القطرية أحلام المانع : هذا هو الرجل الذي في حياتي..
اختارت الطريق الأصعب، الطريق الذي جعل منها اليوم مثالاً يحتذى في المجال الرياضي، ورغم ندرة هذا المجال النسائي، فإنها تركت بصمتها الواضحة؛ فهي ناجحة متألقة، والأهمّ من هذا كله أنها نالت أول لقب عربي وخليجي وعالمي من اللجنة الاولمبية الدولية جائزة "المرأة والرياضة" لعام 2013، بعد أن لعبت "دوراً حاسماً" في أول مشاركة لسيدات بلادها في أولمبياد لندن 2012 .
أحلام المانع سيدة قطرية، اسم تردّد كثيراً بين الأوساط القطرية والعالمية أيضاً، كونها أول سيدة عربية تحصل على لقب "أفضل إدارية"، "الرجل" كان لها فرصة لقاء السيدة أحلام المانع، والحديث معها عن جوانب تكشف سرّ نجاحها وتميّزها الكبيرين:
حققتِ اسماً مميّزاً في المجال الرياضي، من أين بدأ كلّ ذلك؟
الانطلاقة في مجال العمل الرياضي، لم تكن وليدة المصادفة، فقد بدأت الدخول فى هذا المجال وأنا طالبة بكلية التربية الرياضية بجامعة قطر، ثم بعد التخرج عملت مدرّسة وموجّهة، ثم كان دخول لجنة رياضة المرأة، إلى أن أصبحت رئيسة للجنة، ولكنّ علامات الدخول في هذا المجال كانت موجودة، سواء من ناحية التعليم أو الترعرع في أسرة تمارس الرياضة، ولديها أبطال في هذا المجال، ورغم القيود التي كانت مفروضة في السابق على المرأة القطرية، فهي كانت نوعاً ما ممنوعة من دخول هذا المجال، ولكن تغيّر الفكر والمضمون وأصبح للمرأة القطرية حرية أكثر وانطلاقة أكبر في كل المجالات، وليس الرياضي فحسب.
التعليم الجامعي صقل شخصيتي كما يجب، لأكون سيدة رياضية، والتعليم الحقيقي الذي تلقيته كان من خلال عملي من خلال الممارسة والالتقاء مع الرياضيين. وأصبحت رئيسة لرياضة المرأة القطرية من عام 2009، بالإضافة إلى عضويتي باتحادات الفروسية وألعاب القوى.
اليوم ترغب الكثيرات في الحصول على الشهرة والنجاح بأسرع وقت، ما رأيك في ذلك؟
لا يمكن تحصيل الشهرة والنجاح بسهولة، فهما بحاجة لجهد ووقت، ومن المستحيل أن يحقق الشخص النجاح بسرعة، لأن الوصول إلى قمة النجاح يتطلب الصعود خطوة خطوة، ويجب على كلّ شخص أن يعيش الفشل كي ينجح.
هل تعرضت لمواقف أدّت إلى الفشل؟
في البداية تعرّضت لمواقف صعبة وتحمّلت كل شيء من اجل تحقيق غرضي، حتى جاء النجاح، ولكن استغرق وقتاً طويلاً، ولم يأت بسهولة.
فالسيدة القطرية مؤهلة 100%، ولكنها كانت مترددة بعض الشيء وأعتقد أن ذلك يعود إلى طبيعة تربيتنا في المجتمع القطري. وحالياً تغيّر المفهوم، وأصبح للمرأة القطرية كيان ونجاحات كثيرة في كل المجالات. ويكفى أننا ولأول مرة نشارك في الاولمبياد بوفد نسائي، وأنا سعيدة حالياً كوني أول قطرية أو عربية وخليجية تحصل على لقب أفضل إدارية.
