وسام كيروز يكتب لـ«الرجل»: أزمة منتصف العمر المهني.. والمكان في المستقبل
كنت في العشرين، أنظر إلى المتقدمين على سلم السنوات، وأقول: "يا إلهي، هم في الأربعين، إنهم يحكمون العالم!" كنت أهمس في نفسي: هو زمنهم، أما في زمني فسأحكم العالم بطريقة مختلفة. لكن هناك مشكلة وحيدة. أصبحت في الأربعين، وأصبح من في العشرين هم الذين يحكمون العالم. لقد تغيرت قوانين اللعبة "على دوري".
قد أكون من ذلك الجيل الضائع الذي لن يسود العالم، بل يخفي رعبه من قوانين الجيل القادم بعد انطواء الألفية الثانية، يخفي شعوره بالعزلة، أحيانا خلف اقتناء ساعة فارهة، وأحيانًا في محاولة تحقيق بقايا حلم قديم بحماسة الذكرى أكثر من دفء القلب. كل ذلك لا يخفف من حدة المعضلة.
العالم يسمع منذ قرون عن أزمة منتصف العمر. هذا شأن آخر لنا فيه كلام آخر، فهنا، سنكابر قليلًا. لكن، أزمة منتصف المهنة هي التي قد تكون على وشك إسقاط الكثير من الضحايا. عام 2024 سيذكره التاريخ على أنه العام الذي فقد فيه الإنسان لقب أذكى كائن على وجه الأرض. الذكاء الاصطناعي سرق اللقب، وفي حدود 2030، سيصبح ذلك الذكاء أذكى من الإنسان بملايين المرات.
باختصار، في أزمة منتصف العمر المهني بصيغته الجديدة، لقد مشيت كثيرًا لكي تبدأ من جديد، ولم تمش بما يكفي لكي لا تأبه! تريد أن تكون "ذا صلة"، وهناك جهد يجب أن تبذله حتى لا تصبح خارج النظام وأنت في المنتصف. لست شابًا ولست عجوزًا، ولا يمكنك دفع ثمن رفاهية اللامبالاة! تبدو أحيانا كأنك تغني مع مجموعة من المغنين الحماسيين، أغنية تكاد تعرف بعض كلماتها، فتمد حرفًا من هنا، وتتظاهر بالتفاعل من هناك. لكن، لا بد أن تغني!
أضف إلى ذلك، أن هناك في الأساس أزمة منتصف المهنة بصيغتها التقليدية. لا أحد يتحدث عنها. بلغة شعرية، هي تشبه أن تشعر كل يوم بأنك تلبس ثيابًا لمناسبة أخرى. إنه زمن تبحث فيه عن الحماسة في زوايا قلبك كما عهدته سابقًا، تبالغ في مقارنة نفسك بأقرانك من جيل المنتصف، ماذا حققوا وماذا حققت؟ هل خدعوا الوجود والمهنة بشكل أفضل منك؟ وأكثر ما يقلقك، هو أنك أصبحت تتردد كثيرًا!
هنا أيضًا، ربما لا بد أن نغني. نبقى نتظاهر، إلى أن نتعلم الأغنية. لكن، بعيدًا عن هذه الرؤية الوجودية لأزمة المنتصف، هناك وصفات عملية. في المنتصف المهني، ما زال بالإمكان تعلم مهارة جديدة، ربما تبهر نفسك قبل الآخرين بإجراء حوار باللغة الألمانية. يمكن للابتعاد لمدة عن التكنولوجيا أن يذكرنا بأن لنا حياة من دونها.
وفي المهنة كما في الحياة، العالقون على حدود الشباب يستحبون الأمور المعتادة. يستحبون البقاء في دائرة الأصدقاء أنفسهم، في دائرة الأماكن نفسها. تبدو الحياة أليفة ولطيفة في المساحات المستكشفة. لكن تلك الألفة الجميلة هي الفخ ربما. وبعد كل تلك السنوات، لا بد أننا بتنا نعرف أن لا شيء يهزنا، لا شيء يحيينا، لا شيء يغيرنا أكثر من "لقاء"، لقاء شخص جديد، فكرة جديدة، نمط جديد. ولكن؟ كيف سيهبط علينا ذلك "اللقاء" المجدد إذا كنا في مساحات التقينا كل زاوية فيها. في أزمة منتصف العمر المهني، وصفة تثبت نجاحها: اللقاء.
أن نكون "ذوي صلة"، وكلمة relevant بالإنجليزية قد تكون أكثر تعبيرًا، هي ربما أن نفهم أننا في عالم يفضل الأجنحة على الجذور.