاستغناء عنه أو أن شركتك تعتبرك كذلك فهذا يعني أن الشركة أو الفريق لا يمكن أن يستمر من دونك وأن كل شيء سيصبح في وضع حساس في حال كان عليك الابتعاد قليلاً عن العمل. أي إن الأمر أشبه بكل شيء أو لا شيء.. إن كنت موجوداً العمل يسير بشكل جيد وحين لا تتواجد كل شيء يتوقف.
في مجالات العمل التنافسية، الشركات التي تقوم بالترويج لعقلية عدم القدرة على الاستغناء عن شخص ما أو جهة ما» تشجع الموظفين على العمل وفق جدول محدد طوال الوقت بدقة بالغة. هذا الأمر يؤدي إلى تحويل الموظفين إلى العمل وفق هذه العقلية، أي كل شخص سيكون لا يمكن استبداله بالنسبة إلى فريق عمله.. وهذا يؤدي إلى استنزاف كل طاقة هؤلاء الأشخاص بعد فترة. الأمر هذا غير قابل للاستمرارية والأداء سيتأثر على المدى البعيد.
أن تكون قيمتك كبيرة
في المقابل حين تكون شخصاً له قيمة كبيرة فهذا يعني أن تقوم بالعمل وفق ساعات الدوام المحددة، منخرط في كل ما يحدث، وتملك الحشرية لتعلم المزيد كما أنك تعمل بجدية بالغة.
أي إنك تدرك أن واجباتك تجاه عملك تنتهي في مرحلة ما، وأن هناك حدودا واضحة لأن الحدود هذه تضمن الأفضل لكل الأطراف المعنية في المعادلة. المقاربة هذه تجعلك ترضى عن حياتك المهنية والخاصة كما أنها تساعدك على تحقيق الأهداف من دون أن تصل إلى مرحلة تستنزف فيها كل طاقتك. أنت هنا تعمل ضمن إطار من الحرية يسمح لك بالتنفس والراحة والاستمتاع بحياتك المهنية والشخصية فعلياً. خلافاً للشخص الذي لا يمكن الاستغناء عنه والذي لا يمكنه التنفس والذي بشكل أو بآخر لا يملك حرية القرار فالفريق يحتاج إليه ولا يمكنه الرفض.. وهذا ما يجعله تعيساً.
كيف تتفادى الوصول إلى مرحلة عدم القدرة عن الاستغناء عنك؟
السعي لأن يصل الموظف إلى مرحلة لا يمكن الاستغناء فيها عنه تؤثر على صحته النفسية والبدنية. على سبيل المثال، الموظف الذي يعمل أسبوعياً لثلاث ساعات أكثر من المعدل العام هو أكثر عرضة بـ ٦٧٪ للإصابة بأمراض قلبية. والذين يعملون لـ ١١ ساعة يومياً أكثر عرضة بمعدل الضعف للإصابة بالاكتئاب.
عندما تسعى لأن تكون قيمتك أكبر فأنت لا تسعى للقيام بكل شيء وعدم التوقف، بل هو سعي لأن تحدث فارقاً خلال أسبوع عمل عادي لا يجعلك تفقد عقلك.
إليك بعض الطرق التي تساعدك على تحقيق هدف «القيمة» والابتعاد عن خطر تحولك إلى موظف لا يمكن الاستغناء عنه.
خطط لحياة ما بعد الدوام: قم بتحديد مواعيد للقيام بنشاطات معينة تكون بعد انتهاء دوامك مباشرة. فإن كان دوامك بنتهي عند الساعة الخامسة والنصف فليكن موعد نشاطك في السادسة أو حتى قبل ذلك. ضع الخطط اليومية ولا تفوت يوماً واحداً حتى ولو كنت منهكا في ذلك اليوم. هذه الطريقة تساعدك على خلق الحدود الواضحة التي توضح لك متى يبدأ يوم عملك ومتى ينتهي.
خطة التواصل خارج ساعات العمل مع مديرك: من الصعوبة بمكان عدم التفكير بالعمل بعد ساعات الدوام. والمديرون عادة لا يترددون قبل التواصل مع الموظفين خارج ساعات العمل أو حتى خلال عطلة نهاية الأسبوع. الموظف هنا قد يشعر بأن عليه الرد رغم أنه لا يريد ذلك لأنه حالياً خارج ساعات العمل. الأفضل الحديث مع المدير حول هذا الأمر وتحديد الأمور العاجلة والتي لا تحتمل التأخير وهي التي ترد عليها فقط خارج ساعات العمل أما كل شيء آخر فيمكنه الانتظار.
مبدأ التوازن يتم الحديث عنه كثيراً ولكنه نادراً ما يتم تطبيقه. عندما تروج لنفسك على أنك شخص له قيمته الكبيرة للشركة فأنت تنجح في الحصول على أفضل ما في العالمين، عالمك الشخصي والعالم المهني. ولكن حين تكون شخصاً لا يمكن الاستغناء عنه فأنت لا تملك حرية القرار ولا الفرص للتطور ولا حتى الاستمتاع بما تقوم به. فأنت طوال الوقت تعمل تحت ضغوطات عديدة جداً وفق معدل عمل قاس جداً سيستنزف طاقتك عاجلاً أم آجلاً.
المصدر: ١