كيف تكون رؤية المُصاب بعمى الألوان؟
تكتسي الشواطئ بلونٍ أصفرٍ ذهبي، وتعكس البحار لون السماء، والطعام الذي نتناوله ليس بلونٍ واحد، وهكذا الكون جميل مُلوَّن في كل شيء، لكن لا يراه جميع الناس هكذا، ليس لفقدٍ للحسّ الجمالي، وإنّما لمعاناة بعض الناس مع عمى الألوان الذي يحرمهم من التمتُّع ببعض الألوان كالأحمر أو الأخضر، وفي الحالات الشديدة النادرة يُصبَغ الكون في عيونهم بلونٍ رمادي.
ما هو عمى الألوان؟
مرض وراثي يُصِيب بعض الناس، ويجعلهم غير قادرين على التمييز بين ظلال الألوان، وذلك بسبب افتقاد مخاريط العين أصباغًا مُعيّنة حساسّة للضوء.
تعتمد رؤية الألوان بالنسبة إلى الإنسان على قُضبان وأقماع العينين "Rods and cones"، وهي الخلايا المُستقبِلة للضوء، والتي تُرسِل معلومات إلى الدماغ لتفسير لون وظل ما يراه الإنسان.
ترصد المخاريط الألوان الحمراء والزرقاء والخضراء، بينما ترصد القضبان النهار والظلام، وإذا اختل عمل أي من هذه الخلايا يُمكِن أن يحدث عمى الألوان.
أسباب عمى الألوان
الألوان الأساسية الثلاثة التي نراها في طيف الضوء هي الأحمر والأصفر والأزرق، ولكل منها طول موجي يختلف عن الآخر، وشبكية العين تحتوي على 3 أنواع من المخاريط التي تتفاعل مع الأطوال الموجية المختلفة.
وعندما تنشط هذه المخاريط تنقل المعلومات البصرية "عن الألوان" إلى الدماغ، والتي تُترَجم إلى ألوانٍ محددة، ويحدث عمى الألوان عندما يكون أحد هذه المخاريط، أو بعضها مُعطّلاً أو مفقودًا.
وعمى الألوان قد يُولَد به بعض الناس، أو يتطوّر لاحقًا في حياة الإنسان، فإلى جانب الجينات التي قد تُسبِّب عمى الألوان، قد يكتسب الإنسان ذلك الاضطراب لاحقًا لأي من الأسباب الآتية:
- أمراض العين، مثل زرق العين "الجلوكوما"، أو التنكُّس البقعي.
- الأمراض التنكُّسية العصبية، مثل مرض ألزهايمر، أو التصلُّب المُتعدِّد.
- بعض الأدوية، مثل دواء بلاكوينيل المُستخدَم في علاج الملاريا.
- التعرُّض لصدمة العين أو الدماغ.
- السكتة الدماغية.
- الشيخوخة الطبيعية، خاصةً مع إعتام عدسة العين "المياه البيضاء".
أنواع عمى الألوان
تختلف أنواع عمى الألوان حسب درجة تأثُّر المخاريط في العين، وعادةً ما يُصِيب عمى الألوان العينين، وأحيانًا يُصِيب عينًا واحدة فيما يُعرَف باسم "عمى اللون أحادي الجانب"، وغالبًا ما ينتج عن إصابةٍ ما تعرّض لها الإنسان في وقتٍ ما من حياته، وقليلاً ما ينجم عن عيب وراثي أو خلقي.
اقرأ أيضًا:ماذا يحدث للجسم بعد استخدام الساونا لمدة أسبوعين؟
وتشمل أنواع عمى الألوان ما يلي:
1- عمى الألوان الأحمر والأخضر
هو أكثر أنواع عمى الألوان شيوعًا، إذ لا يتمكّن الإنسان من التمييز بين اللونَين الأحمر والأخضر، وهذا النوع من عمى الألوان ينقسم إلى أربعة أنواع:
- غطَش الأحمر "Protanomaly": يتسبَّب في ظهور الألوان الحمراء باللون الأخضر بسبب خلل في الأقماع الحمراء بالعين.
- غطَش الأخضر والأحمر "Protanopia": يتسبَّب في ظهور الألوان الحمراء باللون الأخضر؛ بسبب عدم فعّالية الأقماع الحمراء أو غيابها.
- شذوذ إبصار الأخضر والأحمر "Deutranomaly": يتسبَّب في ظهور الألوان الخضراء باللون الأحمر بسبب خلل الأقماع الخضراء في العين.
