"الجمال النائم".. هل كثرة نومك سببها متلازمة كلاين ليفين؟

لطالما احتاجت أجسامنا إلى النوم، فالنوم مُجدِّد لطاقتها، مُشعِل لنشاطها، مُقوِّم لوظائفها. والطبيعي أن تنام كل ليلة 7 - 9 ساعات. فإن زادت عدد ساعات نومك أو قلّت عن ذلك، ستحرم جسمك من فوائد النوم. لكن بعض الناس يميلون إلى النوم كثيرًا، ليس أكثر من 9 ساعات، بل بما قد يصل إلى 20 ساعة يوميًا في حالة نادرة تُعرَف بمتلازمة كلاين ليفين. فما أسباب تلك المتلازمة؟ وكيف يمكن علاجها؟

ما هي متلازمة كلاين ليفين؟

هي حالة نادرة للغاية تُسبِّب نوبات متقطعة من النوم، إذ ينام المرء لفترات طويلة تصل إلى 16 - 20 ساعة يوميًا، ويعجز عن البقاء مستيقظًا خلال النهار. تُعرف المتلازمة أيضًا بـ"متلازمة الجمال النائم" أو "متلازمة السبات العائلي".

ورغم أنّ المتلازمة قد تزول تلقائيًا، إلا أن هذه النوبات يمكن أن تتكرر على مدار السنوات. كما قد يُعانِي المُصاب بتلك المتلازمة آثارًا طويلة الأمد في نومه وقدراته الإدراكية.

أعراض متلازمة كلاين ليفين

تظهر متلازمة كلاين ليفين فجأة دون سابق إنذار، وقد تكون في بدايتها شبيهة بالأنفلونزا، لكن عرَضَها الأساسي هو فرط النوم لما قد يتجاوز 18 ساعة في اليوم، وهذا ليس العرَض الوحيد، بل قد يتأثّر سلوكك وإدراكك بفعل تلك المتلازمة، ما يُؤدِّي إلى أعراض أخرى:

1. زيادة الشهية

زيادة الشهية والرغبة تجاه الطعام من الأعراض الشائعة لمتلازمة كلاين-ليفين. إذا كنت مُصابًا بهذه المتلازمة، فقد تأكل أي طعام يُقدّم لك، كما قد تكون شهيتك أعلى للأطعمة الحلوة بشكل خاص.

في المعتاد، يتناول الشخص ثلاث وجبات رئيسة خلال اليوم، لكن مع متلازمة الجمال النائم، قد تتناول ما يصل إلى 6 - 8 وجبات في اليوم الواحد.

2. الانفصال عن الواقع

خلال نوبات متلازمة كلاين لايفين، قد تُعانِي غربة عن الواقع "حالة ذهنية تشعر معها بانفصالك عن محيطك، فيبدو كل شيء حولك غير واقعي، ومع ذلك فأنت مُدرِك أنّ هذا ليس الوضع الطبيعي".

اقرأ أيضًا:متلازمة ستوكهولم.. عندما تعشق الضحية جلّادها!

3. الانفعال والتصرفات الطفولية

قد يكون المُصاب بمتلازمة الجمال النائم سريع الانفعال، أو عدوانيًا كما لم يُعهَد من قبل، خاصةً إذا حُرِم من الطعام، بل قد ينفجر أحيانًا بكلام مسيء أو وقح.

4. الاكتئاب أو القلق

يميل المُصاب بمتلازمة كلاين لايفين إلى الانسحاب من محيطه خلال النوبات، إذ لا يقدر على التواصل الاجتماعي كما يفعل عادةً، كما أبلغ 15% من المُصابِين بتلك المتلازمة عن توارد أفكار انتحارية على أذهانهم، وهي سمة من سمات الاكتئاب.

