"الموظف النرجسي".. كيف تتعامل معه دون إخلال بسير العمل؟
موظّف يرى نفسه متفوّقًا على الآخرين -وإن لم يكُن كذلك حقيقة- يُقلِّل من شأن غيره ويُضخِّم إنجازاته، سعيًا للحصول على إعجاب وإشادة الآخرين، كما لا يقبل أي نقدٍ لأخطائه مطلقًا، وهو بمثل تلك السلوكيات يكون وبالًا على فريق العمل، مُدمّرًا لعمل المنظمة أو المؤسسة، فكيف تتعامل مع الموظف النرجسي دون إخلال بسير العمل؟
ما أبرز علامات الموظف النرجسي؟
للنرجسي سمات تُميِّزه عن غيره، ولن تعرف ما إذا كان الموظّف لديك نرجسيًا أم لا دون أن تكون واعيًا بصفاته أولًا، ومنها:
1. أهمية الذات المفرطة لديه
إحدى السمات المميزة للشخص النرجسي هي شعوره المفرط بأهمية ذاته، وفي مكان العمل، يظهر ذلك من خلال تصوّره الذاتي لقدراته ومساهماته، بما يتجاوز الواقع على الحقيقة، إذ يعتقد النرجسي أنّه تمتّع بصفات فريدة، تجعل منه أساساً لمكان العمل، أو يظنّ أنّه متفوق على زملائه، وهذه النظرة الذاتية المشوّهة لها أثرها على العمل بلا شك.
ومن أمثلة السلوكيات الدالّة على تلك الصفة:
- احتكار الاجتماعات، بأن يقاطع الآخرين في كثير من الأحيان، أو يُوجِّه المناقشات إلى إنجازاته أو أفكاره حتى لو لم يكُن لها صلة بالموضوع المطروح.
- التقليل من مساهمات الآخرين أو إنجازاتهم.
- الرغبة في أن يكون مركز الاهتمام باستمرار من خلال إيجاد طرق لتسليط الضوء على دوره في المشاريع الناجحة، حتى إذا كانت مساهمته ضئيلة.
- مقاومة الجهود التعاونية، إمّا إيمانًا بخبرته التي لا مثيل لها، وإما لأنّه يخشى أن يُخفِّف ذلك من تألقه في بيئة العمل مقارنةً بالآخرين.
- استخدام مصطلحات مُعقّدة لعرض خبرته.
- اتخاذ قرارات دون استشارة أقرانهم أو رؤسائهم، معتقدًا أنّه لا يخطئ.
2. الحاجة المستمرة إلى إعجاب الآخرين
يسعى النرجسي باستمرار في بيئة العمل إلى الحصول على إعجاب الآخرين؛ إذ تعتمد قيمته الذاتية -حسب منظوره وإن لم يعِ ذلك- على الاعتراف الخارجي، بدلًا من الاعتقاد الذاتي له عن نفسه، ويتضح ذلك في الأمثلة الآتية:
- المبالغة في رد الفعل على التعليقات الإيجابية، بهدف إثارة المزيد من الإعجاب، أو قد يتصرّف بشكلٍ مفرط في التواضع.
- عرض الإنجازات، سواء كانت جوائز أو شهادات، فقد يعرض ذلك في مكان العمل، أو يشير إلى ذلك كثيرًا في محادثاته مع الآخرين.
- تضخيم المساهمات والأدوار التي يحصل عليها في مشروع أو قرار، للتأكّيد على الاعتراف بجهوده وإشادة الآخرين بها، حتى إذا كان ذلك بمبالغة في عرض الحقائق.
3. غياب التعاطف
غالبًا ما يُلاحَظ افتقار النرجسيين إلى التعاطف مع غيرهم، فقد يشعر زملاؤهم بأنّهم أقل من قيمتهم الحقيقية أو يُساء فهمهم، أو يشعرون بالعزلة، وهذا بالتأكيد قد يدمر تعاون الفريق ويضرّ تماسكه، وهذا السلوك يتضح في:
- رفض أو التقليل من شأن حالات الطوارئ الشخصية لزملائه مع التأكيد على التزامات العمل باعتبارها ذات أهمية قصوى.
- الإدلاء بملاحظات طائشة حول موضوعات حسّاسة، مثل مظهر شخص ما أو خلفيته دون التفكير في التأثير النفسي والعاطفي لتعليقاته على غيره.
- التغاضي عن إشارات الآخرين العاطفية، فعندما يبدو زميله منزعجًا بوضوح، فقد لا يلاحظ ذلك، وإذا لاحظه، لا يُظهِر أي قلق ولا يعترف بأنّه فعل شيئًا.
- الهيمنة في المحادثات وتوجيهها باستمرار نحو نفسه، ما يُظهِر قليلًا من الاهتمام بوجهات نظر الآخرين.
- التهيّج الواضح أو قلة الصبر من تعلّم أحد أعضاء الفريق مهمة جديدة أو حتى مكافحة ذلك بدلًا من تقديم الدعم.
