4 كتب تستطيع التدرب عليها لمواجهة الصدمات.. كيف تحقق المرونة النفسية؟
شغل مصطلح "المرونة النفسية" العلماء منذ سبعينيات القرن الماضي عندما جرى تعريفه للمرة الأولى، وسرعان ما تعددت التعريفات بتعدد الدراسات، حتى استقرت جمعية علم النفس الأمريكية على تعريف المرونة النفسية بأنها "عملية التكيف بشكل جيد في مواجهة الشدائد أو الصدمات أو المأساة أو التهديدات أو مصادر التوتر الكبيرة". وبهذا المعنى فإنها تشير إلى قدرة الأشخاص على التكيف مع تحديات الحياة، ومقاومة النتائج السلبية، والحفاظ على الصحة العقلية على الرغم من التعرض للصدمات، بإظهار المرونة لتجاوزها.
برز ارتفاع معدلات التعرض للأحداث الصادمة في ظل تطور إيقاع الحياة المتسارع. وقد أشارت بعض الدراسات لما يولده ذلك من تأثيرات سمية عصبية بعيدة المدى، تبدأ من ضعف الكفاءة العصبية والأمراض النفسية، وصولًا إلى التأثيرات الجسدية والصحية الضارة التي تؤثر بدورها على رفاهية الإنسان، ومن ثم فقد حاولت الأبحاث المتعلقة بالمرونة النفسية اكتشاف طرق وعمليات ديناميكية تعطل أو حتى تخفف من هذه الآثار، وإيجاد مسارات مستقرة نسبيًّا لتحقيق الرفاهية الذاتية، في ظل عدم قدرتنا على التنبؤ بكيفية الاستجابة للظروف غير المتوقعة. فكيف يمكننا تحقيق المرونة النفسية؟ وهل نستطيع التدرب عليها لمواجهة الصدمات؟
Developing Psychological Resilience: A Guide to Achieving Balance
تطوير المرونة النفسية: دليل لتحقيق التوازن
جاجاديش بيلاي
يعد كتاب "تطوير المرونة النفسية" دليلًا جيدًا لتحقيق التوازن بشكل عام، وبشكل خاص من خلال فهم مرونتك النفسية وتحسينها، إذ يقدم بعض الأدوات والمعرفة اللازمة، التي تمكنك من تحديد ومعالجة أسباب الاضطراب العاطفي الذي تمر به خلال الأزمات العابرة والصدمات المفاجئة، وصولًا إلى تطوير نمط حياة أكثر صحة وتوازنًا، مع مد قارئه بالمهارات اللازمة لذلك، إذ ينقل تجربة غنية ومتشعبة عاشها المؤلف الحاصل على دكتوراه في علم الفيدا، مع حصيلة من القراءات المتسعة في علوم تصب في إطارات تهذيب النفس وبناء الذات.
ينقسم كتاب دكتور "جاجاديش" إلى ثلاثة أقسام، يركز القسم الأول منها على فهم أساسيات تحقيق المرونة النفسية، بما في ذلك أهمية الوصول إلى الوعي الذاتي، وتأثير التوتر على ذلك، ودور التفكير الإيجابي في هذه العملية المتشابكة، بينما يقدم القسم الثاني استراتيجيات عملية لتحسين المرونة النفسية، يمكنك تطبيقها للوصول إلى هدفك المنشود، مثل تطوير مهارات التكيف الصحية، وتحديد أهداف واقعية يمكن الوصول إليها بعيدًا عن التخيلات العبثية، مع ضرورة بناء علاقات قوية بين محيطك، فيما يقدم القسم الثالث والأخير إرشادات حول كيفية الحفاظ على المرونة النفسية مع مرور الوقت، بما يضمن استمرارها كقوة دافعة تتجاوز بها العقبات، حيث يقدم نصائح لإدارة التوتر، وتنمية المرونة، وخلق بيئة داعمة تمكنك من تحقيق الاستقرار النفسي.
Psychological Resilience and Wellbeing
المرونة النفسية والرفاهية
ستيفن بالمر وكريستينا جيلينستن
لا يمكن الحديث عن المرونة النفسية دون التطرق لهذا المرجع المهم، الذي شارك فيه نخبة من علماء النفس والباحثين في هذا المجال بأبحاث قيمة، جرى جمعها في ثلاثة مجلدات، تتناول: تاريخ نظريات المرونة والرفاهية وتطورها، وقياس المرونة والرفاهية، وتعزيز المرونة والرفاهية، حيث سعى الباحثون هنا إلى تحديد الخصائص الفردية التي تساعد على الحماية من المشقة والصعوبات والمرض العقلي، كما حققوا في العملية الفعلية للمرونة من أجل فهم الأداء البشري في المواقف الصعبة، من خلال فهم نظرية المرونة وتعريفها وتصنيفها وقياسها وتحليل نهجها، وعوامل الحماية ومقاومة الاضطرابات النفسية، مع ربط وجهات النظر النفسية والعصبية للمرونة ومستوياتها، وفهم الرفاهية والرفاهية النفسية وتعزيز الصحة، وربط بعض المشكلات الصحية بالإجهاد العاطفي.
