ما هي ظاهرة دماغ كوفيد-19؟ وكيف تستطيع التعامل معها واستعادة حياتك مُجددًا؟
قد يكون تحديد وقت وكيفية إدارة أعمالك من الأمور الأساسية التي تنقذك من الإفلاس وتساعدك على النجاة والبقاء. وضع أقنعة الوجه على وجهك أم لا هو الأمر الذي يبقيك أنت أو أي شخص تحبه خارج المستشفى، لأنه ببساطة يحميكم من الإصابة بفيروس كورونا التاجي المُسبب لمرض كوفيد-19. مع ارتفاع المخاطر، ستعتقد أن هذا التطور سيدفع أدمغتنا لتكون أكثر وضوحًا وأكثر قدرة على اتخاذ القرارات أثناء الأزمات، ولكن هذا غير حقيقي، نظرًا إلى أن الوباء لم يترك مُعظمنا أكثر ذكاءً.
في المقابل، العديد من الأشخاص يشعرون في الوقت الحاضر بأنهم أصبحوا أكثر هشاشة عاطفيًا، وبأن أفكارهم ضبابية للغاية، وهو أمر طبيعي نظرًا إلى أننا نحاول إبقاء رؤوسنا فوق الماء رغم التغييرات الهائلة التي تحدث في حياتنا بسبب انتشار الوباء، قالت عالمة الأعصاب هيلك بلاسمان إن المشكلة تزداد عمقًا مع مرور الوقت.
قالت بلاسمان إن الأمر لا يقتصر فقط على الحرمان من النوم أو الشعور بالتوتر، ولكنك أيضًا تعاني من آثار تغييرات تطرأ على دماغك ناتجة عن الصدمة بسبب انتشار الوباء وحالة عدم اليقين التي نعيشها الآن.
وأشارت بلاسمان في مقال علمي كتبته مع زميلها بنيامين كسلير إلى أن هذه الظاهرة تُعرف باسم "دماغ كوفيد-19" وشرحا جذورها الفسيولوجية كالتالي: "في مثل هذه الأوقات تميل أدمغتنا إلى العمل بطريقة مختلفة، قشرة الفص الجبهي، منطقة الدماغ المسؤولة عن التخطيط المُعقد، والذاكرة، والتفكير التحليلي، أصبحت تستقبل الإشارات الغامضة، ما يؤثر على قدرتنا على اتخاذ القرار".
بعبارات أبسط فإن مزيجا من التفكير التحليلي الضعيف والحساسية الخارجية المتزايدة يخلقان ما يُسمى ظاهرة دماغ كوفيد-19، وهي حالة هشة ومشوشة تسيطر على طريقة أفكارنا فنصبح مُشتتين وغير قادرين على التركيز.
كيف يرى الأثرياء الحياة ما بعد فيروس كورونا؟ وما هي أبرز مخاوفهم؟
استراتيجيات التعامل مع دماغ كوفيد-19
إذا كان ذلك يبدو مألوفًا، فيمكنك على الأقل الشعور بالراحة لأنك لست وحدك ولأن أشخاصا كثيرين حولك يختبرون الظاهرة نفسها، والخبر السار هنا هو أنه بإمكانك التعامل مع هذه الظاهر واستعادة حياتك مُجددًا، من خلال اتباع مجموعة من الاستراتيجيات التي نستعرضها فيما يلي، مع مراعاة عامل الوقت وألا تتوقف عن التعاطف مع ذاتك أبدًا.
تعامل مع التوتر بطريقة مُختلفة
أظهرت مجموعة كاملة من الأبحاث أن التوتر والضغوطات التي نمر بها لا تضرنا كما نتصور، ولكن طريقتنا في التفكير في الضغوط والتعامل بها مع التوتر هي ما تفعل ذلك. إذا كنت تتوقع أن يكون رد فعل جسمك طبيعيا عندما تواجه مشكلة ما، فسيكون كذلك. إذا كنت تتعامل مع التوتر باعتباره شيئا يساعدك على التكيف والتعامل مع الأوقات الصعبة، فإنه سيسبب لك أضرارًا نفسية وجسدية أقل، وتؤكد بلاسمان أن هذه هي الطريقة التي يجب اتباعها أثناء التعامل مع الوباء.
وتقول: "يجب التعامل مع الضغوطات باعتبارها حافزا إيجابيا للتغيير عوضًا عن النظر إليها باعتبارها تهديدًا، وبهذه الطريقة ستتعزز الأفكار الواضحة وتبقى المشاعر السلبية في وضع حرج، حتى تتلاشى مع مرور الوقت".
حافظ على هدوئك مع الموسيقى الصحيحة
يلجأ كثيرون للموسيقى بشكل غريزي للشعور بالهدوء وتعديل المزاج وتهدئة التفكير، وهو ما فسره العلم بأن النغمات الصحيحة تساعدنا على تهدئة العقول. قالت بلاسمان إن الاستماع إلى الموسيقى يساعدنا على استعادة توازننا، وربطت إحدى الدراسات بين العواطف الناتجة عن الموسيقى والنشاط الضروري في شبكات الدماغ المسؤول عن توليد العواطف وتنظيمها، علاوة على ذلك فإن الاستماع إلى الموسيقى أثناء العمل يعزز الإنتاجية خاصة في أوقات الضغط، كما أنها تساعد على التركيز وتقلل فرص تشتيت الانتباه.
دراسة : 83% من الأثرياء تغيرت حياتهم للأبد..وهذه خططهم لما بعد كورونا
ممارسة التأمل
ربما مللت من القراء عن التأمل وأهميته وفوائده، لكن من الضروري التأكيد على أهمية التأمل الذهني وهو ما أكدت فعاليته أطنان من الأبحاث والدراسات العلمية. تؤكد بلاسمان أن التأمل يؤثر على أدمغتنا وفهم أفكارنا والقدرة على السيطرة عليها، ولكنه يُشير إلى أن أهم سبب لممارسة التأمل هو التركيز على التنفس والتي تساعد على تنظيم نشاط الدماغ، والتحكم فيه.
خلاصة القول، فإن استراتيجيات التعامل مع دماغ كوفيد-19 لن تساعدك على تخطي الأزمة الحالية وحسب، ولكنها تساعدك كذلك على أن تكون أكثر وعيًا وإدراكًا لذاتك، ومع مرور الوقت ستتبع المزيد من العادات النفسية التي تساعدك على تخطي أي أزمة تمر بها، وتغدو المشاكل النفسية أكثر سهولة.