- عمى الأخضر والأحمر "Deutranopia": يتسبَّب في ظهور الألوان الخضراء باللون الأحمر بسبب خلل وظيفة الأقماع الخضراء أو غيابها بالكُلِّية.
2- عمى الألوان الأزرق والأصفر
أقل شيوعًا من عمى الألوان الأحمر والأخضر، وفيه لا يُمكِن للإنسان التمييز بين الأزرق والأخضر، والأصفر والأحمر، أو الأزرق الداكن والأسود، وهو يُصِيب واحدًا من كل 10,000 شخصٍ حول العالم، وينقسم عمى الألوان الأزرق والأصفر إلى نوعَين:
- غَمَشُ الأزرق "Tritanomaly": يصعب على الإنسان التمييز بين الأزرق والأخضر، وبين الأصفر والأحمر؛ بسبب خلل الأقماع الزرقاء والصفراء.
- عمَى الأزرق "Tritanopia": يصعب على الإنسان التمييز بين الأزرق والأخضر، الأرجواني والأحمر، الأصفر والوردي؛ بسبب خلل وظيفة الأقماع الزرقاء والصفراء أو غيابها، كما أنّ الألوان تبدو أقل سطوعًا من طبيعتها في عيون المُصاب.
3- الرؤية أحادية اللون المخروطي الأزرق
نوع غير شائع من أنواع عمى الألوان، وفيه لا يُمكِن للإنسان رؤية أي لون، ويُصِيب واحدًا من كل 100,000 إنسان حول العالم، وبدلاً من رؤية العالم مُلوّنًا من حولك، إذ بالمُصاب لا يرى شيئًا إلّا في ظلال رمادية، كما قد يكون لديهم مشكلات إضافية في الرؤية، مثل:
- زيادة حساسية الضوء "الخوف من النظر إلى الأضواء".
- حركة العين اللاإرادية "رأرأة العين".
- قصر النظر.
كيف تكون رؤية المُصاب بعمى الألوان؟
لا يعني عمى الألوان أنّ الإنسان يرى فقط ظلالاً رمادية، بل هذا هو النوع الأشدّ من عمى الألوان، وهو غير شائع، لكنّ معظم المُصابِين بعمى الألوان يُعانُون صعوبة رؤية بعض الألوان مع تمتُّع كامل برؤية باقي الألوان، فَهُمْ بين احتمالٍ من الثلاثة الآتية:
- الخلط بين بعض الألوان، فقد يبدو اللون الأحمر مثل الأخضر بالنسبة للمُصابِين بعمى الألوان الأحمر والأخضر.
- صعوبة رؤية الألوان في ضوءٍ مُعيّن، فالمُصابون بعمى الألوان الخفيف يُمكِنهم رؤية الألوان بشكلٍ طبيعي في الضوء الطبيعي، لكن ليس في الضوء الخافت.
- لا يرى لونًا معينًا، أو أي لون على الإطلاق بغض النظر عن قوة الضوء.
اقرأ أيضًا:10 طرق لتخفيف إجهاد العين الرقمي.. الرمش واحدة منها!
نصائح للتعايُش مع عمى الألوان
من الصعب أن يعيش الإنسان محرومًا من التمتُّع ببعض الألوان، أو تتشابه عليه كثيرٌ من الألوان التي يراها، وقد يصعب على المُصاب بعمى الألوان أداء بعض المهام اليومية التي تتطلّب تمييزًا بين الألوان، مثل القيادة، وتنسيق الملابس، وإعداد الوجبات وما إلى ذلك.
ومع ذلك يُمكِن العيش طبيعيًا رغم عمى الألوان بتغيير بعض العادات اليومية، من خلال:
- أنماط الحِفظ: بعض الأنشطة مثل قيادة السيارات صعبة مع عمى الألوان، ويُمكِن تجاوز ذلك بحِفظ أماكن أضواء الإشارات التي تدل على الحركة، أو التوقف، أو الانتظار وما إلى ذلك، طالما كانت هناك صعوبة في رؤية الألوان.
- تغيير الإضاءة: العمل في مكان مظلم أو ذي ضوءٍ خافت، يُصعِّب الرؤية خاصةً مع عمى الألوان؛ لذلك قد يُساعِد تغيير الأضواء وتقويتها في تيسير الرؤية.
- تصنيف الملابس: يُمكِن تصنيف الملابس وكتابة لون الثوب على العلامة؛ للمساعدة في معرفة لون ما يلبسه الإنسان.
- استخدام الحواس الأخرى: الاعتماد على الحواسّ الأخرى، فمثلاً يُمكِن لمس وشمّ الفواكه الطازجة عند شرائها إذا لم تكن ألوانها واضحة لك.