دليلك للتفرقة بين النصيحة والتعطش للسلطة في العمل
مع تنصتهم الواضح، وشخصياتهم الميكافيلية فإن الشخصيات المتعطشة للسلطة يسهل رصدها في الأفلام لان المخرج يحرص على أن يبرز لنا كل الخصال التي تجعلنا نعرف بأن هذه الشخصية مستعدة للقيام بكل شيء من اجل الارتقاء والوصول الى القمة. ولكن الوضوح هذا معدوم في مكان العمل الواقعي، فالزملاء الذين يرغبون وبكل قواهم أن ينتقلوا الى القمة يقدمون دلائل قليلة جداً تمكنك من معرفة أنهم من الفئة المتعطشة للسلطة. ولهذا السبب البحث الذي قام به فريق دولي من المتخصصين في السلوك المؤسساتي مثير جداً للإهتمام.
إليكم الإكتشاف المثير جداً للإهتمام والذي في الواقع يجعل كل واحد منا يسأل نفسه ما إن كان هو أيضاً من المتعطشين للسلطة ولا يعرف ذلك بعد.
المتعطشون للسلطة يملكون أمراً مشتركاً فهم يقدمون النصائح للآخرين أكثر من غيرهم. فإن كنت شخصياً تقدم النصائح يميناً ويساراً لمن يطلبها ولمن لا يطلبها فلعلك حالياً تواجه صدمة كبيرة لانك وفق نتائج الدراسة تلك متعطش للسلطة.
الدراسة التي نشرت في «بيرسونالتي أند سوشيال سيكولوجي بوليتن» كانت الغاية الأساسية لها إختبار تقديم النصائح كإستراتيجية يمكن من خلالها زيادة شعور الشخص «بشكل إصطناعي» بان هناك حاجة اليه في مكان العمل . أي إختبار ما ان كان يمكن إستخدام تقديم النصيحة «كخدعة» أو «كإستراتيجية» من أجل جعل الموظفين يشعرون بأن لهم مكانتهم في العمل وبأن هناك حاجة ماسة اليهم وإلى مهاراتهم.
الفكرة الأساسية التي إنطلقت منها الدراسة هي واقع ان البشر يشعرون بشيء من السلطة والقوة حين يقومون بتقديم النصائح لغيرهم. ولكن كيف يمكن لعمل «غير أناني» كتقديم نصيحة يتحول ليكون من دلائل التعطش للسلطة .
النجاح ليس بالجسد.. كيف خرج هؤلاء من دوامة الإعاقة إلى قهر المستحيل؟
تحول النصيحة الى تعطش للسلطة
لقد قمت للتو بتقديم نصيحة لاحد الزملاء، وبطبيعة الحال أنت تشعر بشكل جيد حيال نفسك لأنك قمت بعمل ما «لطيف» ومفيد.. ما يمكننا أن نوافق عليه هو أنك تشعر بشكل جيد ولكن ما لا يمكننا الموافقة هو سبب شعورك الجيد. انت تشعر بشكل جيد حيال نفسك لانك وبشكل بساطة تختبر نشوة القوة والسلطة.
والآن فكر بذلك الموقف مجدداَ، خلال تقديم النصيحة، أي دور كنت تعلبه؟ هل كنت تظهر خصال مختلفة الى حد ما ؟ بالتأكيد كنت تقوم بذلك ولكنك على الارجح لم تلاحظ الامر ولكنك بالتأكيد ستلاحظه في حال كان معدلك لتقديم النصائح مرتفع.
في مرحلة من المراحل الذين يقدمون النصائح يدركون تماماً بأن تقديم النصيحة يوفر لهم السبل للعب دور أو إظهار خصال أو القيام بتصرفات ضرورية من أجل الحصول على القوة والسلطة الفعلية في مكان العمل.
في سلسلة من التجارب لعلماء من جامعة سنغافورة للإدارة، يو أس سي مارشال لإدارة الاعمال، كلية هارفرد للأعمال وجامعة ديوك تبين بأن «التبرع» بالنصيحة يؤدي الى شعور بالتمكين والقوة سواء كانت النصيحة مطلوبة أو غير مطلوبة.
وعندما تم متابعة مسار النصائح تبين بانه في حال قام الاخر بالاخذ بالنصيحة وتطبيقها فإن مقدمها يشعر بأنه عظيم الشأن.
في تجربة أخرى تم الطلب من الذين شاركوا بالتجربة اعلاه الإجابة على عدد من الاسئلة حول توجهاتهم الخاصة حين يقومون بتكوين شبكة المعارف الخاصة بهم وكانت الأسئلة مصممة من أجل الكشف عما إن كان يملكون ميولاً تجعلهم يسعون خلف السلطة. لاحقاً تم جمعهم في جلسة حيث طلب من كل شخصين بالقيام بنوع من التفاوض. وعندما طلب منهم تقييم التجربة وتحديداً حجم النصائح التي قدمت من الزملاء وجد العلماء أنفسهم امام الرابط.. كل شخص يسعى للسلطة يميل الى تقديم النصائح بشكل دائم وبمعدل أكثر من غيره.
وبالتالي سواء كان الأمر يتعلق بك شخصياً أو بغيرك ما عليك الانتباه له هو عدد النصائح التي تقدمها وما إن كانت شاملة أم محددة. فلكما كانت محددة وتتمحور حول أمر وحيد كلما عنى جعلك ذلك من المتعطشين للسلطة.
تقديم النصيحة يرفع من مستوى شعورك بالقوة وبانك تملك السلطة ١٠٪. ولكن نشوة السلطة هذه تتبخر حين لا يتم الاخذ بالنصيحة. إن لم تكن متعطشاً للسلطة فلن تقوم بتقديم نصيحة اخرى ولكن ان كنت من المتعطشين للسلطة فعلياً فحينها ستقوم بتقديم نصيحة ثانية وثالثة.
اليكم ما هو أغرب
بعيداً عن الصفات الواضحة للمتعطشين للسلطة في مكان العمل والتي تتنوع بين عدم الاستماع لافكار الاخرين وجعل كل النتائج تتمحور حولهم وحول حاجاتهم الخاصة وإيمانهم المطلق بانهم الاذكى هناك جزئية اخرى مخادعة تماماً قد تجعل أي واحد منا يعيد تقييم نفسه ويفكر ما إن كان من المتعطشين للسلطة.
إن كنت قد قمت يوماً بجعل حياة شخص ما ضمن شبكة معارفك المهنية أفضل فما حصل هنا هو أنه تم منحك السلطة طوعاً من قبل الاخرين. ورغم أنك تملك مهارات من المفترض انها إيجابية وما قمت به إيجابي بالفعل إلا أن اختبار نشوة السلطة يمكنه أن يتحول الى إدمان وبالتالي تحتاج الى المزيد.. وهكذا تحاول ان تكرر فعلتك «الإيجابية تلك ولكن خلال تكرارها وفرضها يصار الى تدمير المهارات «الايجابية» التي تملكها وتتحول الى ساع لاكتساب المزيد من القوة والسلطة.وكلما زاد شعورك بالقوة كلما تصرفت بشكل مندفع أكثر سواء داخل العمل أم خارجه.
إن كان ما قمنا بذكره يبدو مألوفاً بالنسبة إليك فحان الوقت للتراجع عشرات الخطوات الى الوراء والتعامل مع المشكلة الجدية التي تعاني منها.
الكثير من تحمل المسؤولية والتوتر.. لهذا الناس الناجحون هم أكثر تعرضاً لخطر إدمان المخدرات والكحول