هل تُلهم الآخرين وتفشل في اتخاذ قراراتك؟.. إليك هذه النصائح
لطالما وجدت صعوبة بالغة في حسم الأمور التي تتعلق بي، من الأمور البسيطة الى تلك الأكثر أهمية. أقف مكاني أنتقل بين رأي واخر بسرعة بالغة غير قادرة على الحسم. الواقع هذا لا يجعلني فقط أشعر بالإحباط ولكن يجعل كل محيطي يشعر بالإحباط أيضاً. وأسوأ جزء من عدم اليقين هذا هو أنه عندما يرتبط الأمر بالآخرين فإن عقلي يكون في قمة الوضوح وبالتالي أتمكن من التحليل بسرعة، وتقييم المخاطر والنتائج ثم أقترح الحلول من دون تردد أو تشكيك للحظة بقراري.
وعادة تكون ردة الفعل « أمر مؤسف أنك لا يمكنك الاخذ بنصيحتك». سخرية ونكتة مضحكة مبكية، ولكنها الواقع.
الخبر الجيد هنا هو أن الأبحاث تشير إلى أنني لست وحدي في هذا الصراع، فهناك في العالم من يشبهونني. ففي إحدى الدراسات التي نشرت في دورية «أورغنيزشونال بهيفير أند هيومن ديسجن بروسس» Organizational Behavior and Human Decision Processes تبين بأنه رغم أننا عادة نسعى خلف المخاطر إلا ان دوافع المرتبطة بحماية انفسنا تشلنا وبالتالي تمنعنا من إختيار الطريق الذي لا نألفه ولا نعرفه. ولكننا في المقابل نصبح أكثر ميلاً للمغامرة والمخاطرة عندما نقدم النصيحة للآخرين وهذا لأن عقليتنا بالتعامل مع مشاكل الاخرين وبالتالي حسم القرارات التي تتعلق بهم تختلف كلياً عن عقليتنا حين نحاول أن نحسم قرارات تتعلق بنا.
هذه هي الخلاصة التي توصل اليها العلماء بعد إجراء دراسة لمعرفة الآلية التي يتخذ بها البشر القرارات لأنفسهم والآلية التي يتخذون بها القرارات لغيرهم. القرارات التي نتخذها لغيرنا يتم حسمها إستناداً الى الإنطباعات العامة وليس وفق تفاصيل كل خيار.
قراراتنا لغيرنا تكون جرئية اذ عقلنا يعمل وفق «عقلية المغامرة» وبالتالي يكون هناك تفضيل للحداثة والإبداع على حساب التفكير ملياً حول ما تعنيه هذه الخيارات او تلك أو مما تتألف منه. توفر خيارات عديدة مغر أكثر من فكرة قدرة هذه الخيارات على النمو الإستمرار فعندما نحسم القرارات ونقدم النصائح للاخرين ما يحصل هو أننا نفكر بالامر ونقيم المعلومات ثم نصل الى القرار الذي نقدمه للاخرين بحماسة وقناعة.
في المقابل حين نقوم بإتخاذ القرارات لأنفسنا ما يحدث هو أننا نعتمد العقلية الحذرة وبالتالي يتم تحليل كل قرار بشكل مبالغ به وعوض إستكشاف الخيارات العديدة المتوفرة لان العقلية الحذرة هنا تفضل خيارات أقل وإنما على مستوى أعمق وبالتالي تتم المقارنة والتحليل وإعادة التقييم. والنتجية هي أننا نقييم المخاطر التي تواجهنا بشكل مبالغ به ما يجعلنا نتجنبها أكثر مما يجب.
الدراسة هذه يمكننا لمس نتائجها في الحياة اليومية وفي كل المجالات المهنية وغير المهنية. فأنت ستنصح زميل عمل بالقبول بالوظيفة الجديدة التي عرضت عليه ولكن لو كان الأمر يتعلق بك فحينها ستخاف من القيام بالخطوة تلك. أو حين ننصح صديق ما معجب بفتاة بالمبادرة والحديث معها رغم أننا ندرك بأننا لن نقوم بذلك لأننا نخاف وبشدة من التعرض للرفض.
ولكن الشخصيات لها دورها أيضاً
الأمر لا يتمحور فقط حول الآلية الدفاعية التي يعتمدها العقل البشري من أجل حمياتنا من قراراتنا إذ أن الشخصيات تلعب دورها أيضاً في القدرة على حسم القرارات وتقديم النصائح سواء للنفس أو للاخرين.
بعض الاشخاص يميلون للمخاطرة أكثر من غيرهم، وهناك فئة تفضل أن تقوم بكل الأمور ضمن هامش من الأمان الذي يطال كل المواقف بغض النظر عن الفوائد والفرص التي يفوتونها على أنفسهم.
الجمود في حسم القرارات وبالتالي توفير النصائح المثالية لأنفسنا يدخل مرحلة الشلل وذلك بسبب خوفنا من الفشل أو الخوف من الرفض. لذلك السؤال الذي يطرح نفسه هنا، هل يمكننا تدريب أنفسنا على حسم القرارات الطموحة وبالتالي توفير نصائح جيدة لأنفسنا كتلك التي نقدمها للآخرين؟
المقاربة بسيطة، الإدعاء بأن المشكلة أو الموقف لا يتعلق بنا بل بالاخرين. فعوض سؤال نفسك « ما الذي علي فعله؟» يمكنك قلب الصورة لتصبح « ما الذي عليك فعله؟».
هناك طرق آخرى لمقاربة العقلية المغامرة التي نستخدمها لحل مشاكل الاخرين وتقديم النصائح لهم وذلك من خلال التفكير بأشخاص نكن لهم الاعجاب وتخيل المقاربة التي كانوا سيعتمدونها من أجل حل المشكلة. الغاية من كل هذه المقاربات هي فصل حسم القرار عن أنفسنا، اي إبعاد أنفسنا قدر المستطاع عن الموقف وبالتالي ننظر الى الوضع من الخارج ما يمكننا من تحليل الوضع وحسم القرارات وتوفير نصيحة مثالية لأنفسنا.
مقاربة أخرى هي إبعاد النفس فعلياً عن الموقف أي سؤال زميل أو شخص نثق به عن الآلية التي سيعتمدونها من أجل حل المشكلة التي نواجهها وبالتالي يوفرون لنا المقاربة التي نود إعتمادها. هم سيوفرون لك نظرة واضحة عن العقلية المغامرة التي نسعى للحصول عليها.
المصدر: ١