مديري العزيز إن طلبت إجازة الصحة العقلية هل ستوافق على طلبي؟
يتوجه الموظف الذي يعاني من حالة نفسية سيئة الى مديره، يبلغه بأنه يريد يوم إجازة لأنه بحالة عقلية ونفسية سيئة. المدير وهو عربي الجنسية، سيشعر بالإرتباك وذلك لانه لا يوجد أي تطرق في «قوانين» الشركة لإجازة الصحة العقلية، هذا في حال كان لبقاً ولم يقم بطرد الموظف من مكتبه وإبلاغه بأنه عليه أن الإحتفاظ بمشاكله الخاصة لنفسه. الوضع نفسه في الجهة المقابلة من العالم سيتم التعامل معه بطريقة مختلفة كلياً، فالمدير ملزم على منح الموظف إجازة وذلك لان التوجه العام للشركات الغربية هو الإهتمام بصحة الموظف العقلية والنفسية.
من منا لم يشعر بحاجة ماسة ليوم إجازة من العمل، لا لانه يشعر بتوعك بدني، بل لأنه مستنزف ومنهك نفسياً وعقلياً. ولكن حين نريد الحصول على هكذا إجازة فإننا عادة نتذرع بالمرض البدني، ونتصل بمديرنا ونبلغه بأننا نعاني من مرض ما. المرض البدني يتم تقبله بكل رحابة صدر ولكن المرض النفسي والعقلي يمنع على الموظف العربي الحديث عنه.
واحد من كل ٤ أشخاص، يعاني من خلل ما نفسي وعقلي في مرحلة ما في حياته وحين لا يتم معالجة هذه المشكلة فإن الخلل هذا يمكنه أن يؤثر على مختلف الجوانب الحياتية ومن ضمنها الإنتاجية.
في هذه الشركة اليابانية فقط.. النوم مقابل المال لتحفيز موظفيها على العمل
عالمنا العربي يكره المشاكل النفسية والعقلية
المشكلة الكبرى في عالمنا العربي هي أنه لا يتم التعامل مع المشاكل النفسية والعقلية بالجدية اللازمة وهي ما تزال من الأمراض التي «تحرج» صاحبها، فإما يعاني منها بصمت أو إن قرر الحصول على مساعدة فهو يقوم بذلك بشكل سري. وهذه السرية تعني أن الشركات لا تريد بدورها التعامل مع المشكلة ولا حتى فتح المجال للموظف للحديث عنها.
لقد حان الوقت لمنح هذه الجزئية الإهتمام الذي تستحقه سواء لناحية تثقيف المدراء أو جعل الموظف يشعر بالراحة الكافية التي تمكنه من الحديث عن الامر.
وبغياب الإستطلاعات والدراسات في عالمنا العربي سنعرض أرقاماً كندية حاولت رصد الصحة النفسية للموظفين. وتبين بان ٣٣٪ من الموظفين يعانون بالفعل أمراض عقلية ونفسية، و٢٧٪ منهم يعانون من حالات نفسية مرتبطة بتوتر العمل. ومن هذه الارقام ٥٨٪ من الموظفين أكدوا بأن إنتاجيتهم تأثرت بشكل سلبي، و ٤٥٪ منهم فكروا وبشكل جدي الإستقالة وذلك بسبب التوتر الناجم عن ضغوطات العمل وتأثيره على حياتهم بشكل عام. ١/٣ من جميع الموطفين أخذوا يوم اجازة أو أكثر بسبب الصحة النفسية مقابل ٢٥٪ أكدوا بأن حالتهم النفسية والعقلية جعلتهم يعانون من امراض بدنية خلال الستة الأشهر الماضية.
بطبيعة الحال يمكن فقط تخيل حجم التأثير المادي على الشركات مع طاقم عمل يعاني إما من إنخفاض في الانتاجية أو يمرض أو يتمارض بدنياً لأنه وبكل بساطة لا يمكنه الحضور الى المكتب بسبب سوء وضعه النفسي والعقلي.
