امتلاك كاريزما أمر جيد للقادة ولكنها لعنة للتابعين
يعتقد كثيرون أن الكاريزما أحد العناصر الهامة التي يجب أن يتمتع بها الأشخاص المؤثرين أصحاب النفوذ، فمن الضروري أن يمتلك القادة والفنانين والإعلاميين كاريزما تجعلهم قادرين على التواصل والتأثير على اتباعهم.
وعلى مدار التاريخ نرى أن هناك الكثير من الأشخاص الذين تمكنوا من خلال الكاريزما التأثير على اتباعهم، ما ساعدهم على اتخاذ قرارات حاسمة غيرت من شكل العالم، ومن بينهم رئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل بالكاريزما، وكذلك السياسية والممثلة الارجنتينية إيفا بيرون، وأيضًا الزعيم الجنوب أفريقي نيلسون مانديلا، والزعيم النازي أدولف هتلر.
يقول يوخين مينجز، الباحث والأستاذ في إحدى الكليات المرموقة، إنه سواء أعجبك الأمر أم لا، فإن الكاريزما مهمة جدًا خاصة عندما يتعلق الأمر بالقيادة، ولكن يجب أن نكون مدركين قوة الاقناع.
الكاريزما هي القوة التي تستطيع من خلالها حشد الناس في الأوقات الصعبة، ولكنها في الوقت نفسه قد تؤدي إلى اضعاف الأشخاص، وجعلهم يقبلون إجراءات وسياسات أو شروط غير حكيمة، وعندما يتعلق الأمر بالقيادة السياسية أو المهنية، فإن الكاريزما تكون أكثر أهمية مما نتصور، وربما يكون لها تأثيرًا سلبيًا وضارًا، وفي السطور التالية سنتحدث عن الجانب المُظلم للكاريزما والشخصية الساحرة.
الجانب المُظلم للكاريزما
من المعروف أن القادة أصحاب الكاريزما يلهمون أتباعهم، أو على الأقل يثيرون مشاعرهم، إلا أن جوشن مينجز، الباحث الألماني والأستاذ في جامعة كامبريدج البريطانية، يقول إن هناك مجموعة من الحقائق التي لا يعرفها أحد عن الكاريزما، فهي ليست جيدة جدًا ومفيدة كما نعلم جميعًا، ولكن لها جانب مُظلم جدًا ومُضر.
يقول مينجز إنه دائمًا ما يُنظر إلى الكاريزما باعتبارها قوة إيجابية، ولكن ذلك غير صحيح، ويرجع هذا الخطأ إلى تركيز معظم الأبحاث على القادة وليس أتباعهم.
علاوة على ذلك، فإن أغلب المرضى النفسيين أو الأشخاص الذين يعانون من مشاكل عصبية يملكون كاريزما رائعة وشخصية جذابة، والسبب الرئيسي تأثيرهم الساحر هو أنهم يغلبون من إخفاء عيوبهم ومواجهة المجتمع من خلالها.
الكاريزما تسبب الإدمان
كما أن الكاريزما قد تدفع أصحابها إلى الجنون، فخلصت الأبحاث إلى أنه أحيانا ما يصبح الزعماء أصحاب الكاريزما مدمنين لحب اتباعهم، وبعد زوال مفعول سحرهم عن اتباعهم يبذلون كل جهدهم من أجل استعادة حبهم، والشعور بأنهم لا يزالوا في القمة، ويرفضون الاعتراف بأنهم فقدوا شعبيتهم، ويمتنعون عن الاعتراف باخطائهم، وهذا ما حدث مع رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير، والذي لا يزال يؤكد أن غزو العراق كان انتصارًا أخلاقيا، رغم أن معظم البريطانيين باتوا الآن يشعرون بالعار لمشاركة بلادهم في الغزو العراقي.
القمع العاطفي
ووجدت الدراسات أن القادة ذوي الكاريزما قد يجعلون اتباعهم يعانون من القمع العاطفي، وهو أمر خطير إذ أثبتت بعض الدراسات أن قمع العواطف يمتص الموارد العقلية، ويؤدي إلى تدهور الأداء المعرفي ما يؤثر بدوره على الذاكرة. عندما يتم كبت الأشخاص ومنعهم من التعبير عن أنفسهم وقمعهم عاطفيًا، تضعف قدرتهم على اتخاذ القرارات الحاسمة، وتضعف شخصياتهم، ويصبحون أكثر عرضة للخنوع والاستسلام للقادة أصحاب الكاريزما.
لماذا لا تطبع دولتك المزيد من الأموال لدحر الفقر وصناعة الأغنياء؟
ولا يعني ذلك أن كل القادة ذوي الكاريزما عازمون على التلاعب بالناس، فانظر مثلاً إلى نيلسون مانديلا أو غلوريا ستاينم، فهؤلاء الأشخاص استخدموا كاريزمتهم من أجل إحداث تغيير في المجتمع، ومع ذلك فمن الضروري أن تعلم أنك إذا أردت إقناع متابعيك بالمساهمة أو المشاركة، عليك أن تقديم رسالتك فقط، ليس من خلال الخطب فقط ولكن أيضًا باستخدام أدوات مثل الرسائل الإخبارية، والمقالات، والمقالات، والصيغ الأخرى التي تتمكن فيها من إقناع الناس دون إجبارهم على تبني وجهة نظر معينة.
والأهم من ذلك، هو أننا نحن كأتباع محتاج إلى أن تكون أذهاننا صافية، وعلينا أيضًا ادراك أنه خلال مواقف معينة مثل الأزمات الاقتصادية أو فترات الاضطراب الاجتماعي، يمكننا أن نكون أكثر عرضة للتأثير، لذلك يجب أن نكون أكثر حذرًا، وأن نحترس من الوقوع فريسة لزعيم أو قائد ديكتاتور يستغل كاريزمته في التأثير علينا، من الضروري أن نذكر نفسنا دائمًا بأنه شخص عادي.