هل هناك مجال معيّن برزت فيه المرأة ولفتت أنظارك إليه؟
نعم أرى أن الفتاة القطرية حققت في كل المجالات تميّزاً كبيراً بتفوقها، بعدما أتيحت لها تلك الفرصة. وبدأت تدخل المجال الرياضي وتشارك في الأولمبياد لأول مرة
عندما يواجهك موقف صعب كيف تتعاملين معه؟
الهدوء والصبر أمران مهمّان، حيث أحرص على ألّا تكون ردود فعلي مباشرة ناجمة عن الغضب، لذلك عادة ما أتلقى الأخبار السيئة بهدوء.
من هي قدوتك في عملك وحياتك الشخصية؟
قدوتي في حياتي الشخصية والدتي رحمة الله عليها، فقد علّمتني أنه يجب على الشخص ألّا ينفصل عن مجتمعه، وأن يحرص على التواصل مع الجميع.
هل توقعتِ الحصول على الجائزة الاولمبية الدولية، خاصة أنها تمنح لشخصية واحدة فقط، على مستوى كل قارّة؟
في الحقيقة لم أتوقع الحصول على جائزة أفضل إدارية على العالم، وكان من المعروف أنه تم اختياري ضمن أفضل ست إداريات على العالم، منهنّ خمس إداريات يمثلن مختلف القارات، فيما فزت من دولة قطر بجائزة أفضل إدارية، وبالتالي أصبح عدد الفائزات بجائزة أفضل إدارية، ستّاً، على مستوى القارات، وتم اختياري أفضل إدارية على مستوى العالم من بين الشخصيات الخمس المختارة، وهو إنجاز كبير للرياضة النسائية القطرية والعربية، التي برزت في سنوات قليلة نسبة لدول العالم الأخرى والتي لها باع طويل في مجال الرياضة النسائية.
وتم تكريم خمس سيدات أخريات من القارات الخمس، هن الغينية دجينيه ساران كامارا، والأمريكية مارلين بيورنشرود، والتايلاندية بوسابا يودبانغتوي، والليتوانية اونا بابونيين، والفيجية كاثرين اليس وونغ. ومنحت اللجنة الأولمبية الدولية جائزة "المرأة والرياضة" لعام 2013، بعد ان لعبت "دوراً حاسماً" في أول مشاركة لسيدات قطر في أولمبياد لندن 2012.
وأرادت اللجنة الأولمبية الدولية أن تكافئ العمل الذي قامت به وتمنح هذه الجائزة كلاً من السيدات الست المكرمات، إمكانية إطلاق مشاريع جديدة بدعم مالي من اللجنة الأولمبية الدولية.
كيف تصفين حياتك في ظل الانشغالات الدائمة والسفر المستمر؟
حياتي مثالية للغاية، وزوجي سرّ نجاح تلك الأسرة من خلال تعاونه ومساعدته لي وتقديم النصح والإرشاد. ويومياً أبدأ يومي فى الصباح الباكر لتجهيز أولادي للذهاب إلى المدارس والجامعات، ثم أتوجه للعمل، وأعود في تمام الثانية ظهراً، لتناول الغداء، وهو موعد مقدس نتجمّع فيه، وكل أفراد الأسرة حريصون على الحضور في هذا الموعد. وأحرص على دخول المطبخ من وقت إلى آخر، وعملي لا يؤثر في حياتي الشخصية، لأن هناك نظاماً أتبعة بدقة، اللهم الا اذا سافرت خارج قطر. عندي خمسة أولاد، أكبرهم خريج كلية الهندسة، وأصغرهم في الصف الخامس الابتدائي.
هل أنت الوحيدة في أسرتك التي اتجهت إلى العمل الرياضي؟
أولاً والدي كان له تأثير في حياتي، وبخاصة في هذا المجال، وكان - رحمه الله - دائماً يفتخر بأبنائه، ونحن أربعة أشقاء وخمس شقيقات، وأنا الوسطى من بين هؤلاء، وشقيقي الأكبر عبدالله، صديقي ومرشدي وأستشيره في المواقف الصعبة.
