طوق نجاتك حين تكون على حافة الإستنزاف والإنهيار
أتبدو الصورة مألوفة؟ لا تشعر برغبة بالذهاب الى العمل لأنك تعرف حجم المهام التي عليك إنجازها. لست خمولاً أو كسولاً بالتأكيد، فأنت تعرف بأنه عليك إنجازها وبأفضل طريقة ممكنة، ولكن منهك جداً وطاقتك العقلية والنفسية مستنزفة. حاولت الحصول على إجازة أو قد تكون لم تحاول لانه يستحيل الحصول عليها حالياً فالأعمال يجب أن تنجز ولا مجال للتأجيل. أنت حالياً على حافة الإنهيار ولكن حتى الانهيار لا يمكنك تحمل تكلفته، فبطريقة أو بأخرى عليك الصمود. صورة مألوفة للغالبية بالتأكيد فمتلازمة الإرهاق في مكان العمل شائعة جداً وهي غير ممتعة على الإطلاق.
الذين يعملون في وظائف في مجال الطب ووتطبيق القانون هو أكثر عرضة من غيرهم للشعور بالانهاك الشديد والإستنزاف العقلي والنفسي ولكنهم ليسوا وحدهم من يعاني في هذا المجال. في المجال المهني هناك عدة عوامل تساهم في تسريع الوصول الى تلك المرحلة وهي، ساعات العمل الطويلة، النزاعات مع الإدارة، مشاعر الاحباط المرتبطة بالوظيفة وغيرها.
العلاج البديهي هنا هو الإجازة، طويلة كانت أم قصيرة، وذلك من أجل إعادة شحن الطاقة والتخلص من كل عوامل التوتر. ولكن لا يملك الجميع «رفاهية» الحصول على إجازة. فالأمر قد يرتبط بإلتزامات العمل أو حتى بالوضع المادي للشخص الذي لا يمكنه من القيام برحلة تعيد شحن طاقته. هنا لا بد من العثور على مقاربات اخرى تمكن الشخص من محاربة هذه المشاعر وتمنعه من الإنهيار.
النجاح ليس بالجسد.. كيف خرج هؤلاء من دوامة الإعاقة إلى قهر المستحيل؟
تعرف الى الدلائل
بطبيعة الحال من أجل معرفة ما الذي عليك فعله عليك أن تعرف الدلائل التي تشير الى وصولك لمرحلة الإستنزاف والإنهيار. هناك ٣ دلائل أساسية تدلل على متلازمة الإرهاق وهي واضحة تماماً وبالتالي لن تجد صعوبة في إكتشافها.
الدليل الأول هو شعورك بأنك مستنزف وبأنك لا تملك ما يحفزك وتشعر بالتعب جسدياً وعقلياً ونفسياً.
الدليل الثاني هو تبدد الشخصية بحيث يصبح الشخص في مرحلة إستبدال السمات الشخصية الفعلية لفرد معين باخرى غير شخصية، مثلاً الممرضة تصل الى مرحلة تشير الى مريض ما كـ «النوبة القلبية في الغرفة رقم ٨»،أو حين يبدأ طبيب بالإشارة الى مريضه على انه « رجل إضطراب الوسواس القهري». هنا يتوقف الشخص عن رؤية البشر كبشر ويصبحون أقرب الى العبء ما يؤدي تراكم المشاعر لتتحول الى الإمتعاض والنفور.
والدليل الاخير هو فقدان القدرة على التركيز وبالتالي ستجد نفسك تحتاج الى الكثير من الوقت والطاقة من اجل إنجاز ما هو اقل.
ما يجب الانتباه اليه هنا هو أن متلازمة الإرهاق يمكنها أن تخدع الشخص لانها تشبه الى حد ما مشاعر الإكتئاب ولكن وخلافاً للإكتئاب متلازمة الانهاك «مركزية» أكثر. فالإكتئاب يؤثر على مختلف الجوانب الحياة بينما متلازمة الإرهاق ترتبط بالعمل فقط.
طوق النجاة
بما أن الإجازة هي خارج الحسابات، فأنت بحاجة لشيء ما ينتشلك قبل أن تغرق كلياً. طوق نجاتك هو إدخال بعض التعديلات التي من شأنها أن تخفف من حالتك تلك.
فلنبدأ بما هو بدني: رغم أن النصيحة هذه كليشيه ولكن الحصول على قسط وافر من النوم بالإضافة الى ممارسة التمارين الرياضية وتناول الطعام الذي يوفر لك المواد الغذائية التي تحتاج اليها يمكنها أن تؤثر وبشكل كبير على معدلات التوتر التي تعاني منها كما يمكنها أن تحسن مزاجك بشكل كبير. المشكلة هنا هي أن مشاعر الإستنزاف ستجعلك تستبدل عاداتك الإيجابية باخرى سلبية ما يعني أنك تدخل نفسك في حلقة مفرغة.
إعادة بناء عاداتك في العمل: من الأهمية بمكان معرفة حجم تأثير عاداتك في العمل على سعادتك الشخصية. لذلك عليك إلقاء نظرة مطولة على عملك وإعادة رسم الصورة. إطرح على نفسك أسئلة مثل « ما الذي تتطلبه وظيفتك؟»، «هل انت مسيطر على مسار الأمور؟»، «هل تجد صعوبة في تفويض المهام؟»، «هل تجد صعوبة في طلب المساعدة حين تحتاج اليها؟»، حين تتعرف على المشكلة ستعرف كيف تتعامل مع الامر. مثلاً هل تجد نفسك وبشكل دائم تصل قبل الموعد النهائي لتسليم العمل وما هو مطلوب منك إنجازه كبير جداً؟ إن كنت تصل لتلك المرحلة ولا يمكنك تكليف الاخرين ببعض المهام من اجل انجاز الاعمال فربما هذا هو سبب مشكلتك، أو ربما هناك مشكلة في تنظيم الوقت بحيث تمنح التفاصيل عناية فائقة ما يستهلك كل وقتك وطاقتك وبالتالي تصل الى الموعد وأنت في حالة من الانهاك وهناك الكثير مما يجب إنجازه.
خلق التنوع خارج الحياة المهنية: عندما يبدأ العمل بإستنزاف طاقتك عليك العثور على نشاطات تعيد اليك ذلك النشاط. رغم انك قد لا تشعر بأنك تملك الطاقة للقيام بأي نشاط كان ولكن أرغم نفسك على ذلك مرة واحدة وستلمس التأثير السحري بنفسك. النشاطات يمكنها أن تكون بسيطة مثل الإختلاط الاجتماعي مع الاصدقاء، تعلم هواية جديدة، او القيام بما تحب القيام به مثل قراءة كتاب ما. فقط احرص على الا تقارب هذه الامور من زواية انه عليك القيام بذلك اذ المقاربة يجب ان تكون اريد القيام بذلك لان النشاط ذلك ممتع.
معرفة متى عليك «الرحيل»: احياناً ومهما حاولت أن تتحايل على الامر إلا أن الواقع هو مباشر ولا لبس فيه، انت بحاجة ماسة للإبتعاد عن العمل. عندما تصل الى مرحلة تشعر فيها بأنك تقوم بالتضحية بصحتك من اجل العمل فهنا الامر لم يعد يحتمل، عليك الحصول على إجازة مهما كانت الظروف. هناك عشرات الحلول التي يمكن للمدير ان يقدمها لك حين تكون قد تجاوزت نقطة اللاعودة وانت حالياً في مرحلة حرجة بدنياً ونفسياً.
المصدر: ١