كيف يقود المدير الناجح فريقه عن بُعد؟.. التحديات والحلول الممكنة
أظهرت نتائج بحثٍ أجرته شركة الاستشارات الدولية Robert Half، أن 60% ممن يبحثون عن وظيفة يريدونها أن تكون هجينة "Hybrid"، في حين يرغب 37% أن تكون وظائفهم عن بُعد بالكامل.
في كلتا الحالتين، وما دام العمل سيكون عن بعد، ولو بشكلٍ جزئي، فإن المديرين يجب أن يمتلكوا القدرة على إدارة فرقهم، ودعمها بشكلٍ فعال متى احتاجوا إلى ذلك، وهو الأمر الذي ساعدت عليه التكنولوجيا المتطورة بشكل كبير، إذ وفرت الكثير من الوظائف والأدوات التي تسهل من تبني هذا الاتجاه في العمل.
أفضل الممارسات لإدارة الفرق عن بُعد
حدد خبراء الإدارة عددًا من الممارسات التي تمكن المديرين من إدارة الفرق الافتراضية عن بُعد، التي تمثل نصائح وخطوات ينبغي على المدير الناجح اتباعها، ومنها:
1- ابذل مجهودًا إضافيًّا في التواصل:
التواصل المستمر والمنتظم هو القلب النابض لكل الأعمال، لا سيما التي تُدار منها عن بُعد، وهذه الأعمال تحديدًا تحتاج إلى درجة إضافية من التواصل، لذا قم بجدولة اجتماعات مستمرة ومنتظمة مع مختلف الفرق لتقييم التقدم. وعليك أيضًا أن تبذل جهدًا إضافيًا لإبقاء موظفيك على اطلاعٍ بأخبار الشركة وأقسامها، ربما عن طريق إجراء مكالمات فيديو بشكل دوري، ما سيعود على العمل بأكثر من منفعة، مثل تعزيز الروح الجماعية للفريق. كما يمكنك الإبداع في تحقيق ذلك، مثلاً يمكنك الاحتفال بعيد ميلاد أحدهم من خلال إقامة حفل مفاجئ عن بُعد، أو مكافأة موظف على عمله الإضافي، أو الإشادة والاحتفال بالذكرى السنوية لموظفٍ ثالث، وهكذا.
2- أظهر التعاطف لفريقك:
يمكن أن يندرج مفهوم التعاطف تحت بند التواصل الفعال، والمقصود بالتعاطف هنا أن تتواصل مع أفراد فريقك لتعرف كيف يشعرون؛ هل يشعرون بالوحدة؟ هل هم سعداء بالوظيفة؟ هل يواجهون أي اضطرابات صحية أو عائلية إلخ؟ كل هذه الأسئلة ستقرّبك من فريقك وتعزز من العمل، والشيء نفسه سيحدث إذا زوّدتهم بنصائح لزيادة إنتاجيتهم أو شاركتهم خبراتك ليصبحوا أكثر فاعلية؛ فهذه أشكالٌ مختلفة من التعاطف الذي ينبغي عليك اختبارها.
3- ضع أهدافًا وتوقعات واضحة:
يساعد وضع الأهداف الواضحة، باستخدام قاعدة مثل الـ"SMART Goals" أو أيًا كان، الشركات والإدارات المختلفة على النجاح، ومن المنظور الذي نتحدث عنه، ألا وهو قيادة الفرق عن بُعد بفاعلية، فالأهداف الذكية تضمن وجود مسؤوليات محددة، وتمنع سوء الفهم والتداخل في المهام، ومن الأشياء التي تتميز بها هذه الأهداف أيضًا أنها قابلة للتبع بسهولة، وذلك باستخدام أدوات الإدارة الرقمية التي تساعد على الإنتاجية مثل Asena أو Trello أو أي أداة أخرى.
4- تأكد من مناسبة الأدوات التكنولوجية:
دعنا نعترف بالأمر؛ لا يمكن لعملٍ ما أن يقوم دون التكنولوجيا، التي قد تكون خادعة، وبدلاً من تعزيز العمل تُضعف من إنتاجيته، لذا، عليك أن تسأل فريقك عما إذا كانت الأدوات التكنولوجية تساعدهم وتبقيهم متصلين بالشكل الأمثل أم لا. وبغض النظر، عليك التأكد من أن الجميع يفهم آلية عمل هذه الأنظمة، والسبب وراء استخدامها، فضلاً عن طرق إصلاح المشكلات إن وُجِدَت؛ فهذه الأمور تساعد على استغلال التقنية بشكل مثالي.
