هل تتوقع حقاً أن يكون جميع أعضاء فريقك من المبدعين المبتكرين؟
المديرون الذي ألتقي بهم عادة يقومون بواحد من هذين الامرين حين يتم الحديث عن عملهم وعن الفرق العاملة تحت قيادتهم بشكل خاص. الأمر الأول هو مدح فريق العمل بشكل مبالغ به، بحيث يكون فريقهم هو الأفضل على الإطلاق في مجال عملهم. الأمر الثاني هو الحديث عن كونهم فريق سيء وبأنه يجب التخلص من التفاحة الفاسدة التي جعلت الفريق على ما هو عليه وبالتالي يظهرونه ( اي المدير) بشكل سيء. السيناريو الاول يحدث بنسبة ٨٠٪ بشكل عام أم الثاني فهو قليل الحدوث ولا تتجاوز نسبته ٢٠٪.
ما ألاحظه وبشكل دائم هو أن المدير يميل الى المبالغة لأن صورته في نهاية المطاف على المحك، الجيد يصبح ممتاز والسيء يصبح كارثي، وفي الحالة الأولى يكون هو جزء من الصورة العامة وفي الثانية لا علاقة له بها.
ولا بأس بالمقاربتين، فالمدير في نهاية المطاف بشري ويحتاج لأن يظهر بشكل جيد. ولكن ما يغيب عن باله هو أن الذين يمدحهم أو يذمهم هم بشر أيضاً وبالتالي يملكون نقاط قوتهم كما يملكون نقاط ضعفهم. فلماذا كل حديثه يعلن وبشكل مباشر وغير مباشر بأنه عليهم أن يكونوا أو هم فعلاً من المبدعين؟
هناك ستيف جوبز واحد
الإبتكار والإبداع من الامور الهامة للشركة ولمجموعة من الأسباب فهي تساعد الشركة على أن تبقى على صلة بما يحدث وأن تتطور وأن تسير جنباً الى جنب مع حاجات السوق والجمهور المتبدلة بشكل دائم. ولكن لا يمكن للجميع أن يكونوا من المبتكرين ولا يمكن لشركتك أن تملك أكثر من ستيف جوبز واحد هذا في حال كانت تملكه.
إليك الصورة العامة لما يحدث داخل الشركة وضمن فريق عملك:
-الشركة تملك أهدافها الخاصة.
-العاملون داخل المؤسسة يملكون أهدافهم الخاصة.
-الشركة تملك منتجات ومواهب تعود عليها بالربح المادي.
-العاملون يملكون مواهب وقدرات وحدود لهذه المواهب.
-دورك في هذه الصورة:
جعل النقطة الاول تتماشى مع الثاني، والثالثة مع الرابعة.
والآن قد تسأل ما الذي ستحصل عليه حين تقوم بذلك؟ حسناً، ستكون تمهد الطريق للتفكير الإبداعي داخل المؤسسة في حال كنت لا تملكه أو كنت تملك الحد الادنى منه داخل الشركة.
والآن.. لنوضح وللمرة الأخيرة ما الذي يتطلبه الإبداع والإبتكار فعلاً
هناك الكثير من سوء الفهم حول الإبداع والإبتكار، الشركات تتمسك بهما كما لو كانا شعاراً وتطالب بهما من الموظفين وكأنها غير معنية بالمسار. الإبداع والإبتكار لا يرتبطان فقط بالافكار الجديدة والمختلفة والخارجة عن المألوف بل هناك الكثير من الامور التي يجب ان تكون موجودة كي يكون الابداع فعالاً.
المبدع عليه أن يملك القدرة على التمييز بين الافكار الجيدة وتلك غير العملية وغير المؤثرة كما عليه أن يملك القدرة على تحويل هذه الافكار الى واقع ملموس وهذا المسار، اي التطبيق، عبارة عن سلسلة من التجارب والأخطاء. الشركات ليس كلها غوغل، وبطبيعة الحال لا تملك الموارد غير المحدودة ومختبراتها الابداعية الخاصة بها.
لعلك تألف هذا الموقف، موظف يعرض عليك مجموعة من الافكار المبدعة. في حال كانت هذه الافكار تتمحور حول تقليل التكلفة أو زيادة الفعالية من دون تكلفة كبيرة لتطبيقها فإن الجهات العليا ستوافق على الافكار بلمح البصر. ولكن حين تكون الفكرة ممتازة وستعود على الشركة بالفائدة على المدى البعيد ولكنها تحتاج الى تمويل فحينها ستجد المقاومة من الجهات العليا وعلى الارجح سيتم رفضها أو سيتم طلب التخلي عن الجزئية هذه أو تلك ما يفقدها سمة الابداع ويجعلها فكرة مشوهة الى حد ما.
عقلية الإبداع إن لم تكن متوفرة في جميع مستويات الشركة فحينها لا يمكن الحديث عن فريق مبدع يحقق نتائج، أصلاً حينها لا يمكنك ان تطالب فريقك بالإبداع لان كل افكاره سيتم قتلها حين تصطدم بعقلية مدير ما لا يحب التغييرات أو لا يريد أن يدفع مقابل هذه التغييرات.
عقول عديدة .. أفكار عديدة
على من تقع مسؤولية الإبداع؟ من هي الفئة التي عليها أن تكون مبدعة داخل الشركة؟
الإجابة عادة تكون الجميع. ولم لا؟
مزيد من العقول يعني مزيد من الافكار ما يعني مساهمة على نطاق واسع من قبل الجميع بطرح الافكار. هنا بالتأكيد قد تظن بأننا نناقض أنفسنا، لاننا قمنا سابقاً بالتأكيد بانه لا يمكن للجميع أن يكونوا من المبدعين وها نحن نطلب منك الطلب من الجميع تقديم الافكار المبدعة.
الأمر هو كالتالي.. رغم أن الغالبية تجمع على أن أي شخص يمكنه الإبداع إلا أن ذلك يترك هامشاً للسؤال عما أن كان الجميع يمكنهم القيام بذلك. الإبداع والابتكار يحتاجان لعدد مختلف ومتنوع من العناصر كي ينجحا. بالإضافة الى الموهبة المدمجة مع الإرادة، المبدع يحتاج الى الافكار الجيدة، الإنضباط، والتوقيت الصحيح والموارد الكافية ودعم المؤسسة. الجهة التي تريد الإبداع والإبتكار عليها ان تجعل الامر أولوية وبالتالي يجب أن يكون هناك تصميم وعزم لجعلها تتحقق.
الموظف يحتاج الى الوقت والى الراحة العقلية كي يتمكن من الابداع، فإن كنت تنهكه بالمهام اليومية لا يمكنك ان تتوقع منه الإبداع. ثم يجب أن يكون هناك الرؤية الشاملة للمضي قدماً. وطبعاً العنصر الأهم وهو الصبر الذي تحتاج اليه كل عملية إبداع وإبتكار حين يتم وضعها للتجربة والتنفيذ. وهنا نعيد طرح السؤال الذي قمنا بطرحه سابقاً ..إستناداً الى كل النقاط التي قمنا بذكرها هل يمكن للجميع الإبداع؟ الإجابة هي كلا. لا يمكن القول بأن الجميع يملك الرغبة أو الحشرية بإكتشاف مجالات جديدة ولحل المشاكل. . البعض يفضل العمل بما يملكه وبما هو واضح امامه.