5. الارتباك وفقدان الذاكرة

قد لا يتذكر بعض المُصابين بمتلازمة كلاين لايفين ما حدث لهم في أثناء النوبة، فقد يستيقظون خلال النوم لتناول الطعام أو الذهاب إلى المرحاض، لكن أداء مثل هذه الأمور يكون في نطاق ضيق بسبب النعاس المفرط المهيمن عليهم.

6. زيادة الرغبة الجنسية

تزداد الرغبة الجنسية في حالة متلازمة كلاين لايفين، وإن كان ذلك أظهر وأكثر تكرارًا عند الذكور مقارنةً بالإناث.

اقرأ أيضًا:متلازمة الذكر العصبي.. هل يبلغ الرجال سن اليأس؟

إلى متى تستمر أعراض متلازمة كلاين ليفين؟

قد تستمر نوبة متلازمة الجمال النائم يومين على الأقل، حسب "Cleveland Clinic"، كما قد تستمر أحيانًا بضعة أيام، بمتوسط 10 أيام، أو حتى أسبوعين.

وقد أشارت دراسة إلى أنّ الذين شُخِّصوا بمتلازمة كلاين لايفين عانوا 20 نوبة في حياتهم في المتوسط.

أسباب متلازمة كلاين ليفين

ما زال سبب متلازمة كلاين ليفين مجهولًا، لكن أشارت بعض الدراسات إلى أن مرضًا أو إصابة في الدماغ قد تضر بالجزء المسؤول عن تنظيم النوم "تحت المهاد"، مما قد يكون سببًا لمتلازمة الجمال النائم.

تحدث أغلب حالات المتلازمة بعد الإصابة بمرض مشابه للإنفلونزا أو العدوى، وقد تكهّنت الأبحاث بأن متلازمة كلاين ليفين قد تُحفِّز استجابة مناعية ذاتية، إذ لا يتمكّن الجهاز المناعي من التمييز بين الأنسجة السليمة والكائنات الحية الدخيلة على الجسم، مما يؤدي إلى نشاطه الزائد وحدوث أعراض المتلازمة.

بينما اقترح بحث آخر أن هذه المتلازمة مرتبطة بعوامل وراثية وطفرات جينية معينة، إلا أن الباحثين لم يتوصلوا بعد إلى سبب واضح لها، وما ذُكِر ما هي إلا نظريات تحاول تفسير سبب المتلازمة.

عوامل خطر الإصابة بمتلازمة كلاين ليفين

قد تزيد بعض العوامل خطر الإصابة بمتلازمة كلاين ليفين، مثل:

• نزلات البرد أو متلازمة شبيهة بالأنفلونزا مع الحمى.
• المتلازمة أكثر شيوعًا بين الشباب والمراهقين، وعند الرجال أكثر من النساء.
• إصابة الدماغ.
• الحرمان من النوم.
• المجهود البدني.
• التوتر الشديد.
• السفر.
• الجينات أو العوامل الوراثية.

تشخيص متلازمة كلاين ليفين

بدايةً يُحاوِل الطبيب استبعاد الاضطرابات الأخرى التي لها أعراض مماثلة، كما قد يسألك ما إذا كُنت تتناول أدوية قد تُسبِّب أعراضًا مماثلة لأعراض المتلازمة.

لكن لتشخيص متلازمة كلاين ليفين، فيجب أن يستوفي المُصاب معايير فرط النوم المتكرر:

• نوبات النعاس المفرط التي تستمر بين 2 - 5 أسابيع.
• المعاناة من النوبات مرة واحدة على الأقل كل 18 شهرًا، مع كثرة تكرارها.

وفي غياب النوبات، يكون سلوك المرء وإدراكه طبيعيًا غير متأثّر ولا مضطرب.

كما يجب استبعاد أسباب فرط النوم الأخرى، ولكي يكون التشخيص تامًا، لا بد أن يكون المُصاب قد عانى واحدًا على الأقل من الأعراض الآتية:

• الجوع الشديد والأكل القهري.
• زيادة شديدة في الرغبة الجنسية.
• مشكلات الإدراك، مثل الارتباك أو الهلوسة.
• سلوك غير مُعتاد منه، مثل العدوانية أو سرعة الانفعال.

