الشركات العائلية.. النجاحات والصراعات والعنصر ألفا
«وول مارت، تسلا، سامسونغ عالمياً، وماجد الفطيم القابضة، وأوراسكوم للإنشاء والصناعة، والراجحي المصرفية»، وغيرها عربيّاً شركات ضخمة بقيمة تقدر بملايين الدولارات وفي قطاعات مختلفة تماماً عن بعضها البعض، ووُجدت كل واحدة منها في حقبات زمنية مختلفة، ومع ذلك هي تتشارك في أمر أساسي.. جميعها شركات عائلية.
الشركات العائلية تم تناولها بحثاً ودراسة من كل الجوانب، فهناك الدراسات التي تحاول رصد ما إن كانت مبتكرة وهناك تلك التي تبحث في التعاون والصراع داخلها وأخرى تحاول دراسة أسباب النجاح أو الفشل.
المؤسسات العائلية عالم مثير للاهتمام بتحديات خاصة بها، تختلف عن تحديات مختلف الشركات الأخرى.
٣٠٪ من الشركات العائلية فقط تنجح بالاستمرار إلى الجيل الثاني، و١٢٪ تنجح بالاستمرار إلى الثالث و٣٪ فقط تستمر للجيل الرابع وما بعده. وحتى الشركات التي تستمر غالباً ما تعيش مراحل متذبذبة لناحية قيمتها كلما تغيرت القوى المسيطرة عليها.
ومع ذلك الشركات العائلية تقوم بدور رئيس في الاقتصاد العالمي، إذ تمثل ما يقارب ٨٠٪ من كامل عدد الشركات العالمية، وهي الثقل الرئيس للتوظيف طويل الأمد في غالبية الدول.
أي نحن أمام واقع فيه تحدٍّ للفشل في كل مرة تنتقل فيه السلطة من جيل إلى جيل. والأرقام تظهر أن الغالبية الساحقة لا تتجاوز ذلك التحدي، ومع ذلك هناك قوة كبيرة لهذه الشركات.
وهذا واقع مربك إلى حدٍّ ما. فما الذي تقوم به هذه الشركات ويجعلها تملك كل هذه القوة والنجاح اللذين يؤثران على اقتصاد العالم بأسره؟ وكيف تمكنت ومنذ عام 2006 من التفوق لناحية الأداء، رغم اتهامها وبشكل دائم بأنها تعمل بعقليات تقليدية وغير مبتكرة، من التفوق على الشركات غير العائلية؟
لنتحدث عن العنصر ألفا
المؤسسات العائلية ناجحة وذلك لأنها تملك مقاربتها الفريدة من نوعها في إنجاز الأمور، والتي يطلق عليها تسمية «العنصر ألفا». العنصر ألفا في الشركات العائلية هو الوصفة السرية الخاصة بها التي تجعلها تتفوق على غيرها في المجال نفسه. من لوريال إلى ميسوني وغيرها من الشركات العائلية هناك تركيز واهتمام واضح طويل الأمد والتزام كبير بالاستثمار في الأبحاث والتطوير وذلك من أجل ضمان النمو من الداخل. وكدليل يمكن مراقبة شركة دايسون البريطانية والتي استثمرت مليارات الدولارات في الأبحاث والتطوير وذلك من أجل إعادة ابتكار منتجات مثل مكنسة كهربائية من دون كيس ومجفف اليدين والشعر.
هكذا منتجات موجودة في كل منزل وفي كل مؤسسة ومطعم وغيرها، ومع ذلك ما قدمته الشركة هو المنتجات نفسها وإنما بأداء أفضل ولمسات مبتكرة.
وهذه هي العقلية الخاصة بالشركات العائلية والذي هو العنصر ألفا، أي النمو من الداخل من أجل التفوق على المنافسة.
ولكن العنصر ألفا يعتمد على عناصر أخرى من أجل نجاحه. وعليه هناك حرص على أن تكون الخطوات مدروسة تماماً، فالأمر أشبه بالبناء، إن لم تكن الأسس قوية ومتينة فسيكون أمام خطر الانهيار طوال الوقت، وحين يتعرض «لهزة» ما فهو سينهار كلياً.
الاستقلالية والاعتماد على الذات:
تمت مقارنة الداتا الخاصة بالمؤسسات العائلية بتلك الخاصة بغير العائلية وتبين بأن المؤسسات العائلية لا تعتمد كثيراً على الدعم الخارجي أو التمويل الخارجي سواء من حملة الأسهم أو من البنوك.
المؤسسات العائلية تملك القدرة على التأقلم بسرعة وغالباً ما تملك أهدافاً واقعية جداً حول معدل النمو الذي تسعى إليه. وهذا ما يؤدي إلى بيئة تقوم على التقدم الثابت البطيء، وهذا مفيد جداً لها على المدى البعيد.
الطاقة والمرونة:
سواء كان الجيل الأول الذي يتولّى الشركة أو الخامس. الشركات العائلية سواء كانت محلية أو متعددة الجنسيات تتفوق على المنافسة بشكل دائم، وبشكل خاص الشركات الآسيوية غير اليابانية وشركات أمريكا الوسطى. فالشركات العائلية التي يقودها جيل الشباب حالياً ظهرت وبقوة على الساحة التكنولوجية بشكل خاص خصوصاً في أمريكا وأوروبا.
ورغم أن الأداء قد يتراجع مع الوقت ولكن الثبات يبقى، وذلك لأن العقلية الخاصة بالشركات العائلية وبغض النظر عن الجيل الذي يتولاها قائمة على عقلية محافظة بطبيعتها، وبالتالي هناك تقليص لحجم المخاطر حين يمكن ذلك، ما يمنحها القدرة على المقاومة والاحتمال والصمود أكثر من المنافسين .
النمو الجيد والأرباح الصحية:
الشركات العائلية ووفق الدراسات العديدة تنمو أسرع من المنافسين وبشكل عام أكثر ربحية. والسبب هنا يرتبط بواقع أنها تملك الميول لإعادة الاستثمار، بالإضافة إلى الليونة التي تملكها حيال السيولة. مثلاً الشركات الآسيوية غير اليابانية تستثمر أكثر من أي شركات أخرى عائلية أو غير عائلية، في الأبحاث والتطوير، وذلك لأنها أدركت أن الجيل الحالي مربوط بالتكنولوجيا، والعالم مدفوع بكل ما هو تقني ما يعني الحاجة للتطور.
عنصر الألفا عالمي
الميزة الرئيسة لعنصر الألفا الخاص بالشركات هو أنه ليس ظاهرة إقليمية. مثلاً الشركات العائلية الأوروبية نسبتها ٢٣٪ من مجمل الشركات العائلية حول العالم. وهذه الشركات بشكل عام تتوزع بين فرنسا، ألمانيا، سويسرا وإيطاليا وهولندا وبريطانيا. والأمر الذي يختلف بينها وفق المنطقة هو القطاعات. ففي أوروبا، قطاعات التمويل والصحة تشهد على أعلى مستويات من الابتكار من خلال استغلال التكنولوجيا. ورغم أن الشركات العائلية الأمريكية تتفوق على الأوروبية لناحية القيمة السوقية، ولكن السوق الأمريكي أقل ديناميكية عن غيره من الأسواق، وبالتالي نجدها في قطاعات تنمو بمعدلات أبطأ من غيرها مثل المنتجات الاستهلاكية والطاقة.
بطبيعة الحال، لا يمكن لكل الشركات أن تعمل وتدير شؤونها كما تقوم الشركات العائلية، ولكن يمكن للشركات أن تبدأ بالتفكير مثل الشركات العائلية.
المصدر: ١