لقاء مع المعلم الروحي
باولو كويلو
التقيت مايك براون في مطار فرانكفورت. وهو يعمل صحافياً بجريدة "ذا ديلي تليغراف" في لندن، وقد أُرسل لإجراء مقابلة معي، خلال توقفي بين الرحلات الجوية. انتهي بي المطاف إلى تأجيل رحلتي الجوية القادمة إلى اليوم التالي، فمايك لم يكن صحافياً عادياً؛ وقد جاب أنحاء العالم ـ"سائحاً روحياً" (عنوان الكتاب الذي نشره في إنجلترا) وكان يحمل في حقيبته حكايات وحكايات.
على سبيل المثال، قال لي مايك إنه تلقى ذات مرة، منشوراً من منظمة على صلات بالتصوف الهندي، تقول إن معلماً روحياً اسمه مهاغورو يوغي أركا، سيلقي سلسلة من المحاضرات في إنجلترا. اكتشف مايك أنه كان يقيم في منزل عائلي في شمالي لندن، وذهب لزيارته لكتابة تقرير لجريدته.
وما إن دق الجرس، حتى فتحت الباب سيدة شابة بملامح شرقية، ومن دون أن تنبس بنت شفة، قادته إلى إحدى الغرف. كان أركا يجلس هناك القرفصاء، في حالة من التأمل على ما يبدو.
لم يكن مايك يعرف ماذا يفعل، إلى أن فتح المعلم عينيه، وأشار إليه بأن يجلس أمامه.
"هل لديك سؤال تود أن تلقيه علي؟"
كانت لدى مايك أسئلة كثيرة، لكن بدا وكأنها قد تبخرت كلها من ذهنه. كان السؤال الوحيد الذي استطاع أن يفكر فيه هو:
"ما الذي يسعى إليه الناس عندما يأتون إلى معلم روحي مثلك؟"
قال أركا: "تخيل أنك جالس أمام المحيط. ماذا تريد من المحيط؟"
فكر مايك لبرهة وأجاب:
"السكينة".
أومأ أركا.
"السكينة. أنت تنتظر إلى المحيط وتفهم أنه قادر على أن يجلب لك السكينة. ولعل شخصاً آخر يطلب سمكة ليأكلها. وربما يفكر ثالث في النفط الذي يقع في قاع ذلك المحيط، ويودّ أن يعرف أين تختبئ تلك الكنوز. إن الناس يريدون أشياء مختلفة، لكن المحيط واسع ويمكن أن يؤتي كل شخص سؤله أو سؤلها".
قال مايك إنه سبق أن قابل الكثير من المعلمين الروحيين، على مدى سنوات عمره؛ فكيف بإمكانك أن تعرف أيَّهم أهلاً للثقة؟
كانت إجابة أركا: "عندما يحاول شخص فرض طريقة تفكيره على شخص آخر، فعندئذ لا يمكن أن يدعى معلماً. إن أي شخص يسألك أن تثق به ليس جديراً بثقتك. وأي شخص يعتقد بأنه يملك الحقيقة، إنما هو في طريق الأكاذيب. وأي واحد يحاول أن يحول أفكار شخص لم يفهم بعد معنى الروحانية. هل تذكر الذهاب إلى المدرسة عندما كنت طفلاً؟ هناك وجدت معلمي الإنجليزية والفيزياء والكيمياء والتاريخ. بالطريقة نفسها إلى حدّ بعيد يكون التعليم الروحاني؛ معلمون مختلفون يعلمونك أشياء مختلفة، وكلهم يلعبون دوراً في نموّك الداخلي، لكن وعيك هو وحده القادر على أن يضع كل ما تعلمته في نوع من النظام وأن يستقي منه ما يهمك".
ومضى أركا إلى القول:
"لا بدّ أن تعي أن المسار الذي خططته هو مسؤوليتك أنت تماماً. ستكون بحاجة إلى استخدام قلبك وعقلك بمقادير متساوية، وستصل إلى إدراك أن هاتين القوتين ليستا عدوين. وعندها ستصل إلى نتيجة في غاية الأهمية: كل سؤال يحمل في طياته إجابته".
كانت هذه الكلمات ذات معنى. كان أركا ينظر إلى مايك باهتمام بالغ، ومن الواضح أنه لم يكن قد انتهى من تفسيره.
"والحب. الحب هو الجسر الذي يربط ما بين الرأس والقلب، القوة الجذابة التي تبقي على الكواكب والنجوم في مداراتها. يقول العلماء عن الحب إنه "قوة الجاذبية".
نهض أركا من جلسته.
"هل لديك أي شيء آخر تودّ أن تسأله؟"
"ما الذي ينبغي علي فعله لأصل إلى الحقيقة؟"
"توقف عن البحث عنها. وانظر حولك، هنالك تكون الحقيقة".
كما يقول المثل القديم الموروث من طائفة الزن: "إذا أردت أن تأتي إليك الأشياء، فأفسح الطريق ودعها تقترب.
ترجمتها من البرتغالية مارغريت جول كوستا