ويمكن لدراسات النوم التحقق من الوقت الذي تقضيه في النوم، فعادةً ما ينام المُصاب بمتلازمة كلاين ليفين 16 - 20 ساعة يوميًا.

كذلك قد تساعد بعض فحوصات الدماغ في التشخيص، إذ يتباطأ نشاط الدماغ بنسبة تصل إلى 70% خلال النوم.

اقرأ أيضًا:عندما ينفطر فؤادك من شدة الحزن.. ما هي متلازمة القلب المكسور؟

علاج متلازمة كلاين ليفين

غالبًا تزول متلازمة كلاين لايفين تلقائيًا دون علاج، كما لا يتناول المصابون بمتلازمة كلاين ليفين أي أدوية، لكن قد يُوصِي طبيبك خلال النوبات بأخذ إجازة من العمل حتى تتمكّن من النوم بالقدر الذي يحتاج إليه جسمك. والعلاج عمومًا قد يشمل:

1. توفير الدعم

ينبغي الاعتناء جيدًا بالمصاب بمتلازمة كلاين ليفين، لذلك يُنصَح من يرعونه بـ:

• توفير بيئة مريحة آمنة لمتابعة المُصاب بمتلازمة الجمال النائم.
• تأجيل الأنشطة إلى انتهاء نوبة المتلازمة.
• منع المُصاب من قيادة السيارات أو الآلات الثقيلة.
• مراقبة أعراض القلق والاكتئاب والسلوك الانتحاري، لمعرفة كيفية التعامل معها بعد استشارة الطبيب.
• الحفاظ على روتين النوم الصحي بين نوبات المتلازمة.

2. الأدوية

لا تمنع الأدوية نوبات متلازمة كلاين ليفين المستقبلية بنسبة 100%، لكنّها قد تساعد في تقليل عدد النوبات أو تخفيف الأعراض، مثل:

• الليثيوم: يُقلِّل عدد نوبات المتلازمة.
• الكورتيكوستيرويدات بالحقن الوريدي: قد تقلل مدة النوبات المطولة التي تتجاوز 30 يومًا.
• المنشطات: تساعد على تجنّب النوم.
• مضادات الاكتئاب: لتخفيف أعراض الاكتئاب أو اضطرابات المزاج المصاحبة.

ما الفرق بين متلازمة كلاين ليفين واضطراب فرط النوم؟

تتسم متلازمة كلاين ليفين بنوبات متكررة من النعاس المفرط، التي تستمر لأيام أو أسابيع أو حتى شهور، وتتخلّلها فترات من النوم الطبيعي، وخلال نوبات المتلازمة، قد ينام المرء 16 - 20 ساعة في اليوم أو أكثر، كما يُعانِي تغيّرات إدراكية "مشكلات الذاكرة أو الهلاوس أو غيرها"، وتغيّرات السلوك "العدوانية مثلًا"، وزيادة الشهية، والانفصال عن الواقع.

أمّا اضطراب فرط النوم، فهو اضطراب مزمن يصحبه نعاس مستمر خلال النهار، ولا يأتي في شكل نوبات، بل هو مزمن؛ إذ يُعانِي المُصاب فرط النوم نعاسًا مستمرًا على مدار اليوم، ما قد يُؤدّي إلى سقوطه فريسة نوبات نوم مفاجئة خارجة عن إرادته.

وقد يصحب فرط النوم أعراضًا مختلفة عن متلازمة كلاين ليفين، مثل ضعف العضلات، أو شلل النوم، أو الهلوسة خلال فترات الانتقال بين النوم واليقظة.

الصورة الرئيسية:

https://www.shutterstock.com/image-photo/peaceful-handsome-bearded-young-man-sleeping-2152157243

التعليق: رجل نائم تعبيرية عن متلازمة كلاين ليفين "الجمال النائم"