5- اهتم بالموظفين الجدد في المجال:
عادةً ما يختلط الأمر على الموظفين الجدد في مجال العمل عن بُعد، فتراهم يعتقدون أنه أسهل من العمل التقليدي، أو يمكن التكيف معه بسهولة، والحقيقة أنه ليس كذلك دائمًا. وعليه، يجب على المديرين الاهتمام بالموظفين الجدد، وإخبارهم بحقيقة العمل عن بُعد، وآليات العمل، الذي له فوائد كثيرة بالطبع، غير أنه لا يخلو من السلبيات أيضًا.
اقرأ أيضًا: الإدارة المالية للأعمال.. مفهومها وأهدافها واستراتيجيات تحقيقها
6- اعمل على تعزيز الموارد:
من الاستراتيجيات المهمة في إدارة الفرق عن بُعد تعزيز الموارد، وضمان وجودها لجميع الموظفين متى احتاجوا إليها؛ لذا عليك التأكد من وصول جميع الموظفين إلى الأساسيات، مثل جداول الإنتاج، والجداول الزمنية للمشروعات الموكلة إليهم، وأي مورد مهم آخر قد يحتاج إليه الفريق؛ قدر الإمكان بالطبع. وهنا يُنصح باستخدام أحد تطبيقات التقويم المشترك عبر الإنترنت أو الـ"Sharable Online Calendars"، حتى يتمكن كل أعضاء الفريق من استعراض أحدث المستجدات أمام الجميع، ما سيزيد من الكفاءة لا ريب.
7- ابنِ الثقة بين الفريق:
تعد الثقة من الأمور الحاسمة في إدارة الفرق عن بُعد؛ فعلى الرغم من أن التواصل المتكرر أمر ضروريّ، فإن الإفراط فيه ليس شيئًا صحيًا على الإطلاق، لأنه يُشعر الموظفين بعدم الأمان؛ لذا حاول أن تجعل الموظفين يثقون بك وببعضهم، وحاول أن تُشعرهم كما لو كانوا يعملون من مكتب الشركة، والأهم من ذلك لا تعطهم عملاً إضافيًّا دون تبرير أو حافز.
8- وفر التدريب الفعال والمستمر:
إذا كنت تعتقد أن إدارة الفرق عن بُعد بفاعلية تقتصر على مراقبة ساعات عملهم وإنتاجيتهم فقط، فأنت مُخطئ، فالإدارة الفعالة هنا تتطلب تدريبًا فعالًا ومستمرًا لتحفيز الفريق وتوسيع مداركه، خاصةً إذا كنا نتحدث عن الموظفين الجدد أو قليلي الخبرة.
استراتيجيات لتعزيز التعاون بين الفرق عن بُعد
سهلت التكنولوجيا من عملية التواصل كثيرًا، غير أن المسافات ما زالت تخلق حواجز لا يمكن تجاهلها، وهنا يأتي دور استراتيجيات التحفيز التي سنتحدث عنها لتعزيز التعاون عن بُعد بين الفرق، ومنها:
- إجراء اجتماعات بغرض التواصل:
على عكس العمل في المكاتب والاختلاط بالآخرين، سواء من فريقك أو لا، يعاني كل الأشخاص الذين يعملون عن بُعد -تقريبًا- من مشكلات كبيرة في التواصل، إذ لا يختلطون بزملائهم في أثناء إعداد القهوة مثلًا، ولا تتسنى لهم الفرصة لإجراء محادثات سريعة في المصعد، إلخ. ويتلخص الحل البسيط لهذه المشكلات في إجراء اجتماعات دورية بهدف التواصل، ما سيعزز بالتبعية من التعاون بشكل كبير، فيما ينصحك الخبراء بمحاولة إجراء مثل هذه الاجتماعات بالفيديو، حيث لا تفي المكالمات الصوتية بالغرض إطلاقًا.
- الشفافية ثم الشفافية:
كن واضحًا مع فريقك الذي يعمل عن بُعد قدر المستطاع، لأن أغلب معوقات التواصل غالبًا ما تكون بسبب عدم الوضوح؛ وأن تكون واضحًا هو شيء رائع ومهم لجميع الشركات، ولكنه شيء لا يمكن الاستغناء عنه في حالة العمل عن بُعد تحديدًا، ويمكنك أن تحل هذه المشكلة، أو جزءًا منها، بإعلام فريقك بجميع الأوقات التي ستكون متاحًا فيها، أو بتعيين مسؤولي موارد بشرية على قدرٍ كبير من الشفافية والوضوح مع الجميع.
دور التكنولوجيا في إدارة الفرق عن بُعد
للتكنولوجيا دور كبير في إدارة الفرق عن بُعد، منها:
- تستخدم كأداة للإدارة:
إلا إذا كنت تستطيع تذكر كل شيء حول المشاريع والفِرق المكلفة بها، عدا ذلك، أي إذا كنت مثل الغالبية العظمى، فإن الحل الأمثل هو استخدام أداة تقنية للإدارة مثل Trello، أو Asana، أو Slack، أو Monday.com، إلخ.
