توترك بالنهار قد ينقلب عليك ليلًا: ما هي أحلام التوتر؟
لا بد أنك مررت بأحلام مُزعجة كثيرًا، مثل أن تكون محاصرًا أو يُطارِدك شيء ما، أو غير ذلك من الأمور التي تُوقِظك من عمق نومك قلقًا مضطربًا. وهي ليست الكوابيس المُخيفة، لكن أحلام التوتر تحدث غالبًا مع توترك خلال اليوم أو التركيز على شيءٍ بعينه سبّب لك القلق؛ أي إنها قد تكون انعكاسًا لحياتك اليومية. فما أسباب تلك الأحلام تفصيلًا وكيف يمكن تجنّبها للتمتع بنومٍ هادئٍ خالٍ من الأحلام المزعجة؟
ما هي أحلام التوتر؟
هي أحلام مُكثّفة ومزعجة في كثيرٍ من الأحيان بسبب التوتر؛ إذ تحدث هذه الأحلام مع استمرار التركيز على مخاوفك خلال النهار، وتحديدًا خلال مرحلة نوم حركة العين السريعة، وهي المرحلة التي يظنُّ الباحثون أنّ أغلب الأحلام تحدث خلالها، حسب موقع "Psychcentral".
لكن أحلام التوتر قد تختلف من إنسانٍ لآخر، لكن ثمّة أمثلة شائعة لها نحو:
- سقوط الأسنان: حسب دراسةٍ عام 2018 في "Frontiers in Psychology"، فإنَّ الحلم بسقوط الأسنان هو أكثر الأحلام شيوعًا مع التوتر النفسي، وغالبًا ما يحدث لدى الأشخاص الذين يجزّون على أسنانهم خلال الليل، وهذه أيضًا علامة للتوتر، الذي قد يكون بسبب حدثٍ في حياة المرء، مثل الوفاة أو فقدان وظيفة أو انفكاك علاقة أو غير ذلك.
- أن تُطارَد: أيضًا من أحلام التوتر الشائعة أن تكون مُطارَدًا أو الشعور بأنّك مُحاصَر أو قلق بأنّك لا يمكنك الهروب.
- الغياب عن حدث مهم: أحد أحلام التوتر الشائعة أيضًا، ويمكن أن يُمثِّل خوفًا حقيقيًّا من فقدان أو تفويت شيء فما في حياتك الواقعية، مثل الامتحان واليوم الأول من العمل، وما إلى ذلك.
كذلك من أحلام التوتر الشائعة العودة إلى المدرسة، أو السقوط، أو الغرق، أو الأعاصير.
وقالت الدكتورة سينثيا بريجز، استشاري الصحة العقلية السريرية المُرخّصة من ولاية ماريلاند: "تحدث أحلام التوتر للجميع، ورغم أنّها قد تكون مزعجة، لكنّها ليست شيئًا غير عادي".
هل هناك فرق بين أحلام التوتر والكوابيس؟
قد تشعر بأنّ أحلام التوتر مشابهة للكوابيس كثيرًا، لكن الحقيقة أنّ أحلام التوتر ليست كوابيس.
نعم، قد تُوقِظك أحلام التوتر وتنتزعك من نومك - مثل الكوابيس - قلقًا أو متوترًا، ربما لأنك كُنت مُطارَدًا في الحلم أو تُحاوِل إيقاف سيارة تعطّلت مكابحها، أو أيًا كان ذلك الحلم.
ومع ذلك، فإنّ أحلام التوتر ستُوقِظك بعد أن تزداد مستويات التوتر لديك، وغالبًا ما تشعر بأنّك على وشك الهلاك أو القلق من أنّ شيئًا سيئًا على وشك الحدوث.
من ناحية أخرى، فإنَّ الكوابيس عادةً ما تحتوي على تهديد أو شيء مخيف في الحلم نفسه، والكوابيس شائعة بعد تعرّض المرء لصدمة ما، مثل أن يكون يُعاني اضطراب ما بعد الصدمة.
أما أحلام التوتر فهي أكثر شيوعًا خلال أوقات التوتر أو القلق التي تعصف بحياة المرء.
سمات أحلام التوتر
تشمل أبرز علامات وسمات أحلام التوتر:
- النوم قلقًا.
- الاستيقاظ وأنت تشعر بالقلق.
- معاينة أحلام مزعجة تُركِّز على سبب توترك.
- رؤية أحلام تُركِّز على موضوعات أخرى لكنّها لا تزال مزعجة لك أيضًا.
وغالبًا ما تُركِّز أحلام التوتر على الأمور التي سبَّبت لك توترًا أو قلقًا خلال يومك، فمثلًا لو كُنت قلقًا بشأن مشروعٍ في عملك، فرُبّما يأتيك حلم ليلًا مضمونه أنّك نسيت إتمام عملك أو ارتكبت فيه خطأً فادحًا.
