ماذا يحدث في دماغ المرأة؟
محمد النغيمش
"النساء أكثر عرضة من الرجال للقلق والكآبة والحزن". هذا ما قاله أستاذ علم النفس العلاجي clinical دانيال فريمن من جامعة أكسفورد. ولا يبدو أن هذا رأيا شخصيا فهناك بالفعل دراسات وتجارب على أرض الواقع تؤكد أن المرأة التي نتحاور معها يحدث في دماغها وجسدها أنشطة تؤثر على سلوكها، الأمر الذي يجعل القسوة في نقدها ومقارنتها بالرجل مسألة يجانبها الإنصاف.
لاسيما وأن النساء بالفعل "يتعرضن إلى مشكلات صحية ذهنية أكثر من الرجال وذلك بنحو 20 إلى 40 في المائة" بحسب ما ذكره د.فريمن في تقرير لصحيفة التايمز اللندنية. والذي أشير فيه أيضا إلى استطلاع للرأي أجرته جمعية علم النفس الأمريكية APA عن الضغوطات في أمريكا عام 2012 تبين فيه أن "النساء مازلن يشعرن بمعدل ضغوطات أعلى من الرجال". ففي مقياس من عشرة نقاط تبين أن نحو "ربع النساء (23%) يشعرن بضغوطات تصل لنحو 8 إلى 10 نقاط"! وهي أعلى مستويات الضغوطات.
وتتفاوت الأسباب التي تؤثر على مزاج المرأة منها ما يعترضها من دورة شهرية تجعل مزاجها مضطربا لاسيما عند تأخرها عن موعدها المعتاد، بحسب الخبراء، الأمر الذي ينعكس على مزاجها ويزيد الطين بلة خصوصا حينما تعترض المرأة نوبات من الضغط الحياتي المتواصل.
قد يبدو أن المرأة تهتم بنفسها لكن الواقع أن دماغها مفطور على حمل همها وهم غيرها، كأبناءها وزوجها وسائر ما يقلقها. وهي كما يصفها أستاذ علم النفس د. جون غراي "تهتم كثيرا بمشاكلها ومشاكل غيرها" وذلك في كتابه الرائع "الرجال من المريخ والنساء من الزهرة".
وتصف الكاتبة الفرنسية "آلين ويلر" المرأة في كتابها الجميل "المرأة والرجل أسرار لم تنشر بعد" فتقول إن "دماغ المرأة مفطور على مراقبة الناس وفهم تصرفاتهم والتأكد من أنهم بحالة جيدة"! وأنها "تعيش حياتها وحياة غيرها"، بمعنى أنها علاوة على انشغالها في وظيفتها وواجباتها فإنها تعيش هموم أبناءها وتدرسهم وتآزرهم وكأنها هي التي ستقدم الاختبارات! كما لاحظ علماء أيضا أن الكهرباء في دماغ المرأة في لحظات سكوتها تتحرك بنسبة 90 في المائة مقارنة بالرجل الذي لا يتحرك سوى 10 في المائة منها، فهي حتى وإن كانت صامتة إلا أن ذهنها يبقى في حالة نشاط دائم.
كل هذا الذي يجري في دماغ المرأة يجعلنا نلتمس لها العذر حينما يتقلب مزاجها مثلما تتقلب أمواج البحر العاتية. ونقول ذلك ليس "شفقة" بل إعجابا بهذا المخلوق الكريم الذي وهبه الله تعالى من القدرات ما يمكنه فعل أكثر من شيء في آن واحد وهذا ما ثبت علميا في دراسات أجريت على دماغها العجيب الذي يصغر عن حجم دماغ الرجل بمعدل 8 في المائة لكنه إن لم يكن يجاريه فإنه يتفوق عليه أحيانا. غير أن الحق أن الرجل والمرأة لا يستطيعان العيش بمفردهما فكلاهما يكمل الآخر.