باولو كويلو يكتب لمنصة الرجل: العالم مرآة
-
الاجتماع المنسي
ارتبط الملّا نصر الدين –الشخصية الرئيسة في التقليد الصوفي– بموعد مع فيلسوف مهم في قريته، لكنّه انشغل بشيءٍ آخر، فانتهى به الأمر لعدم الوصول في الوقت المحدد.
انتظر الفيلسوف لبعض الوقت، ثم كتب على باب منزل نصر الدين كلمة "غير مسؤول" وذهب بعيداً.
بعد ساعات، عاد نصر الدين إلى المنزل. صرخ الرجل في وجهه: "إذاً، هل نسيت موعدنا؟". ليرد عليه نصر الدين قائلاً: "نعم لقد نسيته، وأعتذر على ذلك. لكن بمجرد وصولي إلى المنزل، ورؤية اسمك على باب منزلي، جئت إليك فوراً".
-
الكرم والمكافأة
وضع إفرايم بعض العملات المعدنية تحت باب منزله يوميّاً؛ حزناً على فقر الحاخام جوسيا. لاحظ أنّه كلّما أعطى أموالاً لجوسيا، يزيد المال الذي يحصل عليه.
تذكّر إفرايم وجود الحاخام باير، الذي كان سيداً لجوسيا، وفكّر: "إذا كنت قد حصلت على مكافأة جيدة من عطائي للتلميذ، تخيّل كم سأربح إذا قررت دعم سيده".
سافر إفرايم إلى مدينة "مزريتش" وأغرق الحاخام باير بالهدايا. منذ ذلك الحين، بدأت حياته في التدهور، وكاد يفقد كل شيء.
مستغرباً من الأمر، ذهب إفرايم إلى جوسيا وأخبره بما حدث.
قال جوسيا: "الأمر بسيط للغاية. بينما كنت تركّز على العطاء بلا أنانية، فعل الله نفس الشيء لك. لكن عندما بدأت في البحث عن أشخاص متميزين لتقديم تبرعاتك لهم، بدأ الله في فعل الشيء ذاته أيضاً".
-
تعبئة أكواب الآخرين
في أثناء عشاء أقيم في دير سيفتا، نهض الكاهن الأكبر ليصب الماء في أكواب الآخرين. انتقل من مائدة إلى مائدة بجهد، لكن لم يقبله أي كاهن. فكروا من داخلهم: "نحن لا نستحق تضحية هذا القديس".
عندما وصل الكاهن إلى طاولة رئيس الدير جون الصغير، طلب منه الأخير ملء كوبه حتى الحافة.
نظر إليه بقية الرهبان مذعورين. بعد العشاء، وبّخوا جون قائلين: "كيف تجرؤ على اعتبار نفسك مستحقاً لخدمة رجل مقدس؟ ألم تلاحظ كم كلّفه هذا من جهد؟ ألم تلاحظ كيف ارتجفت يداه؟".
أجابهم جون: "كيف يمكنني منع الخير من التعبير عن نفسه؟ أنتم الذين تدعون أنكم كاملون، لم يكن لديكم التواضع للقبول، ولم يكن لدى الرجل الفقير بهجة العطاء".
-
الطالب الفقير
خلال إحدى فصول الـ(زِن) الخاصة بالمعلم بانكي، قُبض على أحد الطلاب وهو يسرق. طالب جميع التلاميذ بطرده.
لم يفعل بانكي أي شيء. في الأسبوع التالي، سرق الطالب مرة أخرى، لكن بانكي استمر في الاحتفاظ به داخل فصله. كتب الطلاب الآخرون عريضة تطالب بمعاقبة اللص، وهم في حالة انزعاج من الوضع.
قال بانكي وهو يقرأ العريضة: "كم أنتم حكيمون جميعاً! أنتم الذين تعرفون الفارق ما بين الصواب والخطأ، يمكنكم الدراسة في أي مكانٍ آخر. لكن هذا الأخ المسكين، الذي لا يعرف الصواب والخطأ، ليس لديه سواي ليعلّمه، وسأواصل القيام بذلك".
انهمرت الدموع من عيني السارق وغطت وجهه، واختفت رغبته في السرقة.