اقرأ أيضًا: كيف يمكنك التعامل مع الموظف الذي لا يلبي التوقعات؟
4. الغيرة والحسد
الحسد عاطفة معقدة متجذرة في الرغبة فيما يمتلكه أو حقّقه شخصٌ آخر، وقد يؤدي إلى سلوكيات سيئة تضر فريق العمل، وقد يتضح النرجسي فيما يلي:
- التقليل من أهمية إنجازات الآخرين بدلًا من الاعتراف بنجاح زملائه مثلًا، فقد يُقلِّل من شأن ذلك أو ينسبه إلى الحظ أو العوامل الخارجية.
- نشر القيل والقال والشائعات، بما يلقي بظلال الشك على شرعية إنجازات أو مؤهلات الزميل.
- قد يحتفظ بمعلومات أو فرص قيّمة لنفسه، خوفًا من تفوق الآخرين، بما يمنعهم من الوصول إلى الموارد التي قد تعزز أداءهم.
- التعبير العلني عن الاستياء عندما يتلقّى الزملاء ثناءً أو ترقيات أو فرصاً جديدة، حتى لو كانت مُستحقة.
5. صفات أخرى
قد تبرز صفات أخرى أيضًا للموظف النرجسي تضرّ فريق العمل، مثل:
- الشعور بالاستحقاق: فقد يتوقع معاملة خاصة أو امتيازات لا تُمنَح للآخرين، أو يطلب استجابة الآخرين له على الفور بغض النظر عن انشغالهم.
- التلاعب لخدمة مصالحه الخاصة: وأحيانًا على حساب الزملاء أو الأهداف التنظيمية للعمل، ومن ذلك حجب المعلومات بشكلٍ انتقائي عن الآخرين الذين قد يعتمدون عليها، أو تحويل اللوم على الآخرين عند مواجهة أخطاء أو إخفاقات، وغالبًا ما يختلقون روايات مُفصّلة لتجنّب تحمّل المسؤولية.
- عدم القدرة على التعامل مع النقد: يعتبر النرجسي أي نقدٍ هجومًا مباشرًا عليه، بدلًا من كونه فرصة للتحسّن والنمو، بما قد يصل إلى تشويه سُمعة من ينتقده، أو المبالغة في رد الفعل على الانتقاد.
كيف تتعامل مع الموظف النرجسي؟
يتطلّب التعامل مع الموظف النرجسي ذكاءً وحنكة في تقدير الأمور، ومِمّا يساعد على ذلك:
1. استخدام أهداف النرجسي التي تحرّكها "الأنا" لصالحك
لا يهتم النرجسيون بالتعاون والاتصال المفتوح، ومع ذلك فإنّ افتقار مؤسستك إلى التعاون قد يُكلِّفها الكثير، ولزيادة التعاون من النرجسي للحفاظ على سير العمل، استهدف دوافعه الداخلية بسؤال نفسك:
- كيف سيعزز التعاون معك صورته في عينه؟
- كيف سيجلب التعاون له مزيدًا من الاهتمام؟
- كيف سيجعله التعاون يشعر بالاحترام؟
- كيف سيجعله التعاون يشعر بأنّه قد فاز؟
وبالتأكيد ستعثر على صفةٍ فيه، يمكنك توجيهها لصالح العمل، بدلًا من ضرره المستمر بالعمل.
2. معرفة متى وكيف تضع حدودًا
اعتاد النرجسي الحصول على ما يريد، غالبًا عبر التلاعب بالآخرين، ومع ذلك إذا تركته ينتهك حدودًا من قبل، فمن المُرجّح أن تكون انتهاكاته المستقبلية أكبر وأكثر.
وعندما ينتهك النرجسي حدود العمل أو يكون مثيرًا للجدل، فينبغي إعلامه بأنّ ذلك يقلل من احترام العمل، وأنّ سلوكه يتعارض مع قدرتك على مساعدته في تحقيق أهدافه.
اقرأ أيضًا: لماذا تتجه الشركات للتعامل مع الموظفين المستقلين؟
3. التركيز على القِيم
وجدت مراجعة لثلاث دراسات أنّ النرجسيين أكثر استعدادًا للكذب والغش والسرقة أكثر من غيرهم، وحذّر مؤلفو الدراسة من أنّه عندما يكون القائد على استعداد للكذب أو الغش سعيًا وراء مصالحه الخاصة، فهذا قد يثبط الآخرين ويضع المنظمة في خطر، ويشجّع غيره على الانخراط في سلوكٍ مماثل، لذا ينبغي التركيز على تعزيز القِيم والسلوك الجيد في العمل، وأن تكون قدوة للموظفين قبل أي شيء.
4. تجنّب فخاخ النرجسي
وذلك مثل:
- التحقق من صحة النقاط القوية في كلامه بدلًا من مجادلته، والمضي قدمًا.
- لا تجعل نفسك في موقف المحتاج إلى الدفاع عن أسلوبك، بل اجعل تعليقاتك قصيرة ولطيفة، فأكثر النرجسيين يفضِّلون سماع أنفسهم على أي حال.
- لا تحاول حمله على قبول المسؤولية، بل أشِر إلى العواقب السلبية المحتملة لتصرفات النرجسي.
- لا تأخذ ما يقوله على محمل شخصي، فهو هكذا مع الجميع.