كيفية الحفاظ على التواصل الفعّال مع الفرق البعيدة
غالبًا ما تعاني الفرق التي تعمل عن بعد من مشكلات في العمل الجماعي، وهو ما يؤدي في النهاية إلى ضياع الهوية والهدف، وأحيانًا إلى ما هو أبعد من ذلك، إذا تطور الأمر. ولعلاج هذه المعضلة، يلجأ العاملون بالمكاتب إلى الأنشطة المختلفة التي لا تُشجع على العمل الجماعي فحسب، وإنما تساعد على بناء الثقة وزيادة الإبداع، وتعلم المهارات المختلفة، وغيرها من الفوائد الأخرى الكثيرة.
اقرأ أيضًا: للمديرين التنفيذيين.. نظريات مشهورة تختصر خبرات الإدارة لاعتلاء قمة النجاح
وبالمثل، يجب على المديرين أن يقيموا أنشطة متنوعة لموظفيهم العاملين عن بعد على أرض الواقع، ولا بأس من اختلاطهم مع العاملين بالمكتب لتعزيز روح الفريق ككل، ففي النهاية يعمل الجميع لصالح المؤسسة أو الشركة نفسها.
التحديات والحلول لإدارة الفرق عن بعد
نظرًا لأن العمل عن بعد أصبح شيئًا لا بد منه، يتوجب علينا أن ننظر في تحديات الإدارة عن بُعد التي يفرضها هذا النوع من العمل ونحاول حلها، وأبرز هذه التحديات:
- الانتقال المفاجئ من المكتب إلى المنزل:
قبل أن تهل علينا "موضة العمل عن بعد"، كان روتين العمل معروفًا ومن الثوابت لدى معظم الموظفين؛ إذ يستيقظ الموظف مُبكرًا في تمام السادسة مثلًا، يشرب مشروبه المفضل، يرتدي القميص والبنطلون، ثم يذهب إلى المكتب ولا يعود إلى منزله قبل الرابعة أو الخامسة مساءً، وأحيانًا أبعد من ذلك.
دخل العمل الحر على الخط فاختلف كل شيء، لا سيما مع مواعيد العمل المرنة، التي على الرغم من فوائدها الكثيرة صراحةً، فإنها تمتلك عيوبًا واضحة، وتفرض تحديات أمام أصحاب العمل عندما يتكاسل الموظف زيادةً عن اللزوم أو يسوّف المهام المطلوبة منه إلخ، وهذه مشكلة واحدة فقط من مشكلات الانتقال المفاجئ من مكتب العمل إلى غرفة العمل، والتي عادةً ما تكون غرفة النوم أيضًا!
- المشكلات الصحية:
لعله النوع الأخطر من المشكلات التي تواجه كل من يعمل عن بعد، فالجلوس لساعات طويلة يمكن أن يؤدي إلى ألمٍ مزمن بالظهر يُكلّف صاحبه كثيرًا، ناهيك بمشكلات الإبصار والصداع المستمرين، والعزلة والشعور بالوحدة والضغط والقلق والاحتراق الوظيفي، وغيرها من المشكلات التي لابد من الدراية بها قبل التفكير في العمل من المنزل.
- الموازنة بين وقت العمل والوقت الشخصي:
بالعودة مرةً أخرى إلى فكرة الساعات المرنة، سنرى أنها تخلق تحديًا كبيرًا آخر وهو الموازنة بين وقت العمل والوقت الشخصي، فالتسويف (يمكن اعتباره تحديًا منفصلًا) سيجعل ساعات عملك تطغى على وقتك الشخصي، الذي تقضيه مع العائلة أو أيًا كان، لدرجةٍ قد يهيئ لك عندها أنك لا تمتلك وقت فراغٍ أساسًا، ولحسن الحظ فإن هذا الشعور كاذب ويمكنك -غالبًا- أن تحله ببعضٍ التنظيم وترتيب الأولويات.
كانت هذه أبرز التحديات التي يفرضها العمل عن بعد، التي إذا ركزنا في كل واحدٍ منها، وما قد يندرج تحتها من تحديات فرعية، سنرى أنها تُحل بسهولة عن طريق التنظيم وترتيب الأولويات، أو بالاستثمار في معدات مريحة للعمل، أو بالتأقلم مع الوضع الجديد واستخدام بعض الحيل والنصائح ممن لديهم باع طويل في العمل عن بُعد، وكل هذه الأشياء يعرفها المدير الجيد ويستطيع أن يوظفها على أكمل وجه.