منعطف التغيير
في تجربة كل إنسان، هناك محطات مفصلية، وقرارات تغيّر مسار حياته. وقد يكتشف أن تغييرات حصلت في حياته، كان يعارضها في وقتها، ولكنه لاحقاً أدرك أنها ربما من افضل الاشياء التي حصلت.نحن في الأغلب نخاف التغيير، ونميل الى الاحتفاظ بأساليب حياتنا وفكرنا نفسها، لكن لو راجعنا حياة الناجحين، لوجدنا أن واحداً من القواسم المشتركة التي تجمع معظمهم، هو تقبلهم للتغيير، ومرونتهم في التكيّف مع المتغيرات.
هذه القدرة التي تجعل الاشخاص يفكرون بطريقة مختلفة، وكما يقولون: "خارج الصندوق"، لأن الصندوق هو الذي اعتدناه، وخارجه هو الفضاء الجديد.
تجربة مسار الحياة، مراحل، ولكل مرحلة جمالها ومعطياتها. وليس المقصود بالتغيير، اختزال المراحل، بل بالعكس، فمن المهم أن نعيش كل مرحلة في وقتها. نخطئ حينما نستعجل المراحل، وكأننا في لهاث دائم للّحاق بشيء، وهذا الشيء كالسراب، لأنه يقودنا الى مرحلة أخرى.
العمر هو ما نعيشه الآن، والماضي صفحة طُويت، والمستقبل مجهول. جمال الرحلة في الطريق وليس في الوصول.
نربط سعادتنا بشروط خارجية، ونتوقع أننا بمجرد الحصول عليها، فإن ابواب السعادة سوف تُفتح لنا، وهو مجرد وهم، فالسعادة تنبع من الداخل، أما المرتبطة بالخارج، فهي سعادة مشروطة وغير حقيقية.
نحن نستطيع أن نصنع سعادتنا ونتكيّف مع واقعنا؛ فالثراء مثلاً عامل خارجي، وفي حقيقته مجرد مجهر مكبّر لما هو داخلنا، فإذا كان الإنسان من داخله تعيساً، فهذا يزيده تعاسة، وإذا كان من الداخل سعيداً، فكل ما يحصل سوف يزيده سعادة.
نسعى دائماً للتمسك بالاشياء والاماكن، ونعتقد أننا اذا انتقلنا الى الشاطئ الاخر، فسوف نخسر أنفسنا، لكننا لايمكن أن نكتشف جمال الشاطئ الآخر قبل إبحارنا؛ فالحياة إما قرار تتخذه، أو تبقى على الهامش، ولهذا فمن عدالة الحياة، أنها تمنحنا الفرص المهمة في الاوقات التي نحتاج إليها. كما أنه في الأغلب، حينما يغلق باب، تنفتح أبواب، ولكننا لا نراها، لأن نظرنا مركز على الباب الذي أغلق فقط.
لاشيء يستمر الى الأبد، لذلك من الضروري أن نمنح أنفسنا فرص الاكتشاف والابحار. العمر رحلته قصيرة، ولكن هناك من يعيش يوماً واحداً مضروباً في عدد أيام عمره، وآخر يعيش حَيَواتٍ مختلفةً في عمر واحد، والقرار دائماً لنا. نحن نحاول أن نربطها بالظروف ونعطي لأنفسنا المبررات، ولكن الناجحين هم الذين يمتلكون قوة المواجهة والارادة، ويخرجون من دائرة التبريرات والأعذار، ليواجهوا أنفسهم بالحقائق، ويفرضوا التغيير الذي يريدون.
السطر الأخير:
كثير من قرارات التغيير ممكنة التنفيذ، ما عدا طريقة تفكيرنا، فإنها تحتاج إلى نَفَس طويل.