العلاقة الخفية بين التوتر والسرطان.. العلم يكشف أسرارًا جديدة
لطالما حيّرت العلاقة بين الحالة النفسية والسرطان العلماء منذ قرون. ووفقًا لما توصلت إليه دراسات علمية حديثة، فإن التوتر المزمن يمكن أن يسهم في تسريع نمو الخلايا السرطانية، بل وتسهيل انتشارها في الجسم من خلال تغييرات بيوكيميائية تؤثر على الجهاز المناعي والهرموني لدى الإنسان.
التوتر يغيّر البيئة الحيوية للورم
تشير الباحثة جوليان بوار من جامعة كاليفورنيا إلى أن العوامل النفسية لا تؤثر فقط على المشاعر والسلوك، بل تتجاوز ذلك إلى التأثير في البيئة البيولوجية المحيطة بالأورام. فالإشارات الكيميائية الناتجة عن التوتر، مثل ارتفاع هرمونات الكورتيزول والنوربينفرين، تؤدي إلى إضعاف الخلايا المناعية وزيادة الالتهابات التي تسرّع نمو الأورام.
دراسات على الفئران تكشف روابط دقيقة
أظهرت دراسة بقيادة العالمة إريكا سلون من جامعة موناش بأستراليا أن فئران التجارب التي عاشت في بيئة متوترة، ظهرت لديها زيادة في الروابط بين اورام الثدي والجهاز اللمفاوي، ما يجعل الأورام أكثر قدرة على الانتشار. كما لوحظ أن استخدام الأدوية تخفف التوتر وتُستخدم في علاج ارتفاع ضغط الدم، ساهم في تقليل نشاط الأورام بشكل واضح.
اقرأ أيضًا: دراسة: نظام غذائي صحي للأمعاء قد يبطئ تطور سرطان البروستاتا بنسبة 42%
التوتر يثبّط المناعة ويغذّي الأورام
الباحثة سوزان لتوجندورف من جامعة أيوا الأميركية أوضحت أن التوتر والاكتئاب يضعفان قدرة الجسم على مقاومة السرطان، خصوصًا لدى مريضات سرطان المبيض. وتُظهر أبحاثها أن غياب الدعم النفسي والاجتماعي يؤدي إلى زيادة نمو الأوعية الدموية التي تغذّي الورم، مما يسهل انتشاره. ومن المدهش أن استخدام حاصرات بيتا كان له دور فعّال في كبح هذا النمو، ليس فقط في سرطان المبيض بل في سرطانات أخرى مثل الدم والبروستاتا.
حاصرات التوتر تدعم العلاج المناعي
توصلت الطبيبة إليزابيث راباسكي إلى أن أدوية حاصرات بيتا يمكن أن تُحسّن من استجابة الجسم للعلاج المناعي ضد السرطان، إذ تُظهر الخلايا السرطانية المستأصلة من مرضى تلقوا هذه الأدوية مؤشرات أقل على انتشار الورم وعددًا أعلى من الخلايا المناعية المقاومة للسرطان.
اقرأ أيضًا: دراسة تحذر: الساعات الذكية قد تسبب السرطان
خلاصة علمية.. لا يمكن تجاهل أثر التوتر
رغم أن الأطباء لا يجزمون بأن التوتر يؤدي مباشرة للإصابة بالسرطان، إلا أن تراكم الأدلة الحديثة يشير إلى أنه عامل خطير في تطور المرض وانتشاره. وتوصي المتخصصة باتريشيا مورينو من جامعة ميامي بدمج العلاج النفسي ضمن الخطط العلاجية لمرضى السرطان، معتبرة أن التوتر لا يقل خطورة عن المرض ذاته.