أما مجلده الثاني فيسعى خلاله العلماء إلى محاولة قياس المرونة والرفاهية بطرق عدة، مع عرض مقاييس جديدة لتقييم الازدهار والمشاعر الإيجابية والسلبية، بينما يتناول المجلد الثالث تعزيز القدرة على الصمود والرفاهية، مستخدمًا بعض الأدوات كالتدريب على الحياة والصحة، والبناء على نقاط القوة والمرونة، والتأمل الذهني والاسترخاء لسد فجوة التناقض الذاتي والتعافي، مع بعض الإضافات القيمة التي قدمها المحرر البروفيسور "ستيفن بالمر"، والتي أسهم فيها بتعمق، كونه طبيبًا ومعالجًا نفسيًّا حائزًا العديد من الجوائز، كما أنه المدير المؤسس لمركز إدارة الإجهاد في لندن، والرئيس الفخري للجمعية الدولية لإدارة الإجهاد.
اقرأ أيضًا: 4 كتب عن صناعة القرار ليست أُحجية.. درّب عقلك وانتظر النتائج..!
The End of Trauma
نهاية الصدمة: كيف يغير علم المرونة الجديد طريقة تفكيرنا لاضطراب ما بعد الصدمة
جورج أ. بونانو
في هذا الكتاب يفجر عالم النفس الرائد "جورج أ. بونانو" مفاجأة كبيرة، إذ يجادل بأن معظم ما نعتقد أننا نفهمه عن الصدمة هو في الواقع "خطأ"! وهنا يؤكد أن الأمر ليس شائعًا كما نعتقد، إذ يتمتع الناس في الواقع بمرونة كبيرة في مواجهة الشدائد، وأن ما نفسره غالبًا على أنه اضطراب ما بعد الصدمة، هو علامات على عملية طبيعية يمر بها الإنسان لتعلم كيفية التعامل مع موقف معين، ومن ثم يمكننا أن نتعامل بشكل أكثر فعالية إذا فهمنا كيفية عمل هذه العملية، وآليتها.
وهنا يشرح البروفيسور "بانونو" ويجيب عن سؤال صعب، معتمدًا على تجربته الخاصة من البحث خلال أربعة عقود، فما الذي يجعلنا قادرين على الصمود؟ ولماذا لا نكون كذلك في بعض الأحيان؟ وكيف يمكننا التعامل بشكل أفضل مع الإجهاد الناتج عن الصدمة؟ وهي الأسئلة التي يجيب عنها ببراعة خلال فصول الكتاب المفعم بالأمل والإنسانية، الذي يقدر بشكل كبير مدى مرونة البشر في تكيفهم مع الحياة، ويذكرنا أن المرونة ليست غياب المعاناة أو الاستجابة للصدمة، ولكنها تكمن في القدرة على التحرك من خلالها للعثور على المعنى مرة أخرى، ومن ثم يقدم إرشادات محددة ودقيقة للمرونة الحقيقية، كما يذكرنا بأن الأمر لا يعني مهارة التأقلم، ولكن يعني كيفية تفاعل هذه المهارة مع السياق والأهداف.
Strengths-Based Resilience: A Positive Psychology Program
المرونة القائمة على نقاط القوة، برنامج نفسي إيجابي
طيب رشيد وجين جيلهام وأفروز أنجوم
معتمدًا على أبحاث دقيقة من علم النفس الإيجابي والعلاج السلوكي المعرفي، جاء هذا الكتاب التدريبي ليساعد على وضع برنامج للمرونة القائمة على نقاط القوة، وتنمية المرونة في مواجهة مراحل الحياة المعاكسة المختلفة، سواء كان الشخص يواجه تحديات في التعليم أو العمل أو العلاقات، وربما قد لا يكون من الممكن التخلص من المخاطر والنكسات والتحديات التي يواجهها البعض في الحياة، لكن يمكنهم تعزيز استخدام نقاط القوة لديهم وتعلم مهارات جديدة للتعامل مع ما يواجهونه.
ويساعد هذا البرنامج المكون من 14 جلسة، على بناء المرونة من خلال سلسلة من المهارات القائمة على الأدلة، مع التركيز على: دمج اليقظة والاسترخاء والامتنان في إجراءات الرعاية الذاتية اليومية، وتطوير قصة شخصية عن المرونة، وتعلم المزيد عن أسلوب التفكير المرن، وتحديد نقاط القوة واستخدامها لحل المشكلات، ودمج البطء والتذوق بما يعنيه ذلك من تأنٍّ، وممارسة التواصل الإيجابي من أجل علاقات صحية، والسعي وراء الشعور بالمعنى، وغيرها من الأنشطة والإجراءات اليومية، مع تعليمات منظمة بشكل واضح خطوة بخطوة، بالإضافة إلى إدراج عناصر التدريب وأهداف كل جلسة، ما قد يساعد على تعزيز مرونة الفرد في مواجهة التحديات، بل ازدهاره بين عالم مليء بالتوتر وعدم اليقين، من خلال دمج الرؤى العلمية، وترجمة المبادئ النظرية إلى خطوات قابلة للتنفيذ بمرونة تستغل نقاط القوة الداخلية.