احترس أيها القائد.. أسباب تجعل الموظفين يكرهونك!
"الموظفون يتركون المديرين، وليس الشركات!" قول مأثور يردده الخبراء، بينما تدعمه بعض الأبحاث والإحصاءات، إذ يجد العديد من الموظفين أنفسهم مضطرين لاتخاذ مثل هذا الموقف في مرحلة ما من عملهم، وبينما تجذبهم الشركة الجيدة والمشاريع الممتعة وزملاء العمل الرائعون، يصطدمون برؤساء عمل يجعلونهم يشتاقون لموعد انتهاء الدوام، إذ ينتظرونه بفارغ الصبر للابتعاد عن مديرٍ يكرهونه، فما هي أسباب هذه الكراهية؟ وهل من وسيلة لإصلاح الأمر أو حتى تجاوزه؟ هذا ما سنحاول معرفته بينما نبحث عن الإجابة.
أسباب الجفاء
عندما أجرت مؤسسة "غالوب" قبل سنوات بحثها حول ما الذي ينتظره الموظفون من مديريهم، اندهش البعض من النتائج الصادمة التي أعلنتها، بعد دراسة على أكثر من 7000 موظف أمريكي، إذ قرر 50% من هؤلاء ترك وظائفهم للابتعاد عن مديريهم، من أجل تحسين حياتهم بشكل عام، بينما شكا معظم المشاركين من قصور المديرين، خاصةً عندما يتعلق الأمر بتطوير نقاط القوة لدى موظفيهم، أو تقديم تعليقات متسقة، أو وضع أهداف أداء واضحة.
وهي الصورة التي أكملها مسح أجرته شركة "Signs.com" لأكثر من 800 موظف، وبينما استفاض هؤلاء في شكوى التمييز والمفاضلة، اعتبر 82% منهم الرؤساء الذين وجهوا تهديدات غير رسمية بطرد الموظفين "سيئين"، بينما كانت إدارة الوقت مجالاً آخر لمشكلات المديرين مع موظفيهم، والتي تمثلت في تجاوز أوقات الاجتماعات المحددة، أو تأخيرها، أو حتى إلغاؤها في غضون مهلة قصيرة، ربما لأن مثل هذه العادات تشير إلى أن وقت الموظف لا يحظى بالأهمية الكافية على سلم أولويات المدير.
حتى جاءت الدراسة البريطانية الحديثة التي أجراها معهد تشارترد للإدارة "CMI" بالشراكة مع "YouGov"، والتي استخدمت أدوات البحث والاستطلاع على عينة مكونة من 4500 موظف، فكشفت حجم المشكلة التي تمثلت في أن واحدًا من كل ثلاثة أشخاص، مديرين وعاملين، ترك وظيفته بالفعل بسبب ثقافة العمل السلبية.
بينما كانت نصف العينة تنتظر التوقيت المناسب لترك العمل للأسباب نفسها، فيما وصف هؤلاء رؤساءهم بأنهم غير فعّالين، ومن ثم أثبتت الدراسة التأثير العميق للمديرين على الموظفين، بما في ذلك احتمالية دفع الموظفين لترك وظائفهم، أو تحفيزهم على بذل المزيد في دورهم الحالي.
وعلى الرغم من أن كل المشاركين -سواء كانوا موظفين أو مديرين- اعتبروا أن المرونة في مكان العمل أكثر أهمية من الأجر، اكتشفت الدراسة حجم التناقض بين إجابات المديرين ومعتقداتهم الخاصة، إذ وجدت أن واحدًا من كل ثلاثة مديرين هنا يعتقد أن الأشخاص الذين يقضون وقتًا أطول في المكتب هم الأكثر عُرضة للحصول على ترقية، وهو بالتأكيد أحد أسباب الجفاء بين الطرفين!
إحدى النتائج الرئيسة التي توصلت إليها الدراسة أيضًا هي انتشار المديرين الذين يتم ترقيتهم إلى مناصب إدارية لمجرد أنهم يتمتعون بالشعبية، أو جيدون في وظائفهم، أو لأنهم متاحون لتولي المسؤولية، ما يعنى أنهم لم يتلقوا عمليًا أي تدريب مناسب على الإدارة والقيادة، ومن ثم فإنهم مديرون عرضيون تولوا المنصب بالمصادفة، ووفقًا للبحث فإن نصف زملائهم الذين شملهم الاستطلاع يعتقدون أن هؤلاء فازوا بالترقيات بناءً على العلاقات الداخلية وما دون في الملف الشخصي، بدلاً من دراسة قدرتهم وأدائهم الحقيقي، وهو الأمر الذي ينضم كما يبدو إلى قائمة أسباب كراهية الموظفين لمثل هؤلاء المديرين!
بينما تمتلئ تلك القائمة بأسباب مختلفة لتحقق تلك الكراهية، وبينها كل ما يمكن توقعه من المدير السيئ، في طريقة التعامل، أو أسلوب القيادة، وفقد الكياسة، والعقلانية، وغياب الانسجام مع التوقعات، والأنانية، والغباء، والتلاعب، وغيرها من الصفات التي ينعت بها الموظفون مديريهم.
