متى يصبح سقف التوقعات المرتفع قوة تدميرية أو أداة للتطور؟
مدير يعبر عن إحباطه قائلا: «لا شيء أقوم به يرضي الرئيس التنفيذي، لقد وصلت إلى مرحلة بت على قناعة تامة بأنه لا جدوى من المحاولة. فلماذا أنهك نفسي إن كان كل ما أقوم به لا يعجبه!». الرئيس التنفيذي من جهته يعبر عن وجهة نظره في الموضوع قائلا: «الذين أعمل معهم يخيبون أملي بشكل دائم. أملك سقف توقعات مرتفعا ولهذا السبب أنجح فيما أقوم به، بينما الذين أعمل معهم لا يقدمون لي سوى أنصاف النتائج التي أريدها». واقع يمكن لمسه في غالبية المؤسسات حين يملك الرئيس التنفيذي سقف توقعات مرتفعا أو حين يقرر رفع سقف التوقعات.
ولكن رفع سقف التوقعات أو حين يكون سقف التوقعات مرتفعا في مكان العمل يعني إمكانية تحوله من أداة هدفها تحسين الأداء والنتائج إلى أداة تدميرية.
سقف التوقعات حين يتحول إلى أداة تخريبية
الحكمة التقليدية تقول، رفع سقف التوقعات وتحديد الأهداف المتقدمة للموظفين أمر جيد لأنه يحثهم على العمل والسعي لتقديم أفضل ما يمكنهم تقديمه. ولكن رفع سقف التوقعات عليه أن يضع بالحسبان إمكانيات الموظفين والموارد المتوفرة لتحقيق النتائج. فإن كان مرتفعا لدرجة أن الموظفين لا يمكنهم على الإطلاق «الوصول» إليه فحينها سيتحول إلى أداة تخريبية وسلاح تدميري وسيخلق بيئة عمل سامة قائمة على مشاعر الإحباط. كما أنه سيلحق الضرر بالشركة نفسها لأن الأهداف لا يتم تحقيقها كما ستفوت الشركة على نفسها فرصة اكتشاف الطاقات التي يملكها بعض الموظفين.. وبالتالي خسارة على جميع الجبهات.
في دراسة أجرتها مجلة هارفرد بيزنس ريفيو وشملت ٣٠٠ مدير تنفيذي في أكثر من ١٠ دول تبين بأن ٣٥٪ منهم يفشلون لأنهم ينشدون المثالية بشكل دائم. السبب يرتبط بواقع أن المدير الذي عادة يركز على الإنجازات والتي تكون الدافع له من أجل التقدم يعاني من «مرض مزمن» وهو عدم الرضا .. وعدم الرضا هنا يرتبط بأنفسهم وبالآخرين.
ولكن الحال ليس دائما كذلك فرفع سقف التوقعات أحيانا مطلوب من أجل التطور وتحقيق نتائج أفضل ولكن النتائج الإيجابية هذه مرتبطة بعوامل سنتحدث عنها لاحقاً. ولكن السؤال المطروح هنا هو.. كيف يمكن للمدير معرفة متى يتحول سقف التوقعات المرتفع الى أداة تدميرية؟
تشعر بخيبة الأمل من نفسك : على الأرجح أنتم حالياً تتساءلون عن علاقة هذا الأمر بسقف التوقعات المرتفع للموظفين. الإجابة هي أن العلاقة مباشرة وقوية وغالباً ما يفشل المدير برؤيتها. كمدير يملك سقف توقعات مرتفع، فإن الأمر لا يتمحور فقط حول عدم رضاك أو خيبة أملك الدائمة من التقارير المباشرة التي تحصل عليها، بل يتعلق بكونك تشعر بخيبة أمل دائمة من نفسك و مع انعدام القدرة على الشعور بالفخر بأفضل إنجازاتك فأنت تفتقد الرضا عن حياتك المهنية والسعادة المهنية.
لمعرفة ما إن كنت من هذه الفئة، حاول أن تخبرنا قصة ما عنك، فإن كانت قصتك تتمحور حول عدم كفاءة ما أو إن كانت قصتك حول إنجاز ما تفتقر تعابير الفخر بالذات فحينها أنت من القادة الذين يملكون معايير مرتفعة جداً لأنفسهم ولغيرهم، وهذه المعايير في هذه الحالة يمكنها أن تدمرك وتدمر فريق العمل، لأنه مهما قدموا ومهما حاولوا فلن تشعر بالرضا.
لا تثق بقدرات الآخرين: حين تجد نفسك تعمل مع فريق عمل ما وحين ما تنفك تشعر بخيبة الأمل الدائمة من الأداء وتطالب بالمزيد حاول أن تنظر إلى الأمر من زواية مختلفة.. أي من زوايتهم. المدير الذي ما تنفك تنتقده لأن كل ما قدمه لم يعجبك، رغم أنه حقق نتائج جيدة، يعتبرك مهووسا بفرض سيطرتك وهو يشعر بالغضب والإحباط والنفور لانك ما تنفك تجعله يشعر بأنه عديم الكفاءة.
عندما يكون سقف التوقعات المرتفع سبباً لجعل الآخرين يشعرون بأنهم لا يملكون المؤهلات الكافية فهم في نهاية المطاف سيفقدون الثقة بأنفسهم ويتوقفون عن المحاولة. . والأسوأ هو أنهم لن يتمكنوا من التمييز بين نقاط ضعفهم الفعلية وبين نقاط قوتهم لانه بالنسبة اليك كل ما يقدمونه «ضعف» وهكذا لن تمنحهم حتى الفرصة للتعلم والتطور.
ضعف المرونة المؤسساتية: فريق عملك يجد صعوبة بالنهوض مجدداً بعد الفشل.. لا لأنهم لا يعرفون ولكن بسبب سقف توقعاتك المرتفع جداً الذي جعلك تنتقدهم بشكل دائم. أنت جعلتهم في حالة من الشلل وعوض مواجهة التحديات بعقلية إبداعية فهم في مكانهم لأنهم يعرفون بأن أي حل سيتم انتقاده.
كيف يمكن للتكنولوجيا تحسين صحة العاملين ومستوى الإنتاجية؟
سقف التوقعات المرتفع كأداة للتطور
رفع سقف التوقعات يمكنه أن يخدم المؤسسة وأن يكون تأثيره إيجابي إن تمكن المدير من التعامل مع «سلبية» ما يحدث وتحويلها الى نتائج إيجابية.
الانتقائية في عدم الرضا: أنت تميل إلى المثالية وسقف توقعاتك مرتفع لذلك من أجل الاستفادة من هذا الواقع حاول أنت تكون انتقائياً. أي اختر المجالات التي تدرك بأن فريق العمل يحتاج إلى التطور فيها وقم برفع سقف التوقعات الخاص بتلك الجزئية. حينها عوض أن تثير مشاعر الإحباط ستدفعهم إلى التطور .
الوضوح حول سقف التوقعات: عادة القادة الذين يملكون سقف توقعات مرتفع لا يناقشون المعايير إلا بعد أن يفشل فريق العمل في الوصول إليها. وهذا يعني أن هناك هوة بين ما هو متوقع وبين ما يتم العمل عليه ووفقه. لذلك قبل أن تنفعل عليك أن تسأل نفسك ما إن كان الشخص الذي فشل في تحقيق الأهداف كان يدرك ويعرف المطلوب منه ووفق أي معايير.
الواقعية: اسأل نفسك ما إن كانت المعايير التي وضعتها واقعية وتتناسب مع قدرات الفريق أو حتى مع الموارد المتوفرة لديهم. إن كنت تطلب من فريق العمل إتمام مهمة ما ولكنك تدرك في الوقت عينه بأنه لا موارد تمكنهم من تقديم النتيجة المثالية فإن الاستمرار برفع سقف التوقعات هنا غير منطقي على الإطلاق. المعايير المرتفعة غير الواقعية ظالمة لذلك حين تحددها عليك أن تكون واقعيا كي تكون عادلا.
المصدر: ١