باولو كويلو: عندما تتلاقى الارواح
الرجل-دبي: باولو كويلو تقع شرفة منزلي ناحية الغرب وتتمتع بميزة استقبال اشعة الشمس في فترة ما بعد الظهيرة في الايام الصافية من فصل الشتاء، وبينما كنت اؤدي بعض الاعمال المنزلية شاهدت رجلاً رث الملابس ربما لا يكون عجوزا جداً لكن الحياة والزمان حفرا آثارهما على قسمات وجهه . كان الرجل يستخدم عكازا لان احدى رجليه كانت مصابة بالعجز لكن ما اثار دهشتي انه بالرغم من هذه الحالة التي اصابته الا انه كان يحمل غيتارا كلاسيكيا قديما. جلس الرجل في مقهى في مواجهة المنزل وبدأ في الغناء، وما ان سمعت صوته بدأت اشعر بهزة تجتاحني ، لقد كان غناؤه جميلا كصوت ملائكي صاف لكنه حزين. وشيئا فشيئا ملئ الصوت المكان وتردد داخل الجدران يتخللني ويسمو بي ، ادركت تحدر بعض الدمعات من عيني ، ورأيت الناس يخرجون من شرفاتهم منجذبين الى هذا الرجل وقد اسرهم سحر الموسيقى ، حتى الاطفال توقفوا عن اللعب وقد تملكهم الذهول والسعادة مأخوذين بالصوت والموسيقى . ادركت انني كنت امر حينها بلحظة من الابدية توافقت فيها روحي مع الارواح الاخرى ، تماما كما لو ان سحراً جذبنا الى بعضنا بعضا، الى عالم اكثر جمالا ربما يكون كل شيء اصبح ذا معنى اور ربما لا ، حقيقة لا علم.. اخيرا هدأ صوت غناء وعزف هذا الرجل، واستمر الصمت الذي كان له طعم الفراغ الثقيل الوطأة ، ثم بعد ذلك صفقت الايدي بشدة ، وتصاعدت الابتسامات ، وصاح الاطفال بحماس مطالبين بأنشودة اخرى ، لكن الرجل كما لو ان لديه موسماً مزدحماً وجدولاً ممتلئا بالحفلات.. فسحب عكازه وانصرف. جريت ولم يهدأ لي بال الا عندما ادركته وانا الهث ، كان من الواضح ان هذا الرجل الكهل الذي تبين ان اسمه "الفادو" كان يعيش على بعض ما يناله من المعجبين بموسيقاه ، الامر الذي دفعني لأضع بعض المال في يده ، لكني اقسم ان ذلك لم يحدث الا عندما عانقته عناقا حارا وطلبت منه عدم التوقف عن الغناء الا اذا تعب ، انفرجت اسارير الرجل وابتسم لي . لم ارى الرجل مرة اخرى ، لكني اعتقد انه يدور في الاماكن الاخرى ينشد اغنيات تداعب الارواح ، فاذا قرات هذا المقال والتقيت يوما بهذا الرجل ، اخبره ان باولو كويلو لن ينساك ابدا.