إلا أن لبعض خبراء الإدارة وجهة نظر على النقيض من ذلك، إذ يعتقدون أنه حتى إذا توافر المدير الجيد والموظفون الجيدون، فإن الموظفين سوف يكرهون مديرهم هذا إذا قادهم بشكل دقيق وطبق عليهم اللوائح الجامدة. وحسب هؤلاء، يتم التمييز بين المدير الجيد والسيئ هنا من خلال الطريقة التي يُشعر بها المدير الموظفين، كما يقوم الموظفون أيضًا بتقييم رئيسهم بناءً على مساهمته في العمل، وقدرته على إنجاز وظائفهم بنجاح.
مؤشرات تدل على كراهية الموظفين لرؤسائهم
لعل من المثير حقًا وضع خبراء الإدارة لبعض المؤشرات التي قد تدل على أن موظفيك يكرهونك، وهي عبارة عن أسئلة عليك إجابتها بنفسك للاستدلال على كيف يراك هؤلاء الموظفون من منظورهم كمرؤوسين، ومنها:
- هل أنت كفء؟
- هل تزودهم بالقيادة والإرشاد الذي يحتاجون إليه لتحقيق النجاح؟
- هل تقود وتدير بطريقة تجعل موظفيك يتأكدون من أنك تعرف كل ما يجري في المنظمة؟
- هل تتعامل معهم بشفافية؟
- هل تعاملهم بطريقة محترمة أم أنك تؤذي مشاعرهم وتهز ثقتهم بأنفسهم وتقلل من شأن أفكارهم، وتتجاهل مداخلاتهم ومطالبهم، وتنتقدهم بشكل غير عادل؟
- هل تجعل من نفسك مركز العمل؟
- هل تقوم بصياغة توقعات للموظفين بناءً على ما إذا كانت نتائجهم ستجعلك تبدو جيدًا أم سيئًا أمام الآخرين؟
- هل تفكر في مشاعرهم أو تأثير قراراتك على عملهم؟
- هل تلعب بموظف ضد آخر أو تبالغ في الإطراء على بعضهم دون وجه حق؟
- هل تتواصل مع الموظفين بشكل فعّال؟
- هل تفهم ما يكفي عن عملهم لتوجيههم خلال التحديات التي يواجهونها؟
- هل تهتم بمعرفة ولو قدرًا ضئيلًا عن حياة موظفيك وكيف يعيشون؟
- هل تحاول إبداء قدر من المرونة والتفهم بما يضمن عدم خسارة موظفيك الأكثر مهارة؟
- هل تمنح الموظفين التقدير المادي والمعنوي المناسب؟
- هل تنسب لهم الفضل عندما تنجح أفكارهم أم تتغافل لأهداف خاصة؟
- هل تحمي موظفيك وتدعمهم في المواقف الحرجة أم تتركهم ليواجهوا النقد منفردين؟
- هل تسعى لينالوا ما يستحقون من مكافأة أم تتنمر عليهم وتهددهم؟
- هل تعتمد في تقييماتك إلى المسميات الوظيفية فقط أم إلى الأداء العام؟
اقرأ أيضًا: 4 استراتيجيات تكنولوجية لتبسيط إدارة كشوف الرواتب وتحسين رضا الموظفين
بإجابتك عن هذه الأسئلة ستعلم بالتأكيد حقيقة وضعك، وأين أنت من مخيلة وعقل موظفيك، ومن ثم عليك تدريب نفسك على تغيير السلوكيات غير المقبولة حتى لا يكرهوك!
صفات القائد الناجح والمثالي
بعد أن عرفت بالضبط أين أنت من موظفيك، عليك أن تتخذ زمام المبادرة لتكون جديرًا بالقيادة، وهنا يجب أن تدرك أيها القائد أن المدير الناجح لا يولد بقدرات استثنائية، بل يطور من نفسه بشكل دائم، بينما يصقل مهاراته ويستثمر فيها، كأدوات لا غنى عنها لتحقيق النجاح لك ولمؤسستك، ومن ثم يجب أن تحظى بصفات القائد المثالي، ومنها:
- أن تتحمل المسؤولية وتتحلى بالحكمة.
- أن تملك القدرة على تقييم المهارات واختيار الموظفين بما يتناسب مع الوظائف والمهام.
- أن تجيد التواصل والاستماع لفريقك، مع مراقبة سلوك كل منهم.
- أن تدرك أهمية التعاطف في بيئة العمل، وما يوفره من ظروف مثالية للإنتاج.
- أن تمتلك الطموح للتطور والنمو والتربع على القمة بتحقيق أفضل النتائج دائمًا.
- أن تتمتع بالجرأة والمبادرة في مواجهة التحديات، بينما تنقل هذه الروح إلى فريقك.
- أن تنظر إلى التحديات كخطوات ضرورية يجب المرور بها لتحقيق أهدافك.
- ألا تخشى المجازفة أو تحدى المخاطر.
- أن تفكر بإبداع يغلفه الطموح والأمل في المستقبل.
- أن تهتم بالفريق وتؤمن بالعمل الجماعي لتحقيق النجاح.
- أن تعمل على إعداد موظفيك ليتقلدوا مناصب القيادة عندما يحين الوقت المناسب.
أما إذا لم تكن كل ما سبق، وكنت على النقيض من صفات القيادة الحكيمة، فعليك أن تنتبه أيها القائد، لأن حاسة موظفيك حقًا عالية الاستقبال، ما يعني أنها ستكتشفك بالتأكيد، ومن ثم فإنك ستكون في الواقع قائدًا ولكنه لا يقود، وهنا سيكرهونك شئت أم أبيت، ولكنك ستكون قد علمت بأسباب تلك الكراهية، التي يبدو أنه لا مجال لإصلاحها أو حتى تجاوزها!