وأنا الوحيدة في اسرتي اتجهت إلى العمل الرياضي. ورغم أني الصغرى، فإنني صاحبة المبادرة في أي عمل وأي شيء، حيث كنت الأولى من بين شقيقاتي في الحصول على رخصة القيادة وأقود السيارة بنفسي، وبعد نجاحي في الثانوية العامة، اخترت كلية التربية الرياضة، ولم يعترض احد من اسرتي، وتخرجت عام 1988.
ما أصعب لحظاتك؟
حياتي كلها ليست سهلة، وهناك أمور صعبة مثل اتخاذ القرارات، وأتغلب عليها بفضل التركيز والهدوء، وعندما اشعر بصعوبة الموقف انظر إلى الموضوع من بعيد.
ماذا تمثل لك هذه الجائزة؟
هذا التكريم يمثل الكثير لي؛ إنه يمثل عملاً شاقاً من قبلنا من أجل تطوير الرياضة النسائية، وأنا سعيدة وفخورة بذلك. ولا انسى دور سمو الشيخة موزة لدعم المرأة القطرية، ودعم الشيخة جواهر بنت حمد بن سحيم أيضاً. وهذه الجائزة لم تكن لى بل لسيدات قطر.
لقد شاركت أربع رياضيات قطريات في الألعاب الأولمبية في لندن، وهي الألعاب الأولى التي شاركت فيها السيدات من جميع الدول. لقد بدأنا عام 2005، وكنا في أول الطريق، الأمر الذي لم يسمح لنا بالتأهل إلى ألعاب لندن. عملنا بجدّ مع لجنة المرأة في اللجنة الأولمبية الدولية، وكانت تجربة طيبة بالنسبة إلى شاباتنا، ستشكل نموذجاً لسيدات أخريات ليس في قطر وحسب، وإنما في المنطقة بأكملها.
بما انك رئيسة للجنة رياضة المرأة، هل تمارسين الرياضة؟
بالطبع أمارس رياضة المشي بعد الدوام، وأحرص يومياً على ذلك.
هل من بين أسرتك من يمارس الرياضة؟
بالطبع اولادي كلهم؛ بداية من فالح احد ابنائي الممارسين لرياضة الفروسية، وأحد أبطال العرب، ومصنف عالمياً، وأول فارس يشارك في بطولة "قوس النصر" التي تقام في باريس.
ما هوايتك المفضلة؟
القراءة، فلديّ مكتبة عامرة بالكتب الثقافية والرياضية.
هل تتوقعين لأحد أبنائك أن يسلك طريقك؟
أتوقع ذلك، رغم اني لا أتدخل في اختياراتهم، وأترك كل واحد يرسم طريقه وعندما يستشرني انصحه فقط، فنحن في منزلنا تعلمنا الديمقراطية، ونحترم رغبات الآخرين.
هل تشعرين بالحرج وأنت تتعاملين مع الرجال؟
أبداً، التعامل مع الجنس الآخر أكسبني خبرات كثيرة، فقد كنت عضواً في اتحاد ألعاب القوى، واللواء دحلان الحمد رئيس الاتحاد، له دور في شخصيتي وما وصلت إليه من مكانة. وكذلك الشيخ حمد بن علي رئيس اتحاد الفروسية الذي يقدم لي النصح.
ما طموحاتك؟
في الحقيقة كنت احلم بأن أرى الفتاة القطرية في الاولمبياد، وتحقق هذا الحلم وأصبح حقيقة في اولمبياد لندن، بالمشاركة في 4 لعبات، هي الطاولة والرماية والسباحة والقوى. ونأمل بأن نستكمل الطموحات، ويكون لنا وجود قويّ في الاولمبياد القادمة، وإبراز الرياضة النسائية على مستوى العالم.
ما أسعد لحظات حياتك؟
بدون مبالغة، عندما تلقيت اتصال الشيخ سعود بن عبدالرحمن آل ثاني، أمين عام اللجنة الاولمبية القطرية، يخبرني بفوزي بلقب أفضل إدارية على مستوى العالم.