أسباب أحلام التوتر
التوتر هو السبب الواضح لتلك الأحلام المزعجة، لكن ثمّة العديد من العوامل التي قد تُسهِم في حدوث أحلام التوتر بينما تنام ليلتك المُعتادة، مثل:
1. المرور بأحداث عصيبة
التعامل مع أحداثٍ أو ضغوطات عصيبة في حياتك هو مصدر أحلام التوتر الأكثر شيوعًا، فعندما تذهب إلى النوم قلقًا بشأن عملك أو علاقتك أو صحتك، فقد تشقُّ تلك المخاوف طريقها إلى أحلامك أيضًا.
وقد وجدت دراسةٌ أنّه خلال الإغلاق الحادث مع جائحة كوفيد-19، أفاد بعض الناس أنّهم ينامون أكثر، ومع ذلك فإنّ نومهم كان مُتدني الجودة، بسبب الاستيقاظ المتكرر والأحلام السيئة والكوابيس.
2. تفاعلية النوم
هي مَيل الشخص أو قابليته إلى أن ينقطع نومه بسبب التوتر، ويتحدّد ذلك تبعًا للعوامل الوراثية والضغوطات البيئية وغيرها، لكن كون المرء أكثر تفاعلًا - من هذا الجانب - يزيد خطر الإصابة باضطرابات النوم.
وقد وجد الباحثون أنّ ما تُفكّر فيه قبل نومك هو ما يُهيمن على أحلامك، فالأفكار المُقلِقة بالنسبة لك ترفع مستويات يقظتك، ما يُؤدّي إلى تجزئة نوم حركة العين السريعة، وربّما يُفضِي إلى حالة من فرط اليقظة المزمن.
ونتيجة ارتفاع تفاعلية النوم تلك هي تدهور النوم وصعوبة القدرة على التأقلم مع التوتر، ما قد يُؤدِّي إلى زيادة أحلام التوتر.
3. اضطرابات القلق
قد يزيد اضطراب القلق فرص المعاناة من أحلام التوتر، وقد وجدت دراسةٌ نُشرت عام 2014 في مجلة طب النوم السلوكي "Behavioral Sleep Medicine" أنّ الأشخاص الذين يُعانون اضطراب القلق العام تميل أحلامهم إلى أن تكون سيئة مُقارنةً بغيرهم.
وهذه الأحلام تزيد قلقهم خلال اليوم، ما يعني الدخول في حلقة مفرغة، قد تزيد القلق أكثر مِمّا هو عليه، وتخفض جودة النوم أكثر.
4. التأهيل المعرفي
ليست أحلام التوتر سيئة دائمًا، فربما يساعدك قدر معين من التوتر في تجهيزك للتعامل مع مهمة ما وبذل أفضل ما لديك تجاهها، فقد وجدت دراسةٌ عام 2017 في "Frontiers in Psychology" أنَّ الحلم بأحداثٍ عصيبة يُساعد على إعدادك عقليًّا للتعامل مع المهمات.
فمثلًا لو كُنت تحلم بامتحان مهم، فهذا قد يساعدك على أداءٍ أفضل في الاختبار الفعلي، فقد خلص الباحثون إلى أن هذه المحاكاة العرَضية تُوفّر مكاسب معرفية، تُفِيدك عند المرور بالحدث نفسه في الحياة الواقعية.
اقرأ أيضًا:هل نحلم كل ليلة؟ ولماذا ننسى ما نراه فور الاستيقاظ؟
كيف تتجنّب أحلام التوتر مستقبلًا؟
بالتأكيد لا يمكن التخلّص من كل مُسبِّبات التوتر في حياتك، لكن يمكنك اتخاذ بعض التدابير لتخفيف توترك، وربّما يساعدك ذلك في النوم ليلًا دون أحلام توترٍ، وذلك من خلال:
1. عادات نوم صحية
تأكّد من أنّ بيئة نومك مريحة وخالية مِمّا قد يُحفّز التوتر، وهذا يتضمّن النوم في غرفة هادئة مظلمة، والنوم والاستيقاظ في الوقت نفسه كل يوم، مع تجنّب الشاشات الإلكترونية، مثل الهاتف الذكي قبل النوم بساعةٍ على الأقل، والمواظبة على ذلك.
2. جدولة وقت القلق
ينبغي تخصيص فترة زمنية مُحدّدة ومحدودة للقلق، وذلك لتقليل فترة معاناتك من القلق بشأن شيءٍ ما، وللتمكّن من التفكير في حل المشكلة. وهذه الاستراتيجية، رغم أنّها قد تبدو غير منطقية، لكنّها قد تساعد في تقليل الوقت الذي تقضيه قلقًا كل يوم.
والأهم جدولة وقت القلق بأن يكون باكرًا في اليوم لا مع اقتراب موعد النوم، كي لا يُؤثِّر سلبًا في نومك أو يُحفِّز أحلام التوتر.
3. تقنيات الاسترخاء
قد تُعِينك تقنيات الاسترخاء على تخفيف التوتر واسترخاء جسمك وذهنك، مثل:
- التنفّس العميق.
- ممارسة التمارين الرياضية.
- الحصول على دعمٍ اجتماعي.
- القراءة.
- التأمّل.
- تقليل تناول الكافيين (القهوة وغيرها).