المديرون يحق لهم كره بعضهم.. بشرط واحد
«الزملاء يحبون بعضهم البعض. المديرون يتفقون على هدف واحد، ويتواصلون بشكل صحي. كل شيء على ما يرام في مكان العمل». بالتأكيد هذه الصورة لا تعبّر عن مكان عملك، ولا عن أي مكان عمل في العالم، لأنها مثالية وغير واقعية. فلا يمكن للجميع أن يحب بعضه البعض، فالأمر خارج عن المسار الطبيعي للتفاعل بين البشر.
الصورة الواقعية هي كالتالي: كل زميل يحب فئة معينة من الزملاء ويكره أو لا يكترث لفئات أخرى، التعاون يتأثر بطبيعة العلاقة وبالمزاجية أحياناً، المديرون لا يتفقون على كل شيء، وهناك منافسة دائمة بينهم. الأمور تسير في مكان العمل وهي بشكل عام تحت السيطرة.
لا أحد يحب الجميع
يستحيل على أي شخص أن يحب كل شخص يلتقي به، ومعدل الاستحالة يصبح أكبر في حال كنت سنتحدث عن الانسجام والتوافق مع الجميع في مكان العمل.
البشر يملكون شخصيات مختلفة، وطموحاتهم واهتماماتهم مختلفة، وكل عنصر من هذه العناصر يؤثر على الكيمياء بينهم. وحين نضيف إلى المعادلة الضغوطات المرتبطة بالعمل، فليس من المستغرب أن تظهر الخلافات بين الزملاء في مكان العمل.
ولكن حين تكون الخلافات بين أعضاء الإدارة، فإنّ التأثير السلبي يمكن لمسه في جميع أنحاء المؤسسة. هذه الخلافات تؤثّر على الإنتاجية وعلى أخلاقيات العمل لمئات أو آلاف الأشخاص العاملين في الشركة، وبالتالي الوضع هنا بالتأكيد ليس تحت السيطرة.
إليكم هذا المثال، الذي حدث بالفعل في إحدى الشركات التي لن نذكر اسمها:
في شركة للتصنيع، ٣ من المديرين الرئيسين قيل لهم إنه تم ترشيحهم لمنصب رئيس مجلس إدارة الشركة. المنافسة وصلت لمراحل غير مسبوقة ما أثر على العلاقة بشكل سلبي لدرجة أنهم بالكاد يتحدثون مع بعضهم البعض خارج الاجتماعات الرسمية. الموظفون، ساروا على خطى المديرين وانقسموا إلى معسكرات، فئة تدعم هذا وفئة تدعم ذاك. وبطبيعة الحال كما هو حال الجهات العليا، لا حديث ولا تواصل ما أثّر على مسار العمل وعلى الإنتاجية.
مثال آخر وقع في مؤسسة للخدمات المالية التي تملك وحدات من الأعمال المستقلة. مديرة قامت بوضع خطة ومقاربة من أجل تطوير المنتجات وكان هدفها تعميمها على كل الوحدات. المديرون في الوحدات الأخرى عارضوا الأمر، فما كان منها إلا أن تجاهلتهم وتوقفت عن التعامل معهم ووجهت جهودها للتعامل مع جهات «أكثر تعاوناً وتقبلاً».
في كلتا الحالتين السؤال الذي يطرح نفسه هو «أين المدير التنفيذي من كل ما يحدث؟». التساؤل هذا منطقي بحكم أنّ تدخله كان سيجعله يصل إلى حل يمكن الجميع من العمل معاً. ولكن في الواقع الرئيس التنفيذي نادراً ما يعرف بوجود هذه الخلافات، أو لا يعرف ما الذي عليه فعله أو يختار أن يتجاهل الأمر على أمل أن تحل النزاعات نفسها بنفسها أو لأنه يميل للاعتقاد بأن المديرين سيقومون بحل هذه المشكلة التي طرأت.
في المقابل في حالات أخرى، كما في المثال الأول، فالرئيس التنفيذي قد يشجع على المشاجرة كي يرى ما الذي يمكنه أن يحدث.
عندما تبدأ المعارك بين المديرين ما الذي يمكن أن تفعله قبل أن تتأثر الإنتاجية؟
إخراج المشاكل من الظلمة إلى بقعة الضوء
هناك عدد من الأمور التي يمكنها أن تجعل الإدارة تدخل حالة الشلل التام، منها الصراعات التي لا يعترف أحد بوجودها. لذلك عوض الانخراط في الصمت عليك أن تتحدث مع الأشخاص المعنيين سواء بشكل فردي أو ضمن مجموعات صغيرة أو كفرق عمل ولكن من دون لوم أي طرف من الأطراف أو توجيه أصابع الاتهام لأي جهة كانت.
الأمر هنا يجب أن يتم بلطف وحساسية فائقة لأن توجيه أصابع الاتهام يمكنه أن يجعل الوضع أسوأ مما هو عليه. ولكن النقاش حول ما يحدث يجب أن يبدأ بهدف تحسين الأوضاع.
في المثال الأول بادر مدير في منصب أعلى منهم بدعوتهم إلى الغداء حيث تحدثوا عن غرابة الموقف، وتأثيره على جميع الفرق العاملة في الشركة. وكان هناك اتفاق بالرأي بأنه على الجميع القيام بكل ما بوسعهم من أجل تحقيق مصلحة الشركة وليس فقط من أجل تحقيق طموحاتهم الشخصية. وبالفعل هذا الهدف تم نقله إلى الفرق التي انقسمت إلى معسكرات. ورغم أن الحل لم يضع حداً للتوتر بين المديرين المتنافسين، لكنه جعل الأعمال تسير بسلاسة مجدداً.
اعتماد القوة الناعمة
أحياناً على الرئيس التنفيذي أو أي شخص في منصب أعلى من الأطراف المتنازعة أن يلجأ إلى القوة. القوة هنا يجب أن تكون ناعمة لأن أي ضغوطات سلبية إضافية يمكنها أن تجعل الموقف ينفجر. الغاية هنا هي وضع الخلافات جانباً ولو بشكل مؤقت من أجل تحقيق الأهداف الكبرى الخاصة بالشركة.
في المثال الثاني قام المسؤول عن قسم الموارد البشرية بالمبادرة والحديث مع الرئيس التنفيذي للشركة وطلب منه التدخل من أجل حل المشاكل. التأثير غير المباشر هذا هام للغاية لأنه لفت نظر الرئيس التنفيذي لما يحدث وما تم القيام به هو خلق فرق متعددة المهام تضمن بأن الأطراف التي لا تتفق مع بعضها البعض، ستعمل على مشروع واحد ضمن هذه الفرق. بطبيعة الحال لا يوجد عرف سائد ومعتمد يقول بأن المسؤولين عن الفرق عليهم أن يحبوا بعضهم البعض، المطلوب منهم إنجاز العمل وإدراك أن خلافاتهم يمكنها أن تؤثر سلباً على المؤسسة.
منع تأثر المؤسسة بالخلافات مسؤولية كل الفرق العاملة وأي شخص غير مستعد لتجميد كرهه للآخر ولو بشكل مؤقت من أجل مصلحة الشركة هو شخص لا يكترث على الإطلاق لمصلحة الشركة.
المصدر: ١