فلنتحدث عن إجازة الصحة العقلية
شخصياً، حالي حال عدد كبير من العاملين في شركات عربية، أحتاج الى يوم إجازة أو أكثر لأنني أشعر بالإنهاك من الحلقة المتكررة من الضغوطات المرتبطة بالعمل. ولكنني لا أطلب يوم الإجازة «النفسي» ذلك. مديري لعله في وضع أسوأ ويحتاج الى إجازة الصحة العقلية أكثر مني ومديره كذلك .. ولا أحد يتحدث عن الأمر بل نتجاهل الواقع ونمضي قدماً بالحد الأدنى من الانتاجية.
هل حان الوقت لوضعها ضمن «سياسة الإجازات»؟
من دون شك، ان كان هدف الشركة المحافظة على الانتاجية العالية وتقليص حجم الخسائر الناجمة عن الاجازات المرضية وعن تدنى مستوى الانتاجية بسبب الحالة النفسية والعقلية للموظفين. الامر بسيط ومباشر، الصحة النفسية هامة بقدر الصحة البدنية، وبينما الشركات تملك سياسة حول مختلف أنواع الاجازات لا يوجد اي شيء له علاقة بإجازة الصحة النفسية والعقلية. مجدداً وبسبب غياب الارقام في عالمنا العربي سنتحدث عن خسائر الشركات الاميركية بسبب الامراض العقلية والنفسية والتي قدرت بـ ١٠٥ بليون دولار سنوياً وذلك بسبب تراجع الاداء والغياب المتكرر تحت ذرائع مختلفة.
في بريطانيا كان للشركات نصيب ١٣٧ مليون يوم اجازة مرضية، ١٥،٣ مليون منها كانت بسبب الامراض العقلية والنفسية.
في حال لم يتضم وضعها.. كيف عليك كمدير التعامل معها؟
الوضع معقد، لن نكذب عليك على الإطلاق، ولكن هناك دائماً مقاربات تسهل عملية التعامل الوضع الدقيق والحساس.
الحالة الاولى: في حال طلب موظف حضر لمكان العمل إجازة لانه شعر بتوعك مفاجئ رغم انه لا يبدو عليه ذلك.. فهو على الارجح يعاني من مشكلة ما طارئة جعلت حالته النفسية السيئة تصبح أسوأ. هنا عليك إحترام طلبه وعدم الإستفسار أكثر وإبلاغه بانه يمكنه اخذ كل الوقت الذي يحتاج اليه ليعود بحالة افضل.
الحالة الثانية: موظف يغيب أكثر من غيره، ومستوى الاداء الخاص به تراجع منذ مدة وهناك دلائل واضحة على انه يعاني من خطب ما نفسي. كمدير وفي حال لم تكن تريد الدخول في نقاش مباشر حول المشكلة معه أو في حال حاولت ولم يكن مستعداً للحديث عليك ان تقوم بالتعديلات الضرورية للتخفيف من الضغوطات كالتقليل من حجم المهام بشكل مؤقت حتى يصبح بحال أفضل.
الحالة الثالثة: موظف لا يغيب ولا يطلب المساعدة ولا تظهر عليه العلامات الكلاسيكية للمرض النفسي أو العقلي ولكن الاداء الخاص تراجع وقدرته على التركيز في حدها الادنى ومؤخراً خلافاً لعادته بات عدائياً جداً. العدائية والمشاكل عادة يتعامل معها قسم الموارد البشرية ولكننا ننصحك بالحديث معه قبل تسليم المهمة لهم.
الحالة الرابعة: مدير آخر يعاني من كل الحالات التي ذكرت اعلاه. هذه الحالة دقيقة وتحتاج لمقاربة خاصة وهي إهتمام نابع من حرص «زميل» على «زميله» مع تعامل إنساني تام معه كي لا يشعر بأن هناك إستغلال لوضعه النفسي السيء.
"مستقبل الاستثمار"... توقيع 3 اتفاقيات لإنشاء آلاف الوحدات السكنية