هل أنت كلارك كينت أم سوبرمان؟ إجابتك تعني الكثير
«إنه طائر.. إنها طائرة.. إنه سوبرمان».. نعم إنه سوبرمان الذي لعلك لا تشعر بأنك خارق مثله. ورغم ذلك هناك أمور مشتركة بينكما فكلما تملكان هويات مختلفة وكلاكما يتصرف بشكل مختلف وفق الهوية. صباحاً قد تكون والداً، ثم تتحول الى رياضي في النادي الرياضي، طبيب في مكان عملك، وطاه مع حلول وقت العشاء، ثم تعود تصبح والداً حين يحين موعد نوم أولادك. ومع ذلك فالطريقة التي ننظر فيها الى هذه الادوار المختلفة تختلف بين شخص وآخر. البعض يؤمن باننا نملك الخصال نفسها في شخصيتنا بغض النظر عن الدور الذي نلعبه.
فالشخص مثلاً يميل الى اعتبار نفسه يراعي مشاعر غيره سواء كان يشرف على فريق عمله أو يجالس إبنة أخيه. في المقابل البعض يعتبرون بأن شخصياتهم تختلف وفق الدور الذي يلعبونه.. مثلاً قاض حاسم له هيبته، وجد محب وحنون ومرح.
ثم طرح السؤال المثير جداً للإهتمام من قبل مافيرما توري تيليري، الأستاذة المساعدة في كيلوغ سكول أوف مانجمنت، فهي تساءلت ما إن كانت هذه الادوار المختلفة التي نلعبها تؤثر على صنع القرار الاخلاقي.
«هدف مثل أن يكون الشخص صالحاً من المحفزات القوية، فالغالبية تملك رغبة قوية في المحافظة على نظرة إيجابية لنفسها».
في بحثها الجديد وجدت تيليري بان الاشخاص الذي يعتبرون بان شخصيتهم هي واحدة بغض النظر عن الدور الذي يلعبونه هم الأكثر للتصرف بشكل اخلاقي من الذين تتبدل نظرتهم الى أنفسهم بإختلاف الدور الذي يلعبونه.
أن يتم إعتبار الشخص صالحاً هام جداً للفئة الاولى لانهم في حال تصرفوا بشكل لا أخلاقي فهي دور معين فإن النظرة السلبية للذات ستمتد وتطال كل الادوار الاخرى التي يلعبونها. وبالتالي تجنب الصورة السلبية عن الذات تحفزهم من أجل التصرف بشكل أفضل.
التداخل بين الخصال والأفعال الأخلاقية
الدراسات السابقة كانت قد أكدت وجود علاقة بين الخصال الشخصية التي نملكها في مختلف الهويات وبين طريقة تعاملنا مع التوتر. مثلاً، العلماء وجدوا بأن طلاب الجامعات الذي يقولون بأنهم يملكون هويات أقل، وبأن خصالهم الشخصية هي نفسها بغض النظر عن الدور الذي يلعبونه في حياتهم، يختبرون توتراً جسديا ونفسياً بعد أحداث مؤثرة. بينما الذين يصنفون أنفسهم بانهم يملكون هويات مختلفة وعديدة وادوار متنوعة يلعبونها لا يختبرون التوتر نفسه.
ولكن الدراسات بشكل عام لم تبحث في موضوع الصورة التي يكونها الشخص عن نفسه وكيف يمكنها ان تؤثر على التصرفات المستقبلية. في سلسلة من التجارب تيريلي وأليسون لايت من جامعة فيلدلفيا للعلوم قامتا بقياس الافكار التي يكونها البشر عن انفسهم وكيفية تأثيرها على تصرفاتهم.
في الدراسة الاولى طلب من أكثر من ٢٥٠ شخصاً بذكر كلمات تصف شخصياتهم والهوية العامة لها مثل أب أو مدير أو غيرها من الصفات ثم طلب منهم إختيار صفة لها مثل «تنافسي» «اجتماعي أو سهل المعشر وغيرها. كما طلب منهم ذكر ما إن كانوا يختبرون المشاعر نفسها بغض النظر عن الهوية التي يعتمدونها.
الأشخاص الذين تبين بأنهم يشعرون بالطريقة نفسها بغض النظر عن الهوية التي يعتمدونها استخدموا الصفات نفسها على كل اللوائح أما الذين يختبرون مشاعر مختلفة بإختلاف الهوية لم يملكوا العديد من الصفات المتشابهة.
ثم تم عرض ١٢ موقفاً مختلفاً على المشتركين، مثل ما أن كانوا قد يقومون برد المال في حال أخطأ معهم شخص ما في الحسابات. الذين يملكون الصفات نفسها رغم إختلاف الهويات تصرفوا بشكل أخلاقي بينما الذين لا يملكون صفات مشتركة بين الهويات لم يتصرفوا بشكل اخلاقي.
الشعور نفسه الذي قد نختبره بغض النظر عن الهوية التي نلعبها يجعل تحويل المشاعر الى أجزاء منفصلة عن بعضها البعض صعب. وكما قمنا بعمل غير أخلاقي حين نكون بشخصية محددة فإن كل الشخصيات الأخرى ستتأثر وتشعر بالسوء.
النجاح ليس بالجسد.. كيف خرج هؤلاء من دوامة الإعاقة إلى قهر المستحيل؟
تغيير وتبديل النظرة إلى الذات
ما الذي يعنيه هذا التقاطع، أو انعدامه في الصفات بالنسبة الى التصرفات الأخلاقية؟
في هذه المرحلة كان التركيز على التلاعب بالدرجة التي ينظر الأشخاص الى أنفسهم وهوياتهم على أنها متشابهة او مختلفة.
كما في التجربة الأولى طلب منهم تحديد الهوية ولكن عوض وضع الصفات طلب من بعض المشتركين وصف الطريق التي يتصرفون بها بشكل مماثل بغض النظر عن الهوية، بينما طلب من البعض الاخر التركيز على التصرفات المختلفة.
مجدداً كان الإختبار إعادة المال الفائض للشخص الذي أخطأ بالحسابات . الفريق الذي طلب منه التركيز على التصرفات المشتركة قام بقرارات اخلاقية خلافاً للفريق الذي طلب من التفكير بالإختلافات بين التصرفات وفق الهوية.
النتائج هذه أوضحت بأن الطريقة التي يقوم من خلالها الشخص بالربط بين جوانب هوياته المختلفة تؤثر على القرارات التي يتخذها حين يكون امام معضلة أخلاقية.
ولكن كل التجارب اعلاه كانت من الناحية النظرية، طلب منهم توقع نتيجة رمي عملة، في واحدة من التجارب طلب منهم فقط الإفصاح عما ان كانوا قد حصلوا على النتيجة التي قاموا بتوقعها. في التجربة الثانية تم منح مكافأة مالية لكل شخص تصدق توقعاته.
عندما لم يكن هناك مكافأة مالية النسب كانت متطابقة عند الجميع ولكن حين تم إضافة المكافأة المالية، ٨٢٪ من الاشخاص الذي ينظرون الى شخصياتهم بطريقة مختلفة قاموا «بزيادة» عدد توقعاتهم الصحيحة. أما الفئة الاخرى فنتائجها لم تختلف أي الشعور الثابت حول الذات بغض النظر عن الهوية يعني قرارات صادقة وأخلاقية أكثر.
ما الذي تعنيه هذه النتائج في حياتنا اليومية
من الصعوبة بمكان التنبوء بالطريقة التي ينظر الشخص الى هوياته المختلفة ولكن مما لا شك فيه ان النظرة تلك يمكنها ان تتبدل وفق الموافق. الشركات يمكنها الإستفادة من هذه النتائج، من خلال جعل الاجواء العامة اكثر راحة للموظف بحيث يشعر بما يكفي من الامان كي يجلب شخصيته «الخاصة بالمنزل» الى مكان العمل لان ذلك يعني موظفين اكثر صدقاً واكثر ميلاً لإتخاذ قرارات اخلاقية في مكان العمل. الشركات التي تسهل عملية الدمج بين الشخصيات ستوفر على نفسها الكثير لانها ستتخلص من مشاكل شائعة وهي قلة الصدق، والتصرفات اللاخلاقية واللامهنية للبعض.
الكثير من تحمل المسؤولية والتوتر.. لهذا الناس الناجحون هم أكثر تعرضاً لخطر إدمان المخدرات